راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

فتوات الإسكندرية للـ"رجولة" عنوان حميدو يرفض الركوع لـ"ريالات الخديوى" و..عم منصور "أبو كف حديد"

"أم كلثوم" تطلب مقابله زوجة "عبد العال" و…"إسماعيل أحمد" شبيه الملك

asharqeye1.521422

محب فهمى

فتوات الإسكندرية لهم قصص ونوادر… عالم له رموزه ومصطلحاته لم تنشر الصحافة عنهم شيئا ولم يكتب عنهم أدباء الإسكندرية، وفتوة الإسكندرية يختلف عن فتوة نجيب محفوظ الصعيدى، والفلاح فبجانب أنه ابن البلد المجدع الشهم الجرئ أبو أحمادات نصير الضعيف لا يقبل الظلم أو الإهانة يدافع عن العرض فهو يتحلى بالصدق والأمانة وعزة النفس سلاحه فى العراك ذراعه بلا عصى و"الروسية" الإسكندرانى.

 
وهذه الصفات تميّزه عن البلطجى كذلك لهم مواقف وطنية حان وقت حكيها وكونى عاصرت وصادقت فتوات الإسكندرية فى أحيائها وشوارعها وحواريها وأزقتها كان لزاما على أن اكتب السيرة الذاتية لمن وسعتهم ذاكرتى حتى لا يسقطوا من ذاكرة التاريخ هم كثيرون قلوبهم من الفولاذ .

 
ومصداقيتي فى هذا المقال هو حكى الأبناء والأحفاد كذلك شهود العيان فيمن تجاوزوا التسعين من العمر والصور الفوتوغرافية وسوف أبدأ بذكر أسماء هؤلاء الأفذاذ أولهم الملك المتوج الحاج أحمد النونو – باب سدرة – ميدان باب عمر باشا وإسماعيل سيد احمد بمنطقة محرم بك ،حميدو الفارس حى بحرى منطقة الشمرلى ، حافظ عبد العال العمدة بمنطقة الوكالة بحى النزهة .
ومنهم أيضا على عبد العال بمنطقة محرم بك شارع بوالينو ، أبو خطوة – حى المنشية بالميدان ، وكثيرون : محمود البدرشينى ، جابر العربى ،سيد أبو راية ، حسن حميدة النجرو من حى محرم بك ، الحاج معروف بالوكالة بالنزهة ، سلامة الغلق الدندراوى رشيد ، هم كثيرون ساندوا فى استتاب الأمن وقت أن كانت قبضة الشرطة قبل الثورة ضعيفة وسأعرض سيرتهم قدر ما يتسع النشر وما يتاح لى من مساحة .

 
الفارس الأول "أحمد النونو"
منذ أكثر من سبعين عاما وأثناء الحرب العالمية الثانية 1939-1945 كان نشاطه هو تأمين وحراسة سينما أمير والتى يطلق عليها الآن السينما المحروقة بالبياصة وهى فى مواجهة السوق باب عمر باشا السوق خليط من البشر جزارين وسماكين وفكهانية وخبازين فرارجية من مختلف الجنسيات مصريين بين أرمن وشوام جريج ويهود .
والفتوة فى منطقته كالأسد الذى يحمى عرينه وكان له من صفات بسط سلطانه ما يمكنه من مواصلة مشواره وأن يستمر بلا انكسار ولقد كانت هناك خطوط حمراء لا يستطيع صحفى أو كاتب أن يقترب منها وما شجعنى أن أكتب هو صداقتى مع ابنه وأحفاده وثقتهم بى فقد زودونى بصور فوتوغرافية لم تنشر من قبل وفارسنا أحمد النونو عرف خلال عصر الاحتلال البريطانى وكان الشيح والبعبع بالميناء وكان مرهوب الجانب وقتها كانت بريطانيا يطلق عليها سيدة البحار ترسل المؤن والعتاد لقواتها ضمن ثلاث سفن الأولى للجيش الانجليزي والسفينة الثانية للجيش المصرى ويقال السفينة الثالثة لأحمد النونو .

