«النقد العربي» يُنظم ورشة عمل حول «تطوير نظم التقاعد والمعاشات في الدول العربية»
نظم صندوق النقد العربي بالتعاون مع البنك الدولي، ورشة عملعالية المستوى حول"تطوير نظم التقاعد والمعاشات في الدول العربية"، ذلك يومي 25 و 26 يناير 2017 في فندق خالدية بالاس ريحان – أبوظبي بدولة الامارات العربية المتحدة.
بهذه المناسبة ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس الإدارة في صندوق النقد العربي، كلمة في الجلسة الافتتاحية، أشار فيها الى أهمية اتخاذ إصلاحات هيكلية وعميقة للارتقاء بكفاءة نظم التقاعد والمعاشات في الدول العربية، بما يخدم احتياجات مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، التي واجهتها هذه الدول في هذه الآونة من جانب، ويعزز من جانب آخر من فرص تحقيق التنمية المستدامة.
كما نوه معاليه الى حاجة هذه النظم إلى إصلاحات تشريعية ومؤسسية، تساهم في تعزيز نطاق شمولية ووصول هذه النظم لمختلف فئات المجتمع، ويدعم فرص الارتقاء بكفاءة واستدامة الأوضاع المالية لهذه النظم والصناديق وتحسين إدارتها للمخاطر، إلى جانب تعزيز مساهمتها في رفد أسواق التمويل المحلية بالموارد طويلة الأجل اللازمة لتعميق وتطوير هذه الأسواق. كما تطرق معاليه في كلمته إلى التحديات التي تواجه صناديق التقاعد في الدول العربية، مشيداً في الوقت نفسه بالجهود المبذولة من العديد من الدول العربية بهدف إصلاح نظم التقاعد والمعاشات بها، مؤكداً الى الحاجة للمزيد من الاصلاحات في هذا الشأن.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
أسعد الله صباحكم بكل خير،
يسرني أن أرحب بكم في مدينة أبوظبي في بداية ورشة عمل تطوير نظم التقاعد والمعاشات في الدول العربية، التي ينظمها صندوق النقد العربي بالتعاون مع البنك الدولي.
أود بداية أن أتقدم بالشكر والتقدير لمعالي عبيد حميد الطاير، وزير الدولة للشؤون المالية، على تشريفه الورشة بكلمة قيمة ولسعادة يونس حاجي الخوري، وكيل وزارة المالية، على تكرمه بالحضور وإلقاء كلمة معالي الوزير، الأمر الذي يجسد ما توليه السلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة من أهمية لموضوع تطوير نظم التقاعد والمعاشات. كذلك أتقدم بالشكر للزملاء في مجموعة البنك الدولي على تعاونهم ومساهمتهم في الإعداد والتحضير للاجتماع، الذي يناقش واحداً من أهم المواضيع ذات الأولوية لصانعي السياسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية في دولنا العربية في المرحلة الراهنة. ولا شك أننا نتطلع لمتابعة التعاون مع البنك الدولي لتوفير المشورة الفنية اللازمة لمساعدة دولنا العربية على اتخاذ الإصلاحات المناسبة.
كما أود أن أعرب عن خالص الامتنان والشكر لجميع المدراء وكبار المسؤولين الذين يشاركون في هذا الاجتماع من الدول العربية ممثلين لوزارات المالية، ووزارات العمل والشؤون الاجتماعية، والمصارف المركزية، وهيئات وصناديق التقاعد والمعاشات، وهيئات أسواق المال. ولا شك أن هذا الحضور، يعكس الأهمية الكبيرة التي توليها السلطات في الدول العربية لموضوع إصلاح وتحديث نظم التقاعد والمعاشات وتعزيز سلامة وكفاءة هذه النظم واستدامتها المالية. كذلك الشكر موصول لجميع الخبراء والمتحدثين الذين يمثل حضورهم فرصة للاطلاع على تجارب وخبرات الدول الأخرى في هذا المجال، والتعرف على الدروس المستفادة والسياسات والممارسات السليمة في هذا الشأن.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
ينعقد اجتماع اليوم في ظل تزايد الدعوات والإدراك لأهمية اتخاذ إصلاحات هيكلية وعميقة للارتقاء بكفاءة نظم التقاعد والمعاشات في الدول العربية، بما يخدم احتياجات مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، التي تواجهها هذه الدول من جانب، ويعزز من جانب آخر من فرص تحقيق التنمية المستدامة.
