التوجهات البحثية العالمية مشاركين.. أم متفرجين؟
بقلم: دكتور مُهندس:يحيى محمد الوادي
كتب صديقي قبل فترة ضاري خالد الخبير العالمي في مجال شبكات سيسكو وقال:
قبل فترة حوالي السنة بدأت بكتابة ورقة بحثية والتي تسمى Paper لغرض نشرها في المنظومة العالمية العلمية والتي تضم أكبر جامعات العالم وأعرقها. وتفاجئت أن العرب لديهم دور ضعيف جداً بهذا المجال. والذي فاجئني أكثر عندما اطلعت على إحصائيات الدول في هذا المجال، أن إسرائيل لها 109,410 ورقة بحثية في سنة 2009.
فبدأ التساؤل عندي هل أنا كفرد عربي، هل أنا مشارك أو متفرج أمام هذه الأرقام؟ والتساؤل الأكبر هل نحن كعرب أو كأمة مشاركين أم متفرجين؟
متفرجين وليس لدينا أي دورا يذكر للأسف.
ولكن الموضوع لا ينتهى إلى هذا الحد، ها قد شخصنا النقص في مجال كبير من مجالات عديدة لا أنكر ذلك، علينا كمدرسين و باحثين و طلاب علم أن نشارك بهذا المجال ولو بالقليل. لا أن نتكلم ونكابر وليس لدينا بصمة واحدة حقيقة في ساحات العلم الحقيقة والعالمية. أما إذا اخترنا العزلة بحجة اللغة والغرب والشرق، فهذا هو خير دليلا على عجزنا، وأقصر الطرق للفشل.
نتمنى أن نرى مؤسسة علمية بحثية تطورية تهتم بهذا الجانب وتأخذ على عاتقها النشر و التبني لأفكارنا كعرب لدينا عقول و أفكار وقدرات ولكن لايوجد الراعي الحقيقي لها ،
بدایة وقبل الخوض في تفاصیل ما نرید طرحه الیوم أتمنى ان یكون هذا الكلام منهاج عمل للباحثين والجامعات والمعاهد العربية حتى نتخلص من عقدة النقص والتخلف التي تمتلأ بها أروقة الدراسات العليا والبحوث العلمیة في جامعاتنا العربیة والسبب في ذلك ببساطة أن كل (أو اغلب) الباحثین العرب والمشرفین على بحوثهم یفضلون الخوض في قضایا وبحوث بعیدة كل البعد عن المستجدات والمستحدثات الیوم ویرجعون إلى الوراء 10 سنین على الأقل للبحث في أمور اكل الدهر علیها وشرب بحجة أن المختبرات والخبرات والإمكانات المتوفرة لا تسمح بأكثر من ذلك وان التخصصات الحدیثة التي یتم البحث بها الیوم لا یتوفر عندنا مشرفین مختصین قادرین على إدارة البحوث حولها ولا الإمكانیات المادیة والدعم الحكومي لشراء المعدات أو توظیف الكوادر الأجنبیة للأشراف على هكذا بحوث یضاف الى كل تلك الأسباب قضیة في غایة السذاجة وهي أن الكثیر من الباحثین لدینا یفكرون كأنهم یعیشون في العصور الوسطى وكأنهم یعیشون على الكوكب لوحدهم فیبحثون عن مشاكل تعاني منها شعوبنا ویبدأون بطرح الحلول لها كبحوث ومشاریع متناسین ان العالم حولنا قد سبقنا إلى مواجهة هذه المشاكل كلها واكثر منها وانهم قد وجدوا الحلول وطبقوها ونجحوا في تطبيقها وما علینا الا الاستفادة مما وصلوا الیه والاكمال من هناك ولیس الرجوع الى الوراء دوماً كما هو حاصل الان!
طبعاً هذا الكلام لن یعجب أحدا من عمالقة البحث الروتيني والتقليدي العرب من باحثين ومشرفي بحوث وأساتذة جامعات ومعاهد علمیة ولكنه الواقع الذي جعل جامعاتنا العریقة تتذیل الترتیب العالمي (الا ما ندر) في حین نرى جامعات كثیرة في دول عالمیة نشأت وتطورت حدیثاً قد بلغت من التكامل والتطور ما یذهل المتابعین والسبب في ذلك ایمان حكومات وشعوب تلك الدول ان العلم ثروة واقتصاد واساس تطور ونهوض حتى ظهر في العالم الیوم ما یسمى (اقتصاد المعرفة) فأن توظف الدول الفقیرة من ناحیة الموارد الطبیعیة طاقاتها البشریة لأنتاج أجیال من العلماء والباحثین الذین یدیرون عجلة المؤسسات العلمیة والأكادیمیة التي تقوم تلك الدول بتأسیسها واستقطاب الطلبة من مختلف دول العالم لها ومثال هذه الدول مالیزیا والهند وأوكرانیا وغیرها الكثیر.