 
وقد كانت المفاجأة عند وفاته إذ عثر بالخزينة الخاصة به على خطاب شكر لمساعدته للقوات الفلسطينية ولم يستغله للإشادة بالبطولة فلم تكن تغريه النياشين التى تعلق على الصدور فإنها على حد قوله كأغطية زجاجة الكازوزة ولقد كانت تربطه صداقة وطيدة مع أشهر فتوات عصره كذلك له علاقة مع ابن إسكندرية ممدوح سالم رئيس وزراء مصر الأسبق كانت ثروته الحقيقية هى معرفة الرجال وقالوها زمان "معرفة الرجال كنوز".
إسماعيل سيد أحمد وقيادة الموتوسيكلات

 
فارسنا إسماعيل سيد أحمد كان يقطن بشارع جرين بحى محرم بك فى الخمسينات من القرن الماضى وكان وقتها تشاع مقولة للتمنى مفاداها "يارب ميت ألف جنيه وعربية شيفروليه وفيلا فى محرم بك " وفارسنا كان يشبه الملك السابق فاروق بالطربوش والنظارة وكان يرتدى جلباب كالمعلم ابن البلد واشتهر بقيادة نوع من الموتوسيكلات وقتها ماركة "هارلى" وقيادة هذا النوع يتطلب قوة جسمانية عالية وكان مسرح استعراضى بالموتوسيكل هو كورنيش الإسكندرية ويقال أنه يستطيع أن يخطف رجل على الموتوسيكل أثناء قيادته .
فارسنا ينحدر من أصول عريقة فى السياسة والثراء ودخوله لعالم الفتوات كان كنوع من التباهى ومن الأسرار التى لم ترو أنه كان يستخدم سيارة والده الذى كان يتمتع بحصانة سياسية فى إخراج أسلحة من الدائرة الجمركية بالإسكندرية بمساعدة صديقة أحمد النون لتمويل المقاومة الفلسطينية فى مهدها .

 
ويذكر له موقف وطنى مشرف انه قام بإيواء الرئيس أنور السادات بفيلته بمحرم بك فور وقوع جريمة مقتل أمين عثمان وذلك قبل قيام الثورة ولم ينس الرئيس السادات هذا الموقف وعندما تولى رئاسة الجمهورية كان وقتها فارسنا يقضى عقوبة بالمعتقل أرسل له السادات طائرة خاصة أقلته من المعتقل إلى منزله .

 
وقبل وفاته عام 1987 بأسبوع طلب من صديقه الوفى أحمد النون وأن يتولى ترميم مقبرة الأسرة وكأنه على موعد مع الموت لا نملك إلا أن نقول رحم الله رجل من أعظم الرجال .
حميدو عمر الخطاب " الفارس" ..

 
منطقة بحرى تضم الجمرك ورأس التين والسيالة والمرسى أبو العباس والشمرلى وحميدو هو ابن السيالة بقهوة النكشة وحاليا قهوة 6 أكتوبر أما نقطة الأنفوشى .
كان حميدو قصير القامة بدين وحجم رأسه كنصف بلاص العسل ذراعيه متباعدة عن جسمه تبرز عضلاته يرتدى سروال أبيض وطربوش مغربى فتوة السيالة الثانى وخليفته فى الزعامة وكثيرا ما نزل ضيفا على سجن الحضرة على مخالفات ارتكبها وضعته تحت طائلة القانون .

 
ومن أشهر القصص أنه كان يقام مهرجان سنوى لسباق القوارب بخليج الأنفوشى بين أهل راس التين وأهل السيالة وكان يمثل راس التين المعلم طلبه بقاربه الزيتونى اللون بمقدمه عبارة "دلوعة رأس التين".
وكان يمثل السيالة المعلم الدجيش بقاربه الأحمر وعليه رسم طير البحر وفى نهاية السباق الذى كان يحضره أفندينا عباس حلمى الثانى 1892-1914 ألقى للفائز عن السيالة الريس حميدو مجموعة من الريالات الفضية أبى حميدو الركوع لالتقاط الريالات ورحل بمركبة وفى اليوم التالى أراد الخديوى أن يعاقب حميدو فاستدعاه بقصر راس التين وسأل هل يستطيع التغلب على العبد بمنازلته فكان رده : ربنا كبير ، والتقيا بساحة القصر للنزال ووقف الخصمان فى حالة استعداد وقفز حميدو فى الهواء وكان من نصيب العبد "روسية" واحدة إسكندرانى أفقدت العبد وعيه وهنا أطلق الخديوى على حميدو لقب حميدو الفارس أما خارج القصر فكانت أخت حميدو تولول وقد أحضرت معها كفن لأخيها ظنا منها أنه سوف يلقى حتفه وعندما خرج منتصرا ومعه اللقب قابلته بالزغروته كذلك أطلق عليها الخديوى لقب "الفارسة" .
ومن العجب رغم شجاعته فكان لا يستطيع دخول المقابر عندما يُشيع صديق أو قريب وصدق المثل الذى

