السيسي: يجب إعطاء العمل العربي المشترك مضمونًا واقعيًا لرفع كفاءة العنصر البشري
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن حل مشكلات العمالة في الوطن العربي جزء لا يتجزأ من التحديات التي تواجهها الشعوب، في ظل التطورات العالمية والإقليمية الراهنة والعولمة الاقتصادية، التي أصبحت تخضع لقوانين التنافسية، ما يستدعي تحديث الهياكل الإنتاجية في القطاعين العام والخاص، وتحسين بيئة الأعمال ورفع كفاءة العنصر البشري.
جاء ذلك في الكلمة التي وجهها إلى المشاركين في الدورة الـ45 لمؤتمر العمل العربي، الذي تستضيفه القاهرة على مدار 8 أيام، تحت رعايته وبمشاركة عدد من وزراء العمل العرب ووفود من منظمات أصحاب العمل والاتحادات العمالية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية وممثلي المنظمات العربية والدولية والاتحادات النوعية والمهنية العربية.
شارك في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، اليوم الأحد، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، ووزير القوى العاملة محمد سعفان -الذي ألقى كلمة السيسي- والدكتور المهدي الأمين وزير العمل والتأهيل بليبيا، الذي يترأس الدورة الحالية من المؤتمر.
أعرب السيسي عن تمنياته بأن تكلل جهود المشاركين في المؤتمر بالنجاح لما فيه الخير لأوطان وشعوب الأمة العربية جميعًا، مرحبا بهم في أرض الكنانة مصر، ومتمنيا لهم قضاء وقت طيب في بلدهم الثاني مصر.
كما أعرب عن أمله في أن يخرج المؤتمر بقرارات وتوصيات بناءة تسهم في تعزيز العمل العربي المشترك وترسيخ الحوار بين أطراف الإنتاج لدفع مسيرة منظمة العمل العربية على طريق تحقيق أهدافها القومية، في ظل المتغيرات والمستجدات التي يشهدها عالم اليوم.
قال: "إننا نلتقي اليوم في أعمال هذه الدورة لمؤتمرنا في ظرف عربي وإقليمي ودولي مثقل بالتهديدات والمخاطر مفعم بالمستجدات والمتغيرات، ظرف يستدعي إعطاء العمل العربي المشترك مضمونًا واقعيًا"، مؤكدا أن الوطن العربي بلغ مرحلة دقيقة من تاريخه تتطلب المضي دون تردد في بناء عمل عربي مشترك يعتمد على أسس صلبة وقوية تمكنه من مواجهة الرهانات الدولية، آملين من الله أن يساعدنا في أن نقي شعوبنا شر المخاطر التي تتربص بها كأمة وكوطن يمتلك حضارة تمتد جذورها إلى أعماق التاريخ.
أوضح السيسي أن مصر استطاعت أن تواجه بكل قوة وحزم الإرهاب، الذي أراد أن ينال من أمن واستقرار الأمة العربية، مشيرا إلى أن قيادة الدولة والحكومة بأجهزتها المختلفة في كل بقعة من بقاع أرض الوطن تواصل جهدها المكثف وعملها الدؤوب لدرء هذا الخطر الإرهابي واجتثاثه من جذوره إلى غير رجعة كى ينال الآثمون عقابهم الرادع جزاء لما اقترفوه من جرائم.
أكد أن التنمية والازدهار يقومان على العمل المنتج والفعال وأن حل مشكلات العمالة في الوطن العربي جزء لا يتجزأ من التحديات التي تواجهها الشعوب في ظل التطورات العالمية والإقليمية الراهنة والعولمة الاقتصادية التي أصبحت تخضع لقوانين التنافسية، مما يستدعي تحديث الهياكل الإنتاجية في القطاعين العام والخاص وتحسين بيئة الأعمال ورفع كفاءة العنصر البشري.
أوضح أن الحكومة أدركت أن التنمية المستدامة لن يتم تحقيقها، إلا من خلال بيئة تشريعية على كافة المستويات ذات الصلة، التي تسهم بشكل فعال في النمو الاقتصادي، منوها بأن مصر أصدرت قانونًا جديدًا للاستثمار يهدف إلى القضاء على البيروقراطية خاصة المشروعات الجديدة ويوفر المزيد من المحفزات للمستثمرين الذين يتطلعون إلى إقامة مشروعات جديدة في مصر في ظل برنامج إصلاح اقتصادي متكامل.
قال: إن الحكومة حرصت على تطوير التشريعات ذات الصلة بعالم العمل بما يتوافق مع التطورات الحالية، وكان أولها إصدار قانون التنظيمات النقابية الجديد ليجعل التنظيم النقابي المصري متوائمًا مع معايير العمل الدولية، كما تم إصدار قانون تنظيم انتخاب ممثلي العاملين في مجالس إدارة الوحدات التابعة للقطاع العام وقطاع الأعمال العام.
