راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

رغم الخلاف بين مصر وتركيا.. الأزمة الاقتصادية العالمية تصنع مساحات تفاهم بين البلدين

وكالات
شهدت الفترة الأخيرة، خلافاً واضحاً في وجهات النظر بين تركيا ومصر، ولا سيما بعد سقوط جماعة الإخوان المسلمين من على رأس الحكم في مصر، إلا أن الازمة الإقتصادية العالمية، دفعت كلتا الدولتين، لوضع هذا الخلاف جانباً، وبحث فرص الاستثمار بين البلدين، وننشر لكم في التقرير التالي ما نشرته الوكالات العالمية بهذا الشأن.
تعود العلاقة الديبلوماسية بين القاهرة وأنقرة إلى العام 1925، وقد بلغت الذروة بعد وصول القيادي الإخواني محمد مرسي إلى منصب رئيس الجمهورية في مصر في يونيو 2012، إذ لعب الدور التركي دوراً مؤثراً في السياسة الخارجية المصرية بفضل سياسة المعونات والإقراض من دون فوائد أو بفوائد مخفضة. غير أن التطور الذي أحدثه عزل مرسي بعد عام واحد من توليه منصبه، كانت له تأثيرات سلبية على الاستراتيجية التركية في المنطقة. ودأبت أنقرة عقب عزل مرسي في 3 يوليو 2013 على وصف المشهد السياسي في مصر بـ «الانقلاب العسكري».
وثمة مؤشرات تلمح إلى تطور في العلاقة الاقتصادية بهدف استكشاف فرص استثمارية مشتركة، مع زيارة وفد من رجال الأعمال الأتراك القاهرة في يناير الماضي، وهي الأولى من نوعها منذ عزل مرسي. وأجرى أعضاء الوفد محادثات في شأن فرص الاستثمار في مصر، في مؤشر إلى تحسّن طفيف في العلاقات على الصعيد الاقتصادي. على صعيد متصل؛ نظَّمت جمعية رجال الأعمال الأتراك- المصريين مؤتمراً موسعاً في 18 فبراير الجاري، لتعميق التعاون الاقتصادي بين البلدين، وبحث فرص الاستثمار، والتبادل التجاري.
ومع تولّي بن علي يلدريم في مايو 2016 منصب رئيس الوزراء في تركيا؛ انتشرت تكهّنات حول إمكان تحسُّن العلاقات مع مصر، بالاستناد إلى إشارات؛ في مقدمها تراجع اللغة الخشنة للمسؤولين الأتراك تجاه القاهرة، والنهج البرغماتي لحزب «العدالة والتنمية» الذي أدرك انتهاء صلاحية الاستثمار في البعد الأيديولوجي في سياسته الخارجية من خلال دعم جماعات الإسلام السياسي، خصوصاً أن ورقة «إخوان مصر» لم تعد ذات جدوى. وحرَّكت تصريحات يلدريم، المياه الراكدة تحت جسر العلاقة بين البلدين، إذ أكد الحرص على تطبيع علاقات بلاده الاقتصادية مع مصر. وعَكَسَ لقاء وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو نظيره المصري سامح شكري، على هامش قمة حركة عدم الانحياز في فنزويلا في 17 سبتمبر 2016، رغبة مشتركة في تجاوز الخلاف بين البلدين.
وهناك دوافع عدة يمكن أن توفر بيئة خصبة لعودة تدريجية للعلاقة، أو تجميدها من دون السماح بتدهورها، أولُها تصاعد تأثير رجال الأعمال الأتراك كجماعة ضغط نافذة في صنع السياسات داخل تركيا، والظاهر أن هذه الأوساط ما كان لها أن تتحمس لتحسين العلاقات مع القاهرة إذا كانت تخلو من تحقيق مكاسب اقتصادية. ويشار إلى أن التبادل التجاري بين البلدين، بلغ 4,1 بليون دولار في العام 2016 مقارنة بـ 3 بلايين عام 2015. ويصل حجم الاستثمارات التركية في مصر إلى 5 بلايين دولار، وهي مرشحة للزيادة، بحسب ما ذكر أتيلا أتاسيفين؛ رئيس «جمعية رجال الأعمال الأتراك- المصريين»، إذ لفت إلى أن قيمة الاستثمارات التركية المخطط ضخها في مصر في المرحلة المقبلة، قد تصل إلى 5 بلايين دولار في مجالات الطاقة والتعدين والتعليم والصحة والصناعات الكيماوية والهندسية. وثانيها؛ تعثّر الاقتصاد في البلدين، وحاجتهما إلى فتح دوائر تجارية