على كل حال لیس ما ذكر هو الهدف من المقال وانما ما سیأتي وهو الدعوة الى المؤسسات البحثیة العربیة لكیلا تبقى متخلفة 50 او 20 او حتى 10 سنین عن العالم وانما تقصیر مدة التخلف الى سنة واحدة فقط! نعم سنة واحدة فقط ولكن كیف ذلك؟
ببساطة بأن نشاهد ما یبحث فیه العالم حولنا وما ینشرونه من توجهاتهم الحالیة والمستقبلیة لكي نستطیع ان نلحق بهم ونكون على بعد عام واحد او اقل عنهم
والیكم السیناریو الذي اقترحه لذلك:
بدایة وفي عالم الحاسوب والشبكات والالكترونیات والكهرباء نعرف ان المؤسسة الرائدة الأكبر في العالم التي ترعى بحوث ودراسات ومقاییس هذه التخصصات هي مؤسسة
(Institute of Electrical and Electronic Engineers
ورغم وجود الكثیر من المنظمات العالمیة الأخرى التي تشارك هذه المنظمة في نفس التوجهات الان انها تبقى الأكبر والاضخم من ناحیة التنظیم والنشاطات والتوسع العالمي ولمن لا یعرف عنها الكثیرفسیفیدكم الرابط التالي:
http://www.ieee.org/about/ieee_history.html
ولكن ما الذي ینفعنا من كل هذا؟
سؤال وجیه والاجابة علیه ببساطة ان هذه المنظمة كما غیرها من المنظمات العالمیة تعقد سنویاً مؤتمرات وتصدر مجلات وتنظم مقاییس (Standards) وتعتمد بحوث وترفض أخرى وتمثل نشاطات هذه المنظمات البوصلة للباحثین حول العالم للبحث فیما یهم المجتمع العلمي الأكادیمي بشكل محدث باستمرار كما ان مؤتمرات هذه المنظمات تجتذب رؤوس الأموال للشركات التي تطمح الى استثمار كل فكرة جدیدة ممكن ان تستثمر في مجال الصناعة والتجارة والتعلیم والطاقة وكل مجالات الحیاة الأخرى وكل ما علینا فعله كباحثین هو متابعة ما یبحثون فیه والتركیز علیه وتوفیر المختبرات والمعامل والمصانع لدعم تلك التوجهات فنكون بذلك قد قفزنا قفزة كبیرة الى مصاف تلك الدول التي تنتج ونستهلك! ونتجول بوقت قصیر من مستهلكین لكل شيء الى منتجین او على الأقل منافسین او معتمدین على صناعاتنا وفي ادناه التوجهات البحثیة الأكثر اهتماماً على مستوى العالم في مجال الحاسوب وعلومه المختلفة حسب ما نشرت منظمة (IEEE) لعام ولم يطرأ عليه تغيير كبير حتى الآن
- ظهور وبروز التطبیقات السحابیة للأجهزة النقالة (Emergence of mobile cloud) ولمن لا یعرف الكثیر عن هذا المجال الیكم الرابط التالي :
http://www.computer.org/portal/web/Mobile-Cloud/home
ولمن لا یزالون یخافون من مصطلح (From Internet of Things to Web of Things)
- الانتقال من انترنت الأشیاء الى ویب الأشیاء (From Internet of Things to Web of Things) ولمن لا یزالون یخافون من مصطلح انترنت الأشیاء أقول لهم ان الناس قد تركته فقد اصبح من الماضي وهم ماضون نحو ویب الأشیاء ولمزید من المعلومات زوروا الرابط التالي:
/http://www.webofthings.org/events/wot
ویتناول هذا المجال من البحوث الیة التعامل مع (From Big Date to Extreme Data) الانتقال من البیانات الكبیرة الى البیانات فائقة الكبر (From Big Date to Extreme Data) ویتناول هذا المجال من البحوث الیة التعامل مع الكم الهائل من بیانات مراكز البیانات
(Data Centers) والمؤسسات الضخمة وبیاناتها ورغم اني لم اسمع بمصطلح (Big Data)
الا قبل وقت الا ان الناس قد انتقلت منه الى مجال بحثي اخر اكثر تطوراً وحداثة فكم نحن قدماء!
ولمزید من المعلومات زوروا الرابط التالي:
http://www.computer.org/portal/web/Big-Data
ملاحظة أخیرة: الهدف من هذا المقال تسلیط الضوء على حقیقة ان من یسعى جاهداً الى النجاح العلمي والتفوق البحثي فأن ذلك لیس ببعید بل هو على بعد خطوات وعدة نقرات للوحة المفاتیح لتصفح العالم الفسیح من البحوث والدراسات وادعو الجمیع الى عدم الانغلاق على مجالات بحثیة عفا علیها الزمن واكل الدهر علیها وشرب فمثل الباحث في مجال في غیر اوانه كمثل من ینقب عن النفط بعد ان یجد العالم طاقة بدیلة فعندها صحیح انه وجد شیئاً ثمیناً ( ولكن العالم لن یهتم لما وجد لأنهم غادروا تلك الحقبة الى غیرها منذ زمن فكذلك من یبحث في مجال علمي قدیم فحتى لو استخرج نتائج ممتازة فأنها لن تحظى بالقدر الكافي من الاهتمام والتطبیق فهلموا اخوتي الكرام الى ما ینهض بنا وبأمتنا التي تنوء تحت ضغط الجهل والمرض والخوف والتخلف.
المصادر:
- مدونة مصطفى صادق الإلكترونية https://mustafasadiq0.wordpress.com/
- الشبكة التعليمية لخبير الشبكات ضاري الخالد https://ape-360.com/
- مصادر أخرى