كتب: معتمد عبد الغني

ما إن يقترب شهر رمضان المبارك حتى تبدأ حملات الدعاية بين المحطات الفضائية على شاكلة "رمضان السنة دي عندنا" و" مسلسلات رمضان حصري"، بجانب إعلانات نجوم البرامج والمسلسلات التي تملأ الشوارع.. وما بين كل هذا يتساءل الجيل الجديد ،"كيف كان رمضان ؟!"،  قبل الصخب الإعلامي, وتحكم الإعلانات فيما يبحث عنه الصائم.

التقت "زهرة التحرير"، برموز من الكتاب والاعلاميين،  وعدد ممن عاصروا "رمضان زمان" ، حينما كانت وسيلة الإعلام الوحيدة هي الإذاعة المصرية..  ورغم اختلاف الآراء، إلا أن الحنين يظل واحدًا للبرامج الدينية القديمة وصوت مدفع الإفطار ومسلسلات الإذاعة وابتهالات النقشبندي.

"مع الاذاعة المصرية تجد شهر رمضان الحقيقي" بتلك الكلمات عبر  الإعلامي حمدي الكنيسي، رئيس الاذاعة المصرية سابقاً، عن علاقة شهر رمضان بالإذاعة، موضحا أن رمضان قبل ظهور الدراما التلفزيونية والإعلانات ونجوم المسلسلات, كانت الأسرة مرتبطة بطقس أصيل قبيل الإفطار وهو التجمع حول المذياع منتظرين صوت يقول "مدفع الافطار.. اضرب".

الإذاعة رغم تميزها برأيه إلا أنها لم تستحوذ على لب المستمع بشكل كامل مثلما فعل التلفزيون الذي حول المشاهدين إلى جزر منعزلة ، تكاد لا تربطهم روح رمضان الذي نشأنا عليه.

وقال الكنيسي: "العمل الفني في الإذاعة هو النجم, وأحب البرنامج الرمضاني "أحسن القصص"؛ لأنه جمع بين الثقافة والمتعة, كما يرتبط عندي رمضان زمان بأدعية الشيخ محمد رفعت".

اختلاف العادات

ورأى دكتور حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة، أن شهر رمضان قبل ظهور الإذاعة أو التلفاز كانت تمارس فيه العبادة بشكل مكثف عن الوقت الحالي كما كانت صلة الرحم والتزاور، وإقامة جلسات السمر أكثر تواجدا في المجتمع المصري عن الآن.

وتابع: ومع ظهور المذياع تغيرت جلسات السمر في رمضان تدريجيا وتحول الالتفاف حوله ومتابعة البرامج الإذاعية التي لا تزال راسخة في وجدان من حضر تلك الايام التي كانت, فمن ينسى "الف ليلة وليلة" التي قدمتها الراحلة زوزو  نبيل, والحلقات الكوميدية خفيفة الظل للفنان فؤاد المهندس والفنان عبد المنعم مبدولي، وبالرغم من نجاح التلفزيون في الاستحواذ على نسبة متابعة أكثر من الإذاعة إلا أن الأول لم يستطع أن يسحب البساط كليا عن الأخير, مع العلم أن التلفاز استطاع أن يغير من العادات المصرية وبسببه قل التزاور مما أدى إلى التفكك الاجتماعي.

مشهد آخر

قال أحمد نواوي، مدير عام سابق في شركة الكهرباء، إن المشهد الرمضاني قديما مختلف كلية عن الآن , فقد كان جهاز الراديو غير منتشر؛ وبالتالي كان الجيران والأقارب يجتمعون بشقة الأسرة صاحبة "الراديو" للاستماع إلى مسلسل الساعة "خمسة الا ربع".

وكانت التواشيح الدينية للشيخ سيد النقشبندي والشيخ نصر الدين طوبار والسهرات الدينية الممتدة حتى آذان الفجر من سمات الاذاعة المصرية في وقت الستينيات من القرن الماضي , أما التلفزيون الآن فكم المسلسلات الكثير يلهي عن الروحانيات المرجوة في الشهر الكريم ، كما شتتت الناس والمشكلة أن معظم المسلسلات بلا قضايا تناسب جو رمضان.

وتذكر رمضان قديما بقوله "زمان كنا قبل أذان المغرب نشتري ألواح الثلج – قبل انتشار الثلاجات- والمخلل البلدي , ونصنع قمر الدين في الماء المثلج , ونجلس حول المائدة أذاننا معلقة بصوت المدفع أما الآن فنادراً ما أجد تلك الصورة".

أما شريف الخولي – مديرعلاقات عامة باحدى الشركات الخاصة- فرأى أن التلفزيون خاصة والتكنولوجيا عامةً، غيرا الجو الرمضاني؛ فرمضان الذي عرفته قديما كان دين وعبادة وجلسات سمر وندوات ثقافية ودينية.

 وقال: "كان يوجد توازن؛ نسمع القرآن الكريم  ونتدبره ونتابع أيضاً فوازير آمال فهمي في الإذاعة على عكس التلفزيون والانترنت حاليا.

الاذاعة وصناعة الخيال

من جهته أشار الدكتور فؤاد الدفتار – صاحب صيدلية بوسط البلد-  إلى أن برامج الاذاعة المصرية في شهر رمضان كانت توسع المدارك ؛ فالاستماع إلى "الف ليلة وليلة" ومسلسلات"اسماعيل يس" في الراديو كان يجعلنا نستكمل الصورة في مخيلتنا ، لكن مع شاشة التلفزيون نجد الأمر مختلفا فقد وضعتنا الصورة المتلفزة داخل الحدث ولم يترك لنا اي دور للتخيل .

فيما أوضح سعيد علي- حارس عقار –  أن احفاده رغم تعلقهم بالمنوعات التي يقدمها التلفزيون في رمضان أو ما بعد رمضان  إلا أن استمتاعهم أكبر بالأغاني الرمضانية الباقية حتى الآن مثل "رمضان جانا " لـ "عبد المطلب".

أكمل باسماً: رمضان هو رمضان لن تحل عنه البركة ابداً واذا كان التلفزيون يلهي عن صلاة التراويح، فلا يجب أن نتعلق به، رغم أنه أحيانا يعطينا عظة في بعض البرامج المقدمة.