4 عوامل وراء الركود السياحي في مدينة الغردقة..تقرير
لا تزال السياحة بوجه عام تُعاني من ركود كبير ولاسيما مدينة الغردقة وبدء هذا الانقطاع عقب ثورة الـ 25 من يناير وحتى الآن.
«دكاكين» تنصب على السياح بـ«رحلات غير آمنة».. والشركات المتخصصة غائبة
قال أحمد إبراهيم، صاحب إحدى شركات السياحة الكبرى بالغردقة، إنه يعمل فى قطاع السياحة منذ ٢٠ سنة، مشيرًا إلى أنه قبل الثورة كان وضع السياحة فى الغردقة مختلفًا عن الحالى، وكانت المدينة تتمتع بالأمن والأمان.
وذكر أنه لا يقصد بالأمن هنا الشرطة فقط، لكن كان عندما يأتى السائح إلى الغردقة، لا يخرج من الفندق إلا وهو برفقة شركة سياحة متخصصة فى جميع الرحلات الداخلية، ولديها خبرة فى التعامل مع الأجانب، ويكون تعاقده معها شاملًا التأمين عليه حتى يعود للفندق، لأن هناك أخطارًا تحيط بهم فى بعض الرحلات، كرحلة السفارى مثلًا.
أما فى السنوات الأخيرة، حسب إبراهيم، فظهرت العديد من محلات الخدمات السياحية المنتشرة بكل شوارع المدينة، وهى غير آمنة، تبيع الرحلات للسائحين فى الشارع بأرخص سعر، وليست لديها خبرة فى السياحة أو فى البيع، وتعمل بشكل عشوائى، وتقدم خدمات متدنية، وبعضها تمارس النصب على السائحين، وذلك يعكس صورة سلبية عن المدينة، وبعودتهم إلى بلادهم يحكون ما حدث معهم فى الرحلة، فتأتى النتيجة عكسية ويكون انطباعه أن شركات السياحة تقدم خدمات سيئة.
ويضيف: «هذه المحلات لها دور كبير فى عدم عودة السائحين مرة أخرى، وللأسف لا توجد رقابة من أى نوع عليها، رغم الوجود الأمنى بالشارع، وهذا يرجع لأن عمل هذه المكاتب فردى، فهؤلاء ينتظرون السائح أمام الفندق ليعرضوا عليه شراء رحلة إلى مكان ما، وأحيانًا يستقطبونه عبر مواقع التواصل الاجتماعى، من دون مكاتب سياحية رسمية تباع من خلالها الخدمات والرحلات السياحية، وهذا أمر خطير ويعطى فرصة لأى فرد أن يفعل ما يشاء».
وبسؤاله عن دور ما يحدث من عمليات إرهابية فى ضرب السياحة بالغردقة، أجاب: «هى سبب من ضمن أسباب تراجع السياحة، فهناك مؤامرة على مصر، تظهر فى افتعال الكوارث والأزمات، مع ترويج جهات غير معلومة لمعلومات تضر الحركة السياحية، رغم استقرار الأوضاع وجاهزية المدينة لاستقبال السائحين لتمتعها بسحر الطبيعة وجمال الشواطئ».
وبالنسبة إلى الحادث الأخير، قال إنه من الممكن أن يحدث فى أى بلد، والأجانب يعلمون أن الإرهاب موجود فى جميع بلاد العالم، وليس هناك أمان بشكل تام فى أى مكان، بدليل أن الأجانب المقيمين هنا لم يغادروا الغردقة، بل بادر أغلبهم بدعم المدينة بالكتابة على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعى «الغردقة آمنة»، كما نشر بعضهم إحصائية تؤكد أن مصر أقل دول العالم تعرضًا للإرهاب، مقارنة بحوادث إرهابية فى فرنسا وإنجلترا وأمريكا.