يقول "الموت هو قاهر الإنسان مهما بلغت قوته ".
واهم حدث أحزنه هو موت ابنه فلقد دهمه الترام أما مستشفى النقراشى على مقربة أمتار من السيالة فهرول لمكان الحادث وقام برفع قاطرة الترام من على القضيب .
كما أنه كان صديقا مقربا لزجالنا المبدع بيرم التونسى ونوادره كثيرة وللأسف لم تسجل وكل ما بقى هو حكى شاهد العيان الريس على كوته والذى قارب التسعين من عمره .
منصور أبو سجر فتوة الشمرلى
منصور أبو سجر من بحرى منطقة الشمرلى كان عربجى يمتلك عربة كارو يجرها حصان أبيض أصيل يقنع بقروش معدودة هى حصيلة دخله اليومى وحكايته نادرة ومضرب مثل فى القوة .
كان عمر منصور يوميا يقوم بتحميل عربته الكارو من رصيف ميناء الإسكندرية وكان وقع إيقاع خطوات حوافر حصانه على البلاط البازلتى السوداء القديم لها موسيقى خاصة أشبه بموسيقى الفلامنجو الأسباني .
عاش سويا يجمعهما الإسطبل فى المبيت يتقاسمان الطعام عم منصور طبق الفول المدمس بالزيت وحصانه الفول والشعير والتبن.. فى الراحة يدخن عم منصور حميته ويتناول حصانه بعضا من أعواد البرسيم الأخضر ، إجازتهما الأسبوعية يوم الجمعة وذات يوم وكانت العربة مثقلة بحمل ثقيل وكان عم منصور عكر المزاج أشار لحصانه بالتراجع للخلف ولم يمتثل الحصان فما كان من عم منصور إلا أن صفع الحصان بقبضة يده على مقدمة رأسه وهنا خر الحصان على أثرها صريعا وكان يبكى بغير دموع وعلى أثر هذا الحدث لقب عم منصور بأبو كف حديد ورغم شهرته بالقوة لم يستطع أن يسامح نفسه فما قيمة القوة مقابل خسارة عزيز لديك ؟
حافظ العمدة وأم كلثوم
كما يوجد بالقاهرة سوق للخضار والفاكهة بروض الفرج والذى نقل حديثا خارج القاهرة وأصبح اسمه سوق العبور وأجمل ما قدمته السينما المصرية عن هذا السوق هو فيلم الفتوة للعملاق فريد شوقى كذلك يوجد بالإسكندرية وكالة الخضار والفاكهة بالحضرة، ولكن فتوة الإسكندرية فارسنا رغما من أنه كان من أشهر سميعة كوكب الشرق أم كلثوم وكان من شدة ولعة بالست كان يستخدم كلمات أغانى أم كلثوم فى معاملاته التجارية بالبيع والشراء .

 
وعالم الوكالة يبدأ مع خيوط الفجر وينتهى ببزوغ الشمس وبعيدا عن العراك فللعمدة طرائف ونوادر كثيرة منها هذه الطرفة كان للعمدة مقعد يحجز بالصف الأول فى حفلات الست وجاء يوم طلبت منه أم كلثوم أن يحضر زوجته للتعرف عليها وعاد العمدة لمنزله وهو فى حالة صمت على غير العادة وأحست به زوجته وسألته عن سر صمته اخبرها أن ام كلثوم تدعوها لحفلتها القادمة والمشكلة أنها لم تعتد على الخروج وأشار عليه صديق أن يصطحبها معه يوم الحفل إلى محلات هانو وهناك سوف يقومون بعمل اللازم من جهة الملبس والماكياج وفعلا اصطحبها معه يوم الحفل وتم بمحلات هانو عمل اللازم بفستان سواريه وحذاء وحقيبة وماكياج كامل وعندما خرجت لم يعرفها زوجها وكانت جملته الشهيرة "يا لهو بالى عليكى يا بخيتة" وخرجا معا ومن هانو بالمنشية إلى مسرح الهمبرا بمحطة الرمل تاهت فيه بخيته ثلاث مرات وفى الصف الأول جلسا سويا العمدة وزوجته بخيتة وعلا هتافهما سويا "عظمة يا ست ".

