بعد تجاوز الاحتياطي النقدي المصري 36 مليار دولار.. معركة بين «أحلام» الصحافة و«واقع» الشعب
أعلن البنك المركزي تخطي الاحتياطي النقدي المصري من الدولار الأمريكي حاجز 36 مليار دولار، الأمر الذي أثار سجالاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وانقسم النشطاء بين متفائل بهذه النتيجة، باحثاً عن تبعاتها الإيجابية، ورأي أخر يتسم بالحذر، من التفائل الزائد بهذه النتيجة، في ظل الديون التي تقع على عاتق مصر.
إلا أن مقال دندراوى الهوارى، رئيس التحرير التنفيذى لليوم السابع، جاء مختلفاً إلى حد كبير، حيث تسائل الهواري عن إمكانية وصول حجم الاحتياطى النقدى إلى 100 مليار دولار.
وأشار الهواري إلى أنه فى أوائل 2013 وصل الاحتياطى النقدى إلى أقل من 13 مليار دولار، وهو الرقم الخطر، الذى يؤشر إلى وصول مصر إلى حافة الإفلاس، وبعد اندلاع ثورة 30 يونيو، سارعت الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية، وغيرهما من الأشقاء، بتقديم الدعم لمصر لإنقاذها من الإفلاس.
وعقب وصول «السيسى» للحكم، قرر أن تعتمد مصر على نفسها، فلا يمكن لأى دولة تنشد النهضة والازدهار أن تعيش على المعونات والدعم من الأشقاء، أو غير الأشقاء.
وبدأت الدولة فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى المرير والموجع، واستطاعت مصر التعافى من أمراضها الاقتصادية المزمنة، وخرجت من غرفة الإنعاش، وسط إعجاب وإشادة كل المؤسسات الاقتصادية الدولية.
والحقيقة، وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تصريحاته الأخيرة، فإن الفضل الأول والأخير فى نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى هو الشعب المصرى، الذى أظهر معدنه الحقيقى فى مساندة بلاده، وتحمله كل الآلام الصعبة، وتجرع مرارة الدواء.
ووسط تشكيك أعضاء كتائب تصدير اليأس والإحباط، التى تضم جماعة الإخوان الإرهابية ورفاقها، والحركات الفوضوية، ونشطاء السبوبة، وأدعياء الثورية، ونخب العار، فى المشروعات والإنجازات التى تتحقق على الأرض، فوجئنا صباح أمس الأول، الثلاثاء، ببيان صادر من البنك المركزى يزف بشارة وصول حجم الاحتياطى النقدى إلى 36.4 مليار دولار، وهو نفس المعدلات التى كان عليها الاحتياطى النقدى عام 2010، أى قبل اندلاع ثورة الخراب 25 يناير 2011.
وأرجعت المؤسسات الدولية هذه القفزة الكبيرة فى حجم الاحتياطى النقدى، والنجاح المذهل فى تنفيذ خطوات البرنامج الاقتصادى، إلى المعارك التى خاضتها الدولة المصرية، وانتصرت فيها جميعًا، وأولى المعارك قرار التعويم فى 3 نوفمبر 2016، الذى اعتبره خبراء الاقتصاد بمثابة ثورة تصحيح كبرى، والذى قضى على السوق السوداء، بحانب المعركة الضروس التى خاضتها القاهرة لمواجهة التأثير السلبى على سمعة البلاد كوجهة استثمارية دولية، سواء عن طريق التأثير على تدفقات رؤوس الأموال من الاستثمار الأجنبى إلى مصر، برفع تكلفة التحويل بين البنوك الخارجية ونظيرتها المصرية، أو بالترويج الزائف بأن مصر ذات مخاطر مرتفعة فى تعاملات العملة الصعبة، إلى جانب بعض الحملات المدفوعة الأجر فى وسائل الإعلام الغربية، لتشويه الوضع الاقتصادى المصرى، والتحذير من أن قرض صندوق النقد الدولى سوف يتم إهداره، على الرغم من تنفيذ خطة إصلاح الاقتصاد المصرى بخفض عجز الموازنة، ودعم أرصدة الاحتياطى الأجنبى، وقانون القيمة المضافة، وهيكلة منظومة الدعم، وهى خطط تم تنفيذها فعليًا قبل التقدم للحصول على تمويل من المؤسسة الدولية.