أشار إلى الانتهاء من مشروع قانون العمل الجديد بتوافق كامل بين أطراف الإنتاج ليعالج السلبيات الموجودة في القانون الحالي ويشجع الشباب على الانخراط في العمل في القطاع الخاص ويحقق الأمان الوظيفي، كما يحقق التوازن بين حقوق العامل ومصلحة صاحب العمل.
قال: إن خفض معدلات البطالة وتحقيق مزيد من فرص العمل للشباب يأتي على رأس أولويات الحكومة المصرية واستراتيجيتها، لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال إدراج سياسات سوق العمل ضمن أولويات السياسة العامة للدولة، حيث أصبحت قضايا التشغيل محور استراتيجيات الحكومة، التي تعمل على توفير فرص عمل للشباب عبر التوجيه والمشورة المهنية وإصلاح التعليم الفني والتدريب المهني الشامل والمنظم، من أجل بناء المهارات في جميع قطاعات الاقتصاد المختلفة، وبما يحقق المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وإيجاد فرص عمل لائقة تتيح المشاركة الفعلية في الاقتصاد الكلى.
فيما كشف الوزير محمد سعفان أنه من أجل تحقيق أعلى مستويات في الإنتاجية، تقوم "القوى العاملة" بقياس معدلات الإنتاجية بمنشآت القطاع الخاص ومتوسطات أجور المهن الفنية والإدارية للعاملين بالقطاعات الصناعية المختلفة، للتعرف على أهم مشكلات العملية الإنتاجية والمساهمة في رصدها، منوها بأنه تم إعداد وتحديث دليل التصنيف المهني الوطني لعام 2017 طبقًا للدليل 2008 وربطه بالتصنيف العربي المعياري، ويشمل توصيف شامل لكل مجموعة مهنية ويحدد مهام وواجبات لكل مهنة حيث تضمن التصنيف الجديد إضافة أكثر من 2523 مهنة جديدة ظهرت في سوق العمل المصري على آخر إصدار لدليل التصنيف المهني لعام 2005 ليصبح عددها 5923 مهنة.
أشار إلى استحداث ربط كود المهن المصرية بكود التصنيف العربي المعياري لتوحيد كود المهنة مع اختلاف مسمياتها في الدول العربية ويسهم الربط بين التصنيف المهني لعام 2017 والتصنيف العربي المعياري للمهن 2008، على مد شبكة المعلومات بمنظمة العمل العربية بأي بيانات مطلوبة وكذلك التعاون مع الدول العربية المستخدمة للتصنيف العربي.
أكد سعي الحكومة من خلال وزارة القوى العاملة إلى تذليل كل العقبات المتعلقة بالتشغيل، مشيرا إلى أنه من أبرز المبادرات في هذا الشأن هي البورصة الإلكترونية للتشغيل، التي يتم تنفيذها على مرحلتين: المرحلة الأولى تتم من خلال إعداد برنامج التشغيل، الذي يشمل التشغيل بالداخل والخارج وتشغيل العمالة غير المنتظمة، وذلك بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي، أما المرحلة الثانية فتشمل ربط برامج التشغيل ببرامج الأجور الإنتاجية وسوق العمل، حتى تتمكن هذه البرامج من رصد معدلات البطالة، وكذلك معدلات الأجور طبقًا للمهنة وسنوات الخبرة.
قال: "إن الحكومة أدركت أن سن التشريعات وطرح الاستراتيجيات والبرامج، ليست هي الحل الوحيد لخفض معدلات البطالة وزيادة نسب التشغيل، فقد حققت الدولة على مدار الأربع سنوات الماضية من فترة ولاية الرئيس السيسي طفرة هائلة في مؤشرات التنمية الاقتصادية، حيث تم تنفيذ ما يقرب من 11 ألف مشروع بتكلفة 3 تريليونات جنيه في كافة القطاعات وفرت ما يقرب من 3.5 مليون فرصة عمل للعاملين بتلك المشرعات القومية".
أكد أن تلك الإنجازات التي تم تنفيذها في مصر خلال الأربع سنوات الماضية، أصبحت واقعًا حقيقيًا يبعث رسائل ثقة في الغد وفي القيادة السياسية التي واجهت تلك التحديات بقرارات جريئة، ولعل ما تم تنفيذ من مشروعات كبرى وإجراءات تم اتخاذها في كافة المجالات، كان له عظيم الأثر في تخفيض نسبة البطالة من 14% عام 2014 إلى 11% حاليا، وارتفاع حجم الاحتياطي النقدي إلى ما يقرب 42.5 مليار دولار، وانخفاض عجز الميزان التجاري، وهي كلها مؤشرات تؤكد أن مصر تسير في الطريق الصحيح.