راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

وكالات: التيلفزيون المصري حائر بين "البيزنس" والمهنية

وكالات
شكلت وسائل الإعلام العربية، جانباً مهماً من المسار الذي أتخذته دول الشرق الاوسط، في الأونة الأخيرة، عقب ثورات الربيع العربي، وقدمت بعض وكالات الأنباء العربية، قراءة نقدية، لحال الوسائل سالفة الذكر، نرصدها لكم في التقرير التالي.
«الـتــشريـعــات الـنــاقــصة»، «معايير المهنية الغائبة»، «قواعد الملكية»، «المستقبل الضبابي»… أسئلة وهواجس وقائمة طويلة من الأطروحات الباحثة عن إجابات أو تصورات دارت رحاها بشفافية غير معتادة بين مجموعة محدودة من الإعلاميين الضالعين في شؤون الفضائيات المصرية والعاملين فيها والعالمين ببواطن أمورها.
قنوات تُنشأ، وأخرى تتراجع، وثالثة تتهاوى، ورابعة يُزجّ بها لتقوم بأدوار ليست من شأنها. والمحصلة النهائية شعور جماعي بين المشاهد بعد تصديق ما تنقله الشاشات إلى غرفته، وفتور واضح بين طرفي المعادلة التلفزيونية، وتضارب في وجهات النظر بين مؤمنين بأن المشهد الحالي ليس إلا قمة جبل الجليد المؤذنة بطوفان من المشكلات، ومؤكدين أن ما يجرى هو قاع المشهد استعداداً للتطهير وإعادة البناء المطلوب.
مشهد إعلامي فضائي ملتبس ومرتبك ولا يطرح إلا سؤالاً لا إجابة له: «الإعلام المصري إلى أين؟».
السؤال الذي طرحه «النادي الإعلامي» التابع لـ «المعهد الدنماركي المصري للحوار» قبل أيام حرك مياهاً ركدت وأسئلة جمدت إما لتواتر المشكلات وإما لتصور أن الآتي أسوأ بكثير مما فات.
الإعلامي في قناة «العربية» محمود الورواري طرح سؤالاً ذكياً حول منشأ الأزمة وهل يكمن في مشكلات مصرية في إدارة الفضائيات رغم نجاح واضح في التأسيس أو أن من يؤسسون القنوات الجديدة يأتون من وسط الصحافة المكتوبة وليسوا اختصاصيين في الإعلام المرئي أم أن الأمر أعمق من ذلك؟ لكن رئيس تحرير جريدة «الوطن» المصرية اليومية، رئيس قناة «دي إم سي» العامة محمود مسلم أحال الأزمة إلى ملعب القنوات الرسمية المملوكة للدولة مؤكداً عدم إمكان حدوث تطوير في القنوات الفضائية الخاصة إلا بالقنوات الرسمية التي من شأنها أن تقود الخاصة، وذلك لأن مشكلات القنوات الرسمية أقل بحكم اعتمادها على الدولة في موازنتها عكس الخاصة، إلا أن مشكلاتها المهنية أكبر.
إلقاء الكرة في ملعب القنوات الرسمية أي «ماسبيرو» أثار تحفظ بعض المنتمين إلى المبنى الرازح تحت جبل من المشكلات والأزمات المتوارثة، حيث بكاء على لبن تاريخ «ماسبيرو» المسكوب، وكوادره التي أسست العديد من القنوات العربية والمصرية الناجحة، وتغولُ صحافيي الجرائد على إعلاميي التلفزيون، والقسم بأغلظ الأيمان أن «ماسبيرو» متخم بالإمكانات والكوادر وقصص النجاح رغم ما يتعرض له من حرب شرسة، الغرض منها الإجهاز عليه والقضاء على إمكاناته الطاغية.