أما المعركة الأهم التى خاضتها الدولة المصرية فى تقديرى الشخصى، واستطاعت حسمها لمصلحتها، فكانت ضد «قوى الشر»، التى مارست ألاعيب منع تحويل العملات، سواء من الدول العربية أو الأجنبية، إلى شرايين الاقتصاد المصرى، حيث كانت جماعات ودول تشترى العملة الصعبة فى الدولة التى يقيم بها المصرى خارج البلاد، فى مقابل فارق أكبر من السعر فى السوق الرسمية فى البنوك، والدفع بمقابل تلك العملة بالجنيه المصرى لأهل هذا المواطن فى مصر، وبالتالى حرمان الاقتصاد المصرى من العملة الصعبة القادمة من الخارج.
الخطوات الفعلية فى برنامج الإصلاح الاقتصادى أجبرت الشركات العالمية على إعادة تدوير أرباحها فى السوق المصرية، بدلًا من تهريبها للخارج، وذلك عن طريق التوسعات فى الأنشطة القائمة لتلك الشركات بمصر، وهو ما يعد أيضًا ملمحًا مهمًا من ملامح الحفاظ على أرصدة النقد الأجنبى فى دورة النشاط الاقتصادى فى السوق المصرية.
كل هذه العوامل المهمة والجوهرية دفعت مصر إلى السير بخطوات ثابتة وهائلة نحو الانطلاقة الاقتصادية المرجوة.
وفى ظل التطورات الاقتصادية الجوهرية لمصر، فإن هناك أمورًا لافتة حدثت فى بعض البلدان لابد من الإشارة إليها، للتأكيد على أن القيادة السياسية فى مصر حققت نجاحًا مدهشًا فى إنقاذ الوضع الاقتصادى المصرى.
الأول: فى الوقت الذى ارتفع فيه حجم الاحتياطى النقدى فى مصر، وعودة معدلاته إلى نفس ما كانت عليه فى 2010، التى بلغت 36.4 مليار دولار، فقد الاحتياطى النقدى لدويلة قطر أكثر من 10 مليارات دولار.
الثانى: تونس صاحبة الشرارة الأولى لثورات الخراب العربى، تعيش حاليًا وضعًا حرجًا للغاية اقتصاديًا، ولم تتمكن الدولة هناك من دفع رواتب الموظفين والعمال لشهر أغسطس الجارى، وأعلن وزير المالية التونسى أنه فى حالة عدم الحصول على قرض عاجل فإن الوضع سيكون مأساويًا.
الثالث: خبراء «القلوووظ» فى مصر، الذين سفهوا من ارتفاع الاحتياطى النقدى، وبدأوا يروّجون إلى أن معظمه ديون، وأن الدولار كان قبل الثورة بـ 5.5 جنيه، والآن الدولار سعره أكثر من 17 جنيهًا، فهذا مردود عليه بأن سعر الدولار فى ليبيا كان قبل الثورة بدينار وربع الدينار، ووصل سعره الآن بعد الثورة التى دمرت ومزقت بلاد عمر المختار إلى 10 دنانير، وهناك أزمة دولار طاحنة.
يتناسى أعضاء كتائب اليأس والإحباط أن معدلات الاحتياطى النقدى عادت لسابق عهدها قبل ثورة الخراب 25 يناير 2011، رغم ما تخوضه مصر من حروب طاحنة ضد الإرهاب، ومؤمرات ضخمة تحاك فى الخارج، وانهيار للقطاع السياحى، وإقامة مشروعات كبرى.
وفى ظل التصاعد الكبير لمعدلات الاحتياطى النقدى، فإن الخبراء يتوقعون مع إنتاج الغاز وعودة السياحة، بجانب ضخ المستثمرين مبالغ كبيرة للاستثمار فى مصر، أن يصل حجم الاحتياطى النقدى إلى 100 مليار دولار فى أغسطس 2018.
ويبقى هذا المبلغ الضخم حلمًا كبيرًا يراود المصريين، بينما الرئيس السيسى أعلنها صراحة فى مؤتمر الشباب الذى عقد بالإسكندرية مؤخرًا، أنه لن يرضيه سوى أن يقفز الاحتياطى النقدى إلى 350 مليار دولار.
ويجب التأكيد على أن الحياة ما هى إلا أحلام، يسعى أصحاب الطموح والعزيمة والإيمان لتحقيقها، إذا علمنا أن «السيسى» تسلّم الحكم والاحتياطى النقدى كان أقل من 16 مليار دولار، وخلال 3 سنوات فقط تجاوز الاحتياطى النقدى 36 مليار دولار.