جديدة. فمصر تعاني من وضع اقتصادي مأزوم، بوصول معدل البطالة إلى نحو 12,7 في المئة وارتفاع التضخم إلى 29,6 في المئة، وتراجع الاستثمار الأجنبي، فيما تشهد تركيا تراجعاً في معدلات النمو في ظل انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار بنحو 20 في المئة وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 44,3 في المئة خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2016 مقارنة بالفترة نفسها من العام 2015. ويلاحظ أن وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني الدولي خفَّضت في نهاية الشهر الماضي التصنيف الائتماني لتركيا إلى «عالي المخاطر»، وخفّضت تصنيف الديون السيادية لتركيا إلى (+BB) مع نظرة مستقبلية مستقرّة. وسبق أن خفَّضت وكالة «ستاندرد آند بورز» في يوليو الماضي التصنيف الائتماني لتركيا من +BB إلى BB، إلى جانب تخفيض توقّعاتها الائتمانية لتركيا إلى «السلبية». ويرتبط الدافع الثالث بتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة في شأن جماعة «الإخوان المسلمين»، فهي تنظر إليهم باعتبارهم الغرفة الخلفية للإرهاب الإسلاموي، وإن لم تكن القلب الفعلي لحركات الإرهاب العالمية. وبرز ذلك في دعوة مقربين من إدارة ترامب إلى حظر جماعة الإخوان والأذرع المتفرعة منها.
وإذا كان توجُّه الإدارة الأميركية الجديدة مكسباً للنظام في القاهرة، فهو يلقي عبئاً إضافياً على الرئيس التركي الداعم للجماعة، ويجعله أكثر براغماتية باستدارة نحو تسوية سياسية لوضع التيارات الإسلامية في بلدانها بدلاً من تصعيد قد يضعه في مأزق مع القوى الدولية، وخصوصاً واشنطن وموسكو التي باتت تلعب دوراً محورياً في الأزمة الليبية عبر دعم جناح الشرق الليبي وعملية «الكرامة التي يخوضها اللواء خليفة حفتر على حساب الجناح الغربي القريب من أنقرة «تحالف فجر ليبيا».
إضافة إلى ما سبق، فإن المعارضة التركية لا تحمل توجهات معادية لمصر، كما تتعالى أصوات داخل حزب «العدالة والتنمية»، في شأن ضرورة تطوير السياسة الخارجية حيال دول الإقليم، خصوصاً مصر وسورية وليبيا. والأرجح أن عودة الاهتمام التركي بليبيا التي تملك القاهرة أوراقاً نافذة فيها مع موسكو قد تفرض عليها التهدئة مع القاهرة، والانخراط في التحرّكات الهادفة لدفع الحل السياسي في ليبيا، ولكن في شكل براغماتي، وبما يضمن مصالحها الاقتصادية، حيث بلغت الاستثمارات التركية في عهد القذافي نحو 15 بليون دولار، غير أنها فقدت جزءاً معتبراً منها بسبب قرار حكومة الشرق الليبي التي تحظى بدعم القاهرة إيقاف التعامل مع الشركات التركية بسبب دعم تركيا للإسلاميين في الغرب.
وفي هذا السياق تراجعت تركيا عن خيار إسقاط الأسد وانخرطت في تسوية سياسية للأزمة السورية مع موسكو، كما أعادت في يناير الماضي افتتاح سفارتها في ليبيا بعد ثلاث سنوات من إغلاقها عام 2014 نتيجة اندلاع الحرب الأهلية. وخلاصة القول إن التعاون الاقتصادي بين أنقرة والقاهرة والذي شهد نقلة نوعية خلال العامين الماضيين قد يمثل رافعة لعودة تدريجية للعلاقات السياسية، وربما تمثّل المتغيرات الدولية والإقليمية عاملاً آخر في تهدئة التوتر بين تركيا ومصر، لا سيما أن كليهما يعاني ضائقة اقتصادية، فالأولى خسرت ما يقرب من 100 بليون دولار بسبب الانقلاب الفاشل في يوليو الماضي، بينما اقترضت الثانية 12 بليون دولار من صندوق النقد الدولي في محاولة للقفز على اقتصاد متعثر.

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register