بالطبع لا يخفى عليكم الدور الهام الذي تلعبه نظم التقاعد والمعاشات في دعم كفاءة ومرونة أسواق العمل وتحقيق التضامن والاستقرار الاجتماعي من جهة، وما يمكن أن تلعبه هذه النظم من جهة أخرى، على صعيد دعم تطور القطاع المالي المصرفي وحشد المدخرات المحلية لتوفير التمويل طويل الأجل لمشروعات التنمية. ولعل التنامي المضطرد في احتياجات تمويل مشروعات البنية التحتية في دولنا العربية، وما يرتبط بذلك من أهمية لتفعيل دور أسواق التمويل المحلية في تمويل هذه المشروعات، يبرز بعداً مهماً آخر لدواعي تطوير نظم التقاعد والمعاشات في منطقتنا العربية.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
تتصف المجتمعات العربية، بأنها مجتمعات فتية، حيث تمثل نسبة السكان من الفئة العمرية النشطة اقتصادياً من (65-15 سنة) حوالي 65 في المائة من مجموعة السكان في الدول العربية، فيما تقارب نسبة السكان دون 15 سنة حوالي ثلث مجموع السكان، الأمر الذي يعني أن هناك حالياً حوالي 2 في المائة فقط من السكان في سن التقاعد، وهي نسبة تقل عن النسب المماثلة لدى الدول المتقدمة والاقتصادات الناشئة والنامية الأخرى. تشير التقديرات أن هذه النسبة ستتجاوز حوالي 7 في المائة من مجموع السكان في الدول العربية بحلول عام 2030. يضاف إلى ذلك أن معظم نظم التقاعد والمعاشات القائمة في الدول العربية هي حديثة النشأة نسبياً بالمقارنة مع الصناديق القائمة في الدول الأخرى، حيث إن الإطار الحالي القائم لنظم التقاعد والمعاشات في الدول العربية يعود في أغلبه إلى مرحلة السبعينات الميلادية من القرن الماضي لدى معظم الدول العربية.
لا شك أن تطوير نظم التقاعد والمعاشات في الدول العربية يستلزم إصلاحات تشريعية ومؤسسية وإصلاحات على صعيد احتساب المزايا، يتعزز من خلالها نطاق شمولية ووصول هذه النظم لمختلف فئات المجتمع من جهة، ويدعم من جهة أخرى فرص الارتقاء بكفاءة واستدامة الأوضاع المالية لهذه النظم والصناديق وتحسين إدارتها للمخاطر، إلى جانب تعزيز مساهمتها في رفد أسواق التمويل المحلية بالموارد طويلة الأجل اللازمة لتعميق وتطوير هذه الأسواق.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
يفرض الوضع الحالي تحديات كبيرة على صعيد دعم كفاءة واستدامة نظم التقاعد والمعاشات في الدول العربية مستقبلاً. ذلك أنه وعلى الرغم من الوضع المالي المستقر نسبياً في الوقت الراهن لأغلب هذه النظم والصناديق، إلا أن قابلية الاستدامة والنجاعة المالية على المديين المتوسط والطويل، تمثل بلا شك تحدياً كبيراً في ظل التغيرات الديمغرافية من جهة، وفي ظل مستويات الادخار والسياسات والإجراءات المتبعة التي تحكم عمل هذه النظم من جهة أخرى. إضافة إلى أن هناك عدد من الصناديق في الدول العربية تواجه تحديات مالية.
من محددات الوضع الحالي، أن أنظمة التقاعد والمعاشات في الدول العربية تقدم عائداً للتقاعد يصل في المتوسط إلى حوالي 80 في المائة من الدخل الأخير، مقابل ما نسبته 56 في المائة لدى دول مجموعة منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD)، في الوقت الذي يتقاعد حوالي 90 في المائة من العاملين في الدول العربية عند سن 60 سنة، مقابل فقط نسبة مماثلة تبلغ 10 في المائة لدى دول مجموعة منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD).