 
عبد العال وسوق السمك ..
كما يوجد بالقاهرة فى منطقة غمرة سوق السمك والذى صور فيه فيلم شادر السمك للمثل الرائع الراحل أحمد زكى كذلك يوجد بالإسكندرية بحى الأنفوشى حلقة للسمك وهى من أقدم معالم بالإسكندرية وفيها يتم توزيع الأسماك على جميع أسواق أحياء الإسكندرية .
وقصة فارسنا دارت أحداثها فى مطلع الخمسينات من القرن الماضى ومسرحها هو شارع بوالينو بحى محرم بك .
كان الريس على عبد العال بائع الأسماك وكان رحمة الله عليه وسيم ورياضى وصوته به بحة الرجولة ولقد عاصرت معركة دارت بينه وبين بائع سمك سريح وافد من الصعيد يدعى الشرقاوى وعندما اشتعلت المعركة وتكالب الصعايدة على الريس على قام بطعن الشرقاوى بطعنات نافذة قاتلة .

 
وعلى أثر هذا الحادث قام قطار الصعيد محمل بالصعايدة لأخذ الثار وكان يوجد بكل حى رجل حكيم يؤخذ رأيه فى حل المشاكل وتم عمل سرادق كبير بشارع بوالينو واجتمع فيه أفراد العائلتين بحضور مأمور قسم محرم بك ومدير الأمن وتم حسم المشكلة بالتصالح وتصافح الجميع ومازال نشاط تجارة السمك للريس على مستمرة حتى الآن قالوها زمان الأدب زينة الرجال".
والفتوة زمان أدب وذوق وحكمة نريد أن نتواصل مسيرة أولادنا على التسامح والحب والخير .
الفرسان الثلاثة البدرشينى و العربى و أبو راية
الأول محمود البدرشينى رجل من أشجع الرجال وهو نوع من العيار الثقيل لا يعرف الغرور أو التكبر كان يقيم فى بواينو عرفان بحى محرم بك ،رياض يعشق كرة القدم له صولات وجولات فى سمر صيف الإسكندرية سأله صديق هل تستطيع أن ترفع شوال دقيق وزنه مائة وقة فكان رده "عيب يا وله تسالنى أنا أجره بصباع رجلى الصغير ".
الثانى جابر العربى .. أعرابى كالصقر يرى فى الظلام كان يقيم بمنطقة العض بمحرم بك وهو شيخ قبيلة يسكن مع عشيرته فى أكشاك من الصفيح والخيش على نظام الغجر يحصلون على المياه من حنفية عامة تسمى حنفية الصدقة وليلا يستخدمون إشعال النار فى الطهى والإضاءة ويخضعون لأحكام وأعراف العرب ثروتهم قطيع من الماعز يعيشون على لبنه ولحمة وفرانه هم أهل نخوة أهلهم يقيمون على طول الساحل من العجمى وحتى صحراء ليبيا رحلوا من أرضهم بعد إنشاء المد العمرانى .

 
الثالث : سيد أبو راية كان يقيم بحى محرم بك ويعمل قبانى أى وزان قطن بمينا البصل أدين له بجزء كبير من خبرتى المعرفية المبكرة اطلعنى على أمور وعوالم غير مدرجة بالمراجع العلمية هو موسوعة من الحكى .

 
أخيرا انتهى عصر الفتوات بالإسكندرية مع قيام ثورة 23 يوليو 1952 حيث أصبح قبضة الشرطة قوية وانحصرت بطولة الفتوات لانتشار السلاح الأبيض بدءا من شفرة الحلاقة "الموس" والمطواة "قرن الغزال" والسيوف والأسلحة النارية

 
حيث إنه من العار على الفتوة أن يستخدم السلاح وكانت توجد مقولة "الراجل بأيده" ولقد كان عدو الفتوة الوحيد هو مباغته من عدوه وسكب المياه المغلية عليه …
تغير الحال …ووداعا للفتونة

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register