دعوات للتوقف عن شعار «مصر تحارب الإرهاب»
شكا أحمد على، مستثمر سياحى، من الوضع الراهن، قائلًا: «البلد يعيش حالة من الركود، وأتحمل أعباء مالية كبيرة نتيجة تراجع حركة السياحة، فلدى أكثر من ١٠٠ موظف، ومع ذلك فإنى مستمر رغم الخسارة، ولم أفعل كما فعل العديد من الشركات والفنادق، بتسريح العمالة، فى انتظار تحسن الأوضاع، ولدى أمل فى عودة السياحة إلى سابق عهدها».
وأضاف: «أطالب بضرورة تغيير الصورة الذهنية عن السياحة المصرية لدى الأجنبى، حيث يروج البعض إلى أن مصر تعانى من الإرهاب، ويردد الإعلام شعار: (مصر تحارب الإرهاب)، فعليهم أن يختاروا شعارًا آخر لا ينفر السياح، وتثير الخوف والرعب لدى الأجانب، وللأسف البعض هنا ينشر الأخبار الكاذبة التى تعكس انعدام الأمن بالغردقة، فالسائحون هنا من مختلف الجنسيات ينعمون بالأمن والأمان، ويستمتعون بروعة المنشآت الفندقية وجمال الشواطئ ونقائها».
أما محمد العجمى، صاحب شركة سياحة، فقال: «ملف الدعاية السياحية له دور كبير فى عودة السياحة، فنحن لا نجيد الدعاية للأماكن السياحية الموجودة فى مصر وليس الغردقة فقط، سواء فى الماضى أو الحاضر، ووزارة السياحة ليس لها أى دور فى هذا الملف داخليًا ولا خارجيًا، حتى فى المؤتمرات السياحية التى تتم خارج مصر يكون عرض التنورة والرقصة هو العرض الأساسى، وكأنهم يريدون البعث برسالة أن هذه هى السياحة بمصر، ورغم أننا نمتلك الكثير من المقومات السياحية؛ مثل الفنادق والمنشآت السياحية التى تتمتع بالكفاءة والمواصفات العالمية».
وأضاف: «على العكس لو نظرنا إلى دولة مثل تركيا نجدها تمارس دعاية بشكل ضخم، وتصرف مبالغ طائلة على هذا الملف، وتأتى بشباب شكلهم محترم يتحدثون جميع لغات العالم».
وتابع: «هناك أيضًا نوع آخر من التسويق، وهو تسويق الشارع، بمعنى أنه عندما يريد أى أجنبى السؤال بالشارع، عن أى مكان فلن يجد مَن يفيده، فالاستعلامات التابعة لوزارة السياحة مغلقة ٢٤ ساعة، ولو ذهبت إلى هناك فستجد موظفًا يجلس على مكتب ولا يعمل شيئًا، ولا توجد للوزارة أى مكاتب أو أكشاك فى الشارع للترويج للأماكن السياحية، إلا مجموعة من الصور لأماكن سياحية داخل الغردقة، دون توضيح أو مساعدة للسائحين عن كيفية الوصول لهذه الأماكن ».
وقدم العجمى نصيحة للعاملين فى السياحة، قائلًا: «لا بد أن يتعلموا من أخطائهم السابقة فى التعامل مع السائحين، وعلى المحافظة فتح استثمارات سياحية جديدة بالمحافظة من قرى وفنادق، مع تشجيع المستثمرين على فتح مشاريع جديدة، وإقامة مسابقات ومؤتمرات تنقلها قنوات إعلامية دولية، بما يعمل على ترويج السياحة المصرية عالميًا».
شركات الطيران لا تسوِّق.. ومكاتب التمثيل السياحى غير فاعلة
لأن الطيران هو العامل المكمل للسياحة، ينتقد سامى سليمان، صاحب شركة سياحة، شركات الطيران داخل مصر، وبالتحديد شركة مصر للطيران، قائلًا: «تسويقها للرحلات سيئ، ويقتصر على التسويق الداخلى فقط، وليس لدينا أى تسويق لرحلات الطيران الخارجية».
