"قطارات وخدمات مُتهالكة".. سكك حديد مصر "رحلتك الأخيرة"..تقرير
حالة من الترقُب والقلق تسود المكان، مسافرون يتوقعون الموت في أية لحظة، أقدامهم قد تسيّرهم ليلقوا حتفهم والانتقال إلى العالم الآخر، حالة من الهدوء الحذر الذي يسبق العاصفة، لا يعرف أحد على وجه التحديد متى سينفجر؛ ليخلف وراءه كارثة جديدة، هم ركاب ينتظرون أول قطار يخرج من محطة مصر بعد حادث التصادم المروع الذي وقع للقطار رقم 570 بآخرٍ، أمس الجمعة في منطقة خورشيد بالإسكندرية، والذي أودى بحياة 40 مسافرًا وقرابة 133 مصابًا.
رافقت المسافرين في أول رحلة قطار عقب كارثة أمس، فما أن تطأ قدماك مدخل محطة مصر، تجد العشرات من المواطنين يفترشون الصالة الكبرى المخصصة للاستقبال، وبمحاذاة كل رصيف تجد عشرات آخرين مثلهم، بعدما لفظتهم مقاعد الاستقبال ولم تستطع استيعابهم جميعًا، فكل بحث له عن موضعٍ بعدما تأخرت جميع القطارات المتجه إلى القاهرة، والقادمة منها أيضًا إثر الحادث.
حالة الخوف والترقب، لاحظها "عم علي" كُمسري القطار، الذي يعمل على خط دمياط – القاهرة، الذي أكد في حديثه أن جميع القطارات تأتي متأخرة منذ الحادث الأليم وحتى الآن"، موضحًا أنه أدى إلى تعطل عودة القطارات التي ذهبت هناك قبله، ولم تستطع العودة إلى القاهرة، وتعطل خروج باقي القطارات لعدم وجود جرارات لها.
ويشير "عم علي" إلى أن حادث خورشيد تسبب في نقص عدد جرارات القطارات التي تتبادلها سويًا، في حين أن قطارات الإسكندرية المتصادمة لم تستطع العودة بعد الحادث، مما أدى إلى نقص أعداد الجرارات وتأخرت مواعيد كل القطارات في محاولة لتوفير جرارٍ لها.
لم تختلف حالة الترقب والخوف على شباك الاستعلامات، فلم يكن هناك سوى 4 مسافرين يقابلهم ثلاثة موظفين من الاستعلامات يقف جميعهم صامتين، توجهنا إليهم للاستفسار عن مواعيد مجيء القطارات فجاءنا الجواب سريعًا قاطعًا: "معندناش معلومات".
رافقنا الركاب أيضًا في ساعات الانتظار المرتقبة المتأملين في مجيء قطار يأخذهم إلى حيث وجهتهم، تقول "سلمى" في الثلاثين من عمرها إنها تمكث في المحطة منذ ساعتين انتظارًا لقدوم أحد أقاربها القادم من محافظة دمياط، مشيرة إلى أنه تأخر كثيرًا عن موعده المحدد.
وتضيف قائلة: "إنها حين حاولت الاستفسار من موظفي الاستعلامات عن مواعيد القطارات اليوم، وهل تم إلغاء أم الرحلات أم لا، لم تجد إجابة واضحة، وجاء القطار بعد موعده المحدد بحوالي ساعتين".
على رصيف رقم 2، يمكث أحمد خالد، رجل في الخمسين من عمره، في أماكن الانتظار الخاصة بالقطار المتجه إلى الإسكندرية، فعقب ساعة كاملة أتى القطار، ودخل الركاب وكل أخذ مقعده إلا أنه لم يتحرك فخرج الجميع منه لاستطلاع الأمر لكن دون مجيب.
"عم محمد" كُمسري ذلك القطار، يعلق على حادث أمس مؤكدًا على أن أغلب السكك الحديد في المدن الكبيرة مزدوجة، أي تسمح لقطارين بالمرور بمحاذاة بعضهما، ولكن بعد حادث أمس لا يتوافر أمامنا الآن سوى طريق فردي واحد يسمح بمرور قطار واحد، وبسؤاله عن انتظام حركة القطارات أكد أنه بمجرد رفع حطام قطار الإسكندرية ستعود حركة القطارات كما هي.
ولم يكن الوضع خارج محطة مصر مختلفًا، بل حالة الترقب مازالت موجودة، فمع التشديدات الأمنية التي بلغت ذروتها أمام بوابات المحطة تكدس العشرات من المواطنين في محاولة منهم لوضع حقائبهم على البوابات الإلكترونية.