وعلى رغم عدم تحديد الجهة أو الجهات التي تتآمر على «ماسبيرو» وحديث كثيرين عن تلك المؤامرة باعتبارها أمراً واقعاً لا ريب فيه، فإن استشاري الإعلام والاتصال ياسر عبدالعزيز تمكن من توصيف وضع ماسبيرو في شكل أكثر واقعية. «ثلاثة أو أربعة عقود من الفساد والتجريف مع توظيف شبه كامل من السلطة أدت إلى الوضع الذي يجد ماسبيرو نفسه فيه. 20 بليون جنيه (1.2 بليون دولار) ديوناً، و38 ألف موظف (وكان العدد يناهز 43 ألفاً حتى أشهر قليلة مضت) و250 مليون جنيه سنوياً لزوم رواتب العاملين وغالبيتهم من الإداريين، عوامل أدت إلى الوضع المتأزم الحالي في الشاشات الرسمية». ويضيف: «الحل الوحيد المتاح مؤلم لكنه قابل للتنفيذ. الصقور حين تنهك وتعجز عن الطيران تخبط مخالبها بعنف لتتكسر وينمو غيرها، وتنتف ريشها لينمو ريشاً جديداً يمكنها من الطيران».
وإلى أن يتم البتّ في أمر «ريش ماسبيرو» اختار الكاتب الصحافي والمحلل السياسي عبدالله السناوي أن يؤجج مخاوف جديدة بتحذير شديد من «التحدي الكبير الذي ستواجهه الدولة المصرية في غضون أشهر قليلة في ضوء معلومات عن حشد القائمين على أقمار «سهيل سات» موازنة ضخمة لإنتاج مواد درامية. وفي حال تفوق على «نايل سات»، فإن المشاهدين سيتوجهون إليه. وأضاف أن القمر الاصطناعي القطري «سهيل سات» يعمل على منافسة «نايل سات» المصري بقوة (يحظى نايل سات حالياً بنحو 55 مليون نقطة مشاهدة)، وأن ما حصل في شأن المجموعة الرياضية من سيطرة سيتكرر في بقية المجالات التلفزيونية.
وانتقد السناوي بشدة «تصعيد نخبة مش نخبة» على الشاشات مع إقصاء الكفاءات الحقيقية، ما أدى إلى حرمان المشاهد من النقاش الحقيقي، وغياب قدرة البلاد التنافسية في مجال الإعلام وهو ما يهدد الأمن القومي والداخلي. كما أبدى تعجبه وغضبه من «التسريبات» المذاعة، متسائلاً عن سر صمت الدولة ومحذراً: «كما تستبيح تُستباح».
بوح من نوع مختلف أدلى به رئيس قناة «إكسترا نيوز»، المدير الفني السابق لقناة «أون تي في» ألبرت شفيق الذي وصف ما يجرى على الساحة الفضائية المصرية حالياً بـ «حيرة البيزنس». «أي قناة تهدف إلى تحقيق دخل يمكنها من أن تنفق على نفسها ويحقق لها الاستمرارية، وهذا لا يأتي إلا بالإعلانات. والإثارة تضمن الإعلانات. وهناك أشخاص لا يصلحون للشاشة لكنهم يأتون بإعلانات ودخل وضمان استمرارية للقنوات. المعادلة صعبة».
ويدلل الناشر هشام قاسم على تلك الصعوبة بقوله أن قيمة «كعكة الإعلانات» تقدر بنحو خمسة بلايين جنيه مصري، وأن متوسط الإنفاق في الإعلان يقدر بنحو ستة دولارات للفرد الواحد في مقابل نحو 600 دولار في الولايات المتحدة، وهو رقم هزيل ومرشح لمزيد من الضعف في ظل ما حصل للجنيه المصري أخيراً.
ومثلما حصل في الجنيه يجرى في محتوى جانب كبير مما يُقدم هذه الآونة. فبين طغيان للمحتوى الترفيهي على حساب الخبري، وميل إلى إعلام التعبئة – حتى في القنوات الخاصة، وانتظار لصدور تشريعات علها تنظم العمل الإعلامي وتحد من حدة الصراخ وترفع سقف المهنية، تبقى الشاشات تعمل بوتيرة سريعة ومعايير غامضة.
ورغم صعوبة المعادلة وتعثر الموازنة بين المهنية والربحية، فإن شفيق لا يرى مبرراً لجلد الإعلام المصري، «فالتجربة الإعلامية الفضائية المصرية تتقدم وتتحسن، والكوادر المتخصصة في الصحافة التلفزيونية كثيرة».
وتنتهي الندوة وتبقى الأسئلة مطروحة من دون إجابات شافية. فقط تفسيرات صريحة ومواجهات كاشفة وعلى الأقل اعترافات من أهل المهنة ولو على سبيل الغيرة عليها بوجود مشكلات طاغية.

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register