ويضيف: «إذا نظرنا إلى المؤتمرات السياحية التى تتم خارج مصر، فسنجد أن مَن يمثلنا فيها مجموعة من كبار السن، ليست لديهم خبرة كافية فى التعامل مع هذه المؤتمرات التى تحتاج إلى شباب، وأتعاطف مع ما أقدم عليه وزير السياحة من تخفيض تمثيل مصر بمكاتب التمثيل السياحى فى الخارج، وإغلاق بعض المكاتب لعدم قدرتها على التسويق الجيد للسياحة، فهذه المكاتب ليس لها أى فائدة، لعدم قيامها بعملها بشكل صحيح، ولكن كنا نتمنى أن يحاول تفعيل وتنشيط هذه المكاتب بدلًا من إغلاقها نهائيًا، فنحن نريد المزيد من الجهود الرسمية لدعم حركة السياحة وحل مشكلاتها».
وتابع سليمان: «قيادات السياحة لم تقم بتعديل وتصحيح المسار لعلاج المشكلة بشكل صحيح، ولا بد من تسويق جديد بطريقة مختلفة، حيث نأتى بأشخاص لديهم تجارب ناجحة فى مجال الدعاية والإعلام للتسويق السياحى، من ذوى الخبرة، يعملون بشكل علمى، لكى يتم إصلاح هذه المشكلة وفتح أسواق سياحية جديدة، فنحن نحتاج إلى تنظيم العمليات السياحية وإطلاق حملات توعية للمواطنين، وذلك لن يكون إلا عندما تدرك وزارة السياحة كارثة الخمول التى هى عليها، هى ومكاتبها، ولن يحدث إلا بوجود فئات متنوعة من الشباب.
مطالب بالعمل على إعادة الروس.. وتفعيل أسواق الهند والصين واليابان
يقول شادى محمود، صاحب إحدى شركات السياحة الكبرى: «أعمل بـ١٠٪ من قوة العمل التى كنت أعمل بها حتى عام ٢٠١٠، وأشتغل الآن على السياح الألمان والبولنديين والبلغاريين، بعدما كانت السوق الروسية هى السوق الرئيسية، وكانت تمثل ٧٠٪ من عمل شركات السياحة هنا فى الغردقة، ولكن السياح الروس لم يعودوا موجودين الآن».
وأضاف شادى: «هناك بعض المحاولات من الحكومة لعودة السياحة الروسية، التى تضاءلت منذ حادثة الطائرة الروسية فى أكتوبر عام ٢٠١٥، ونتابع هذه المحاولات، ولكن لا نعرف لماذا لم يحدث أى تطور فى الموضوع، ومن الواضح أن الجانب الروسى يماطل فى إجراءات استئناف الرحلات مرة أخرى».
وتساءل: «ما المانع من عودة السياح الروس إلى مصر، بينما يذهبون إلى تركيا، مع أن السفير الروسى تم قتله فى تركيا على الهواء، وضربت تركيا أيضًا طائرة حربية روسية؟، وفى تونس قتل أحد الإرهابيين التونسيين عددًا من الروس فى أحد الأماكن، ومع ذلك عادت السياحة الروسية مرة أخرى إلى تونس بعدها بقليل، أما بخصوص مصر فأعتقد أن الموضوع سياسى، ولا أحد يعلم حدود هذه الأزمة، ولو تم حلها ستنتعش السياحة فى مصر بشكل كبير».
ويكشف عن أنه «تم إغلاق العديد من الشركات السياحية بسبب توقف السياحة الروسية، لاعتماد هذه الشركات على السياح الروس فقط، وهذا خطأ كبير».
ورأى أنه لكى تعود هذه السياحة لابد من التفكير فى فتح أسواق جديدة كالسوق الهندية، التى يصل عدد سكانها إلى ١.٤ مليار نسمة، وقال: «إذا قمنا بتنشيط السياحة الهندية وفتح سوق جديدة لها فى مصر، وكذلك فتح أسواق للصينيين واليابانيين، فسنستطيع العودة إلى نشاط عام ٢٠١٠، مع ضرورة تنشيط جميع أنواع السياحة، الثقافية والعلاجية، والترفيهية».