راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

الرجل الأخضر الذى حَطّم أحلام الجماعة …

الرجل الأخضر الذى حَطّم أحلام الجماعة

خلافاته مع الإخوان جعلت علاقتهم سويا من البداية أشبه "بالضراير" 

صمد  " بفتونة " أمام محاولات الجماعة لإرهابه سواء بإشعال النيران فى منزله .. أو ترهيب  كبار أعضاء حزب النور  

ياسر برهامي
ياسر برهامي

منال أيوب

 

  إذا أردت أن تثير حنق ولعنات الجماعة .. فاذكر لهم سيرة الشيخ ياسر برهامي  الرجل الذى يستحق أن  يكون " الرجل الأخضر"  للدعوة السلفية، بعدما تغلب على كل محاولات تشويهه من قبل الجماعة، لاسيما وأنها أبدعت، بعيدا عن طرقها التقليدية فى تشويه الخصوم،  وسعت لإبراز وجه الشبه بينه وبين البابا تواضرس بابا الكنيسة، للإيحاء باعتباره مؤامرة كونية " بالفطرة " على المشروع الإسلامي .. وبعدت الجماعة عن أسلوبها التقليدي فى تشويه خصومها من التيارات الإسلامية بعدما كانت تكفى أن تحط عليهم ختم العمالة للأجهزة الأمنية لاغتيالهم معنوياً .. ولكنها مع الرجل القوي لسلفية الإسكندرية لم تستطع فعل ذلك .. ولم تفلح محاولاتها التي استحدثتها له خصيصاً حتي تتخلص من خطره على سيطرتها على كافة التيارات الإسلامية  

  والمتابع لتكتيكات الجماعة، سيجد أنها تمارس نفس أساليب التشويه التي تمارسها مع المشير السيسي، فخصومها من التيار الإسلامي وخاصة برهامي تراه الجماعة حجز الزاوية الذي يستطيع ضرب قواعدها وحججها من نفس الملعب الذى تحتكره منذ عقود " الدعوة "، خاصة أنه معروف عن سلفية الإسكندرية منذ بداية دخولهم المعترك السياسي، أنهم لايريدون البقاء كثيرا داخل دواليب العباءة الإخوانية، على الرغم من تشكيلهم تحالفا قويا منذ بداية الاستحقاقات الانتخابية، ولكن كل الشواهد كانت تؤكد أنهم بصدد الاستقلال عن تيار الأزمات الإخواني .

  وأكثر ما أوضح ذلك، ما أكدته الدعوة السلفية من رفضهم الخروج مع الإخوان لفض اعتصام الاتحادية، وهو ماتسبب فى غضب الرجل القوي فى الإخوان خيرت الشاطر، ومن وقتها وبدأت الأزمات الشهيرة التي دارت بينهما، وجعلتهم أشبه "بالضراير"، وذهب كل فريق فى اتجاه، النور أيد الجيش فى خريطة الطريق وظهر على شاشات التليفزيون بجانب أطرافها المتعددة التي وافقت على مشهد عزل مرسي، والإخوان اتجهت للطريق الذى جعلها فى النهاية " إرهابية "

  سلك الإخوان مع برهامي  طريقاً لا يبتعد كثيرا، عما رسموه للفريق أول عبد الفتاح السيسى ،  وصنفوا الاثنين بأنها أعلى قمة من يريدون استهدافهم، فبينما   يحتل  السيسي أعلى مكانة فى القوات المسلحة، يحتل برهامي نفس المكانة فى الدعوة السلفية، التى تعد رأس حربة التيارات السلفية، بما يعني ضرورة وضعهما على نفس الدرجة ونفس الخطورة، لذا كانت الأساليب الممنهجة فى التشويه والاغتيال المعنوي التي رسموها واحدة .

  واستخلصت مراكز صنع القرار فى الإخوان، أن برهامي كان المحرض الأول للسيسى على كره الإخوان، مستندين فى ذلك إلى تحليلات مواقف الرجل، بداية من الدقيقة الأولى لما حدث فى الثلاثين من يونيو، التي فسرها برهامي لأتباعه أنها ماهي إلا انعكاس حقيقى لحالة الاحتقان التي تأصلت فى الشارع المصرى، مؤكدا أنها ليست انقلاباً، بالمعني المفهوم، لافتا إلى أن الجيش ومن تضامن معه تعامل بحرفية مع واقع حقيقى فرض نفسه عليهم، مؤكدا لهم أن دماءهم كانت أعز عليه من دماء أفراد الجماعة على قادتها التي أهدروها فى الشوارع، وهو ماجعل الإخوان يدركون أن الرجل ربما يتجاوز تأثيره ليمتد إلى صفوفها، بما يتسبب فى النهاية فى إثارة الفتنة بين أعضائها،  فكانت الحرب التي أشعلوها .

