محمد أبوزيد

"يا نقرزان حيي الجدعان، حيي العرايس والعرسان، محروسة من الانس ومن الجان، يا حلوة يا ام التوب الاخضر".. هكذا وصف الراحل صلاح جاهين الإسكندرية، في أغنية "أحسن ناس"، والتي غنتها داليدا.. إن أحد أسباب تخليد هذه الأغنية، عبقرية جاهين في وصف المحافظات التي وردت بالأغنية، وبالتحيديد محافظة الإسكندرية، التي أرتبط إسمها "بجدعنة" اهلها.

وأعزى أخصاء علم الاجتماع إرتباط الجدعنة بالإسكندرية، لإرتباط أنشطة سكانها الأصليين بالبحر، فكان رجال الإسكندرية قديماً يواجهون أمواج البحر الأبيض المتوسط العاتية، للحصول على الرزق، الأمر الذي نزع الخوف من قلوبهم، وزادهم شجاعة و "جدعنة"، ويضيف الخبراء، إن هذه الصفة تأصلت في طباع أهل الإسكندرية في السابق، للأسباب سالفة الذكر، لكنها تغيرت مع مرور الوقت، بسبب توافد العديد من سكان المحافظات الأخرى، وأحياناً الدول الآخرى، لاطالما أسرت الإسكندرية قلوب كل من زارها، واستوعبت كافة الثقافات على مر العصور.. وأدى هذا التوافد إلى إختفاء الشخصية السكندرية الأصلية، كما أدى إلى إذابة الخصائص الأصلية التي كانت تميز السكندريين في المراحل التاريخية السابقة".

وفي السياق.. نرصد لكم 5 مواقف تؤكد جدعنة أبن الإسكندرية، على جميع الأصعده بداية من رئيس الجمهورية إلى سائق "التاكسي"..

1- شجاعة جمال عبد الناصر عندما تعرض لمحاولة إغتيال أثناء حديثه للشعب..

"فليبق كل في مكانه أيها الرجال، فليبق كل في مكانه أيها الرجال، حياتي فداء لكم، دمي فداء لكم، سأعيش من أجلكم، وأموت من أجل حريتكم وشرفكم، إذا كان يجب أن يموت جمال عبد الناصر، يجب أن يكون كل واحد منكم جمال عبد الناصر، جمال عبد الناصر منكم ومستعد للتضحية بحياته من أجل البلاد".. هكذا استقبل ابن الإسكندرية، الزعيم جمال عبد الناصر، محاولة اغتياله، في مسقط رأسه، أثناء خطابه احتفالاً بعيد الجلاء في 26 أكتوبر 1954 .. وسميت هذه المحاولة بـ"حادثة المنشية"، واعترف أحد أعضاء الإخوان المسلمين بتورطه في ارتكاب هذه الحادثة.

2- أبناء حي الورديان يتحاكون بمواقف جدعنة محمود عبد العزيز..

نقلت وسائل الإعلام قصة تسردها سيدة مسنة كانت تعيش في منزل محمود عبد العزيز، وتقول: "ابنى بترت رجله بسبب القطار وإحنا ساكنين فى الطابق الثالث وكان بيعانى فى النزول والصعود للمنزل.. وفى يوم روحت للأستاذ مجدى شقيق الأستاذ محمود وطلبت منه أنى أأجر الشقة اللى فى الدور الأرضي وساعتها أخوه رفض ووقتها الفنان كان موجود معاه"، لافتة إلى أن الفنان الراحل قام بتعنيفه وأصرّ على إعطائهم الشقة، وأنهت حديثها مشيرة إلى أن الفنان الراحل كان دائم المساعدة لفقراء أهل منطقته من خلال الأموال التي كان يقوم بإيداعها فى "رابطة الورديان" خاصة فى رمضان.

3- رجال جامعة الإسكندرية يسارعون لإنقاذ طفلة حالتها الصحية حرجة..

في نهاية العام الماضي نشر رب أسرة سكندري استغاثة عاجلة على مواقع التواصل الاجتماعي مطالباً بإنقاذ إبنته التي تحتاج إلى قسطرة مخ نادرة، وغير متواجدة في المحافظة، وكانت الطفلة تعاني من نزيف بسبب انفجار في أحد الأوعية الدموية بالمخ.

وعلى الفور واستجاب الدكتور عصام الكردي رئيس جامعة الإسكندرية، والدكتور أحمد عثمان، عميد كلية الطب، لاستغاثة الأب بعد محاولة مواطني الإسكندرية البحث عن هذه القسطرة لإنقاذ حياة الطفلة من الموت.

وقال "الكردي"، إنه في إطار حرص الجامعة وكلية الطب على تقديم أفضل درجات الخدمة الصحية أجرى فريق المتابعة وخدمة المواطنين والعلاقات العامة بكلية الطب اتصالا هاتفيا بوالد الطفلة حنين المحجوزة بقسم جراحة المخ والأعصاب بالمستشفى الأميري الجامعي بالإسكندرية.