من جانب آخر، لا تتجاوز نسبة المشمولين بخدمات التقاعد الرسمية نحو ثلث السكان في الدول العربية، حيث لا تستفيد هذه النظم والصناديق من كتل ادخارية كبيرة يمكن أن تساهم في تعبئة موارد مالية إضافية لازمة لتمويل احتياجات التنمية المحلية. يعزى ذلك لطبيعة أسواق العمل. فمن جهة، هناك جزء كبير من العمالة في القطاع غير الرسمي خاصة لدى بعض الدول العربية من غير دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث يتراوح حجم القطاع غير الرسمي وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي من 25 إلى 45 في المائة من حجم اقتصادات هذه الدول. في المقابل، لا تستفيد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالشكل المطلوب، من مدخرات المقيمين فيها، في ظل محدودية برامج الادخار والاستثمار المناسبة التي يقدمها القطاع الخاص، لتدوير هذه المدخرات في تمويل مشروعات التنمية في هذه الدول.
على صعيد آخر، تواجه صناديق التقاعد والمعاشات في الدول العربية تحدياً آخر على صعيد تحسين كفاءتها المؤسسية وإدارة أصولها وقراراتها الاستثمارية، حيث أن التكلفة الإدارية وفقاً لتقديرات البنك الدولي، تصل في المتوسط إلى حوالي 10 في المائة من إجمالي نفقات هذه الصناديق، مقابل 2 في المائة لدى الصناديق المماثلة في مجموعة دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD). في الوقت الذي تحتاج الصناديق العربية إلى تنويع استثماراتها، وربط توجهات الاستثمار بتحليل دقيق لواقع الأصول والالتزامات. يبرز في هذا الإطار، أهمية العمل على تطوير أدوات وأسواق التمويل المحلية بما يوجد قنوات استثمارية متعددة لتعظيم عوائد الصناديق وتحسين إدارتها للمخاطر. ذلك أن نسبة استثمارات هذه الصناديق في أسواق المال المحلية، لا تتعدى في المتوسط ربع إجمالي استثمارات هذه الصناديق.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
لقد بذلت العديد من الدول العربية جهود إصلاح لنظم المعاشات، إلا أن المزيد مطلوب على كافة الأصعدة، سواء للدول التي انتهجت إصلاحات أو الدول التي تعتزم البدء في إجراءاتها الاصلاحية لرفع كفاءة منظومة التقاعد والمعاشات.
لا شك أن تواجد هذا الحشد الكبير من الخبرات الرفيعة المتخصصة، سواء من المؤسسات المالية الدولية أو من سلطات الإشراف والرقابة المالية المختلفة، إلى جانب العديد من المسئولين وأصحاب القرار في صناديق التقاعد والمعاشات معاً، سيسهم في الوصول لرؤية شاملة بخصوص سبل تطوير وإصلاح نظم التقاعد والمعاشات بالدول العربية والخيارات المناسبة في هذا الشأن، من أجل تحقيق استقرار مالي يسهم بكفاءة وفعالية في تحقيق التنمية الاقتصادية.
بالطبع نتطلع لمناقشات ومداولات الاجتماع، للتعرف على احتياجات ومتطلبات الدعم والمشورة الفنية اللازمة لدعم جهود الدول العربية في هذا المسعى. ولن يكون اجتماع اليوم، الأخير بل هو بداية للمزيد من الأنشطة والفعاليات بالتعاون معكم لتحقيق الغرض المنشود.
قبل الختام، لا يفوتني في هذه المناسبة إلا أن أجدد الشكر والعرفان لدولة مقر صندوق النقد العربي، دولة الامارات العربية المتحدة، على ما تقدمه من تسهيلات كبيرة ساهمت في نجاح الصندوق نحو سعيه لتحقيق أهدافه.
أخيراً وفي ختام كلمتي، أشكر مجدداً البنك الدولي للتعاون في تنظيم هذا الاجتماع المفيد والهام، كما أشكر لكم حضوركم، متمنياً كل النجاح لهذا الاجتماع والخروج بالتوصيات المُساعدة على انتهاج الاصلاحات اللازمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.