  وبينما بلورت الإخوان رؤيتها فى التصعيد حماية شرعيتها المزعومة، سار برهامي على العكس تماما، وأصدر أوامره بعدم المشاركة في فعاليات الاحتجاج ، تفاديا لعدم الصدام بالجيش والشعب، وباقى الناقمين على سياسات الإخوان، مطالبا أتباعه، بضرورة الحذر أمام محاولات الإخوان إلقائهم تحت مقصلة الغضب، فيخسرون الدين والدنيا، والدعوة التي دائماً ماكانت محفورة فى قلوب الناس، والتي كانت تكسب دائما من ورائها الجماعة، فضلا عن خسارة الدماء التى ستراق والبلد الذى على وشك الانهيار، والجيش الذى يراد انقسامه، وانشقاقه لإعادة رئيسهم، حتى لو كان ذلك على جثث وأشلاء المصريين، بنفس الحماقة السورية التي مزّقت البلاد والعباد .

  والمتابع لتحركات الفريقين، سيجد برهامى، استأسد أمام الفتاوي الإخوانية، وقارعها الحجة بالحجة، والفتوي بالفتوي، وبينما كانت الجماعة تروج لقواعدها أن المتمردين ضد الرئيس فى 30 يونيه مجموعة من المنتفعين العلمانيين والأقباط والفلول وأطفال الشوارع، كان برهامي يُدحض تلك الدعاوي، ويثبت أنهم ملايين حقيقية " غير مسيسة "،  تريد تحقيق مطالب الثورة التي خرجت من اجلها من قبل، و التى حُرمت منها، مؤكدا انهم ليس لهم دخل بما تروجه الإخوان عن وجود مؤامرات، مشددا على أن المطلوب دائما من أي قيادة فى مجتمع ديمقراطي، أن تعرف كيف تقود رغم المؤامرات، إن لم تستطع المواجهة فعليها الرحيل فورا .

   مواقف برهامي هزت الكيان الإخواني، خاصة أن وجود ممثل حزب النور من البداية فى مشهد عزل مرسى  كطرف فى إعلان خارطة الطريق، أعطي للدولة الجديدة شرعية دينية من قلب تيار الإسلام السياسي،  بجانب الشرعية الدينية الرسمية المتمثلة فى وجود شيخ الأزهر، والبابا تواضروس، واعتبروا مشاركة حزب النور "ضرب تحت الحزام"  لتفرقة اتحاد أبناء التيار الدينى داخل مصر وخاصة السلفيين، خاصة أنهم أكثرعددا من الإخوان، ولهم دور كبير فى توجيه الرأى العام الإسلامي الداخلى تجاه الأحداث، وهو ما جّن جنون الجماعة، بعدما تيقنت أن النور، أوصلت رسالة إلى المواطن العادى، بأن حلفاء الإخوان يرفضون مافعلوه، وأنهم مع الثورة الجديدة وشرعيتها، بما يجعله يسلم بالأمر الواقع ويرفض تصعيد الجماعة .

   المثير للدهشة هي القوة التي بدا عليها برهامي فى مواجهة اتهامات الإخوان، فالرجل الذى ظهر " بفتونة " أمام كل محاولات الجماعة لإرهابه سواء بإشعال النيران فى منزله، أو منازل كبار أعضاء حزب النور،  لم يهرب أو يختبئ، أو   يعلن اعتزاله السياسة كما كان يحاول الإخوان دفعه لذلك، أو حتي الإعلاميين الكارهين للحزب، الذين شنوا عليه الحملات الشرسة للكف عن التحدث فى السياسة،  وخرج الرجل و" حزب دعوته "  من هذه الحروب بحرفية تحسب له، بعدما استطاع إجادة البعد عن الارتماء فى عباءة أيا من الطرفين، بل تحدث بكل ثقة عن كل الممارسات الخطأ، حتي ولو أُخذ عليه أنه لم يتحدث عن مساوئ المرحلة الانتقالية، بنفس القوة التي ينتقد بها مساوئ الإخوان، التي لم يصمت عليها بداية من الاعتراف بشرعية 30 يونيو، التي أكد أنها كانت رغبة شعبية حقيقية 