وأمر رئيس الجامعة بالاتصال بالدكتور ياسر البنا رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب الذي أفاد بأن هذه الحالة تحتاج إلى نوع قسطرة ذات مقاس معين مع صعوبة توفير هذا المقاس بشركات المستلزمات الطبية.

وكلف رئيس الجامعة والدكتور أحمد عثمان، عميد كلية الطب، كلا من الدكتور أحمد خليل والدكتور عمرو السيد الأطباء بقسم جراحة المخ والأعصاب بالبحث عن القسطرة التشخصية المطلوبة بالشركات المتخصصة في المستلزمات الطبية وبالمستشفيات الخاصة وتم الاتصال بمجموعة مكاتب متخصصة في المستلزمات الطبية داخل المحافظة وخارجها وتم بالفعل العثور على النوع المطلوب بمحافظة الغربية – طنطا وتم إبلاغ والد الطفلة بذلك، لإجراء العملية، مع تولي الدكتور طارق خليفة مدير عام المستشفى الرئيس الجامعي متابعة توفير احتياجات المريضة وأشراف على علاجها.

4-سائق تاكسي يبحث عن فتاة تركت "لابتوب" خاص بها في التكسي.. وأخر يبحث عن سيدة نسيت أساورها الذهبية.

تداولت وسائل التواصل الإجتماعي قصة لفتاة، نسيت جهاز "لابتوب خاص بها، فتقول.. يا جماعه امبارح اختي ركبت تاكسي من جانكليس لخير زمان اللي في سموحه..واتخانقت مع السواق علي الاجره..من خنقتها معاه نسيت اللاب توب.. والراجل مشي، واتصلت بيا و قالتلي اللي حصل هي كان لازم تروح شغلها علشان متاخره.. روحت وقفت عند خير زمان من الساعة 2 و نص لغايه الساع6 علي امل انه يرجع تاني.. اتصلت باختي وقولتلها تستعوض ربنا خلاص وحاولت اهديها.. جالها تليفون وانا بكلمها.. ردت لقيته سواق التاكسي من كتر توترها نزلت من الشغل بسرعه و لقيتها بتقولي ده السواق..كلمته قالي انه جايلي..و شرحلي بقي هو عمل ايه.. الراجل المحترم ده لقي الشنطه بتاعت اللاب توب علي الكنبه وره.. راح خلص شغله ورجع التاكسي لصاحبه وراح "سيبر نت" علشان يفك الباسورد بتاع اللاب توب…جاب منه رقم تليفون اختي واتصل بيها علشان يرجعه لها ولما كلمته قالي مع اعتذراي ليك انا لازم اديه للبنت اللي كنت بوصلها.. وجه الراجل من العوايد لسموحه علشان يرجع اللاب توب.. ورجع اللاب توب وطبعا قولت اراضيه الراجل بصراحه كان رافض جدا.. و مش عايز ياخد حاجه وانا اصريت.. قولتله علي الاقل ثمن مشوارك…واصريت أعزمه في كافيه، واستأذنته أصوره وأحكي القصه ديه للناس…واعرف الناس ان لسه فينا خير و طيبة وامانة".

وتؤكد فتاة أخرى جدعنة أولاد الإسكندرية.. بقصة أخرى، فتقول "نفس إلى حصل مع ماما من أكتر من ١٢ سنة بردو، اتخانقت مع السواق على الأجرة ولما نزلت لقت البوك وقع منها، وكان فية "غويشتين" ذهب عشان كانت في الصاغة بتصلحهم وطبعا قلنا لو السواق لقاهم استحالة حيرجعهم، بس فعلا الضمير عملة نادرة .. الغوايش رجعت ومرضاش ياخد ولا مليم وطلع فراش في مدرسة وشغال عالتاكس بعد الظهر".

وأخيراً.. لا يمكننا أن ننهي هذا التقرير دون ذكر "الفتوات".. حماة الإسكندرية:

من منا لم يتردد على مسامعه اسم "أبوخطوة" فتوة حى المنشية، وكان عبد العزيز ابو خطوة قادراً على حماية منطقة المنشية، وخاصة شارع النصر من أى خطر، بالإضافة إلى قدرته على حل خلافات أهلها، وشهد له الجميع بالقوة والفتونة والعدل، الأمر الذي خلد ذكراه في مدينة الإسكندية، ولا سيما المنشية.

ولن ننسى أيضاً "منصور ابو شجر" أحد علامات الفتونة في حي الجمرك، و"محمد البنداء" فتوة السكة الجديدة، الذي استطاع أن يقضي على الظلم ومحاولات ارتكاب الجرائم هناك.. ولا تزل قصص هؤلاء الفتوات حاضرة على ألسنة كبار السن في الإسكندرية، قصص تحيي ذكراهم والقيم الجميلة التي عاشوا من أجلها.