  وبدأ برهامي فى كشف المستور، خاصة أنه كان الحليف القوي للجماعة في بداية عمله السياسي، ولم يتوان الرجل عن كشف أروقة المبادرة، التي كان من المفترض أن تتم بين عدد من أطراف اللعبة السياسية، برعاية الفريق السيسى عندما كان رئيسا للمخابرات الحربية، كاشفا عن ماتضمنته الاتفاقية  التي كانت أهم أطرافها، كلا من الدعوة السلفية، وحزب النور والحرية والعدالة وجماعة الإخوان، ومجلس القضاء الأعلى، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس مجلس الشعب السابق  " محمد سعد الكتاتنى" ، ووكيلى المجلس، والمخابرات العامة، ووزارة الداخلية، والتي كانت تتضمن توجيه رسالة تطمين لجميع مؤسسات الدولة، مع السعى نحو إقرار دولة حديثة، وتقديم تعهدات من قبل الرئيس القادم لمؤسسات الحكم تضمن تحقيق الاستقرار.

  وأمام كل الجهات التي كانت تجتمع لإقرار ذلك، لم يستطع  برهامى أن يضمن الإخوان بعدما سأله السيسي، هل تضمنون الإخوان، فيرد الرجل، لا نضمنهم   ليزداد الموقف ضبابية، ولم يفهم أحد لماذا قال الرجل ذلك، ثم بدأت السطور رويدا رويدا تُكتب إلا بعدما فشلت مبادرة الدعوة السلفية التي دعت لسن ضمانات سياسية مكتوبة، وموقعة من كل الأطراف فرفض خيرت الشاطر، وقال أنهم تفاهموا مع الجيش " شفهيا "  وقضى الأمر .

 

  واعترف برهامى أنه سبق وتم الاتفاق مع الإخوان على عدم تقديم مرشح إسلامى للرئاسة لمدة دورتين حتى لا يخسر التيار الإسلامى رصيده فى الشارع خاصة فى ظل وجود أزمات ومشاكل رهيبة لا يستطيع فصيل أيا كان حجمه حلها بمفرده، بالإضافة إلى عدم وجود الخبرة الكافية لدى عناصر وأنصار التيار يمكنها من تحمل المسئولية فى هذا التوقيت الحرج، وأعلن الرجل ذلك بما يؤكد تراجع الإخوان عن تعهداتها، فى ظل حالة النهم التي انتابتها للسيطرة على جميع مفاصل السلطة فى مصر، واستطاع الرجل بدهاء يحسد عليه أن يقلب السحر على الساحر، وبدلا من سعي الإخوان لإجباره على اعتزال الحياة العامة، طالب بكل قوة  بعزل مكتب الإرشاد، أو حفظ ماء وجه أعضائه بتقديمهم لاستقالتهم، وإعادة النظر فى ما تفعله القواعد الإخوانية، حتي لايتسبب ذلك حتماً فى انتحارها.  

   صراع برهامي والإخوان لايقف عند ماقبل 30 يونيو، بل يذهب لأبعد من ذلك وهو إثبات إرهاب الجماعة، ففى الوقت الذى تحاول الإخوان من خلال منابرها، إثبات أنها مُلتزمة بالسلمية فى مظاهراتها، والآخرون دائما من يتجنون عليهم،  ويلفقون لهم التهم ظلما وعدوانا، وهو ماتلقفه برهامي وفند مزاعمهم، مؤكدا أنهم، يستخدمون العنف، ويحضون عليه أتباعهم، مستنداً إلى ماحدث فى المنيا وأسيوط من قبل عناصر الإخوان المسلمين، والتي أكد برهامي أنهم  استخدموا السلاح هناك دون أي شك فى ذلك، ليؤكد بذلك اتهام الجماعة بالعنف، بما جعلها شهادة صادرة من جهة إسلامية لها مصداقيتها عند الجمهور السلفى، وليست من جهة أمنية يمكن التشكيك فى أى اتهام توجهه للإخوان أو غير الإخوان، وهو ما سبب الكثير من المشاكل والمتاعب للجماعة.

   برهامي ..  رجل صمد أمام جماعة لها باع فى القتل المعنوي للخصوم، والتي تفننت فى تصويره، كخائن للمشروع الإسلامي، رغبة منها فى حرقه من ناحية، واستقطاب جماهيره من ناحية، ولكنه حتي الآن يصمد أمامها،  بل يصدر لأتباعه قوته فى مواجهتها، ومازال يحارب كل دعاويها حتي بات أقوى فى نظرهم من .. "الرجل الأخضر"  

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register