بعد تضيق الخناق عليها دولياً.. قطر تتبنى محاولة لتوحيد صف الإخوان
وكالات
شهدت جماعة الإخوان المسلمين، اضطرابات عنيفة، بعد سقوطها من على رأس الحكم في مصر، حيث ادرجتها بعض الدول على قوائم الإرهاب، بينما قامت بعض الدول بطرد أعضاء الجماعة من على أراضيها، ونرصد لكم ملامح المبادرة القطرية للم شمل الإخوان.
بدا أن جماعة «الإخوان المسلمين» ستشهد خلال الفترة المقبلة تغيراً استراتيجياً على بنائها التنظيمي واستراتيجية تعاملها مع النظام المصري، إذ برزت محاولات، تدعمها أطراف دولية، للململة شتات الجماعة، بعد انشقاقها إلى فريقين الأول بزعامة القائم بأعمال مرشد «الإخوان» محمود عزت، والثاني كان يقوده القيادي في الإخوان محمد كمال الذي قتل في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة المصرية.
ويقود تلك المحاولات رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي الذي عقد لقاءات عدة في قطر مع أطراف الفريقين، إضافة إلى القيادي في التنظيم الدولي للجماعة إبراهيم منير. وتعتمد تلك المساعي على إحداث تغيير في القيادة العليا للجماعة بالدفع بجيل الوسط، مع إجراء مراجعات في استراتيجية الإخوان باعتماد التهدئة مع السلطة المصرية ومحاولة الوصول إلى تفاهمات.
غير أن مصدراً مصرياً تحدث عن استبعد بشدة «إمكانية التفاوض مع الجماعة»، مؤكداً أن السلطة تتعامل مع الإخوان «كرزمة واحدة»، وقال إن «الدولة انتصرت على الجماعة في كل المحطات التي جرت منذ عزل (الرئيس السابق) محمد مرسي. هم الآن الفريق المهزوم ويسعون إلى موطئ قدم لا سيما بعد تغيير المشهد الدولي والضغط الذي يجري على بعض البلدان التي استضافتهم لإبعادهم».
وبالمثل استبعد أيضاً قيادي في جماعة «الإخوان» ، «حصول انفراجة قريبة في علاقة الدولة بالإخوان. فالوضع كما هو سواء بالملاحقات التي تجري للإخوان في الخارج أو التضييق على من هم داخل السجون»، لكن القيادي أكد أن فريق محمودة عزت «هو الذي يسيطر على الأمور داخل التنظيم، ومن لديه القدرة على حصول تفاوض».
وكان عضو مكتب إرشاد «الإخوان» جمال حشمت، المحسوب على الجناح الإصلاحي في الجماعة، عدد في مقال نشر على أحد المواقع المحسوبة على الإخوان، أخطاء وقعت فيها قيادة الجماعة منذ ثورة 25 يناير، مشيراً إلى رفضه قرار دخول الانتخابات الرئاسية «الذي كان يحتاج إلى مزيد من الحوار داخل التنظيم»، كما انتقد «اعتماد سياسة الحشد في الرد على المناوئين، والتي مثلت خطورة لعدم وضعها في إطار رؤية متكاملة تتعاون فيها الأدوات للوصول إلى هدف محدد»، مشيراً أيضاً إلى «إحساس غريب وكان مبالغاً فيه لدى أغلب قواعد الإخوان بعد الثورة بأن هذا بداية التمكين، بل شعر البعض أنه صار بديلاً للحزب الوطني، خاصة بعد انتخابات الرئاسة من حيث السلطة والنفوذ، حيث نتج عن ذلك إشكاليات عدة منها الإحساس بأن الإخوان تحملوا مسؤولية مصر منفردين، وهي مهمة ثقيلة لا يمكن أن يتحملها فصيل أو حزب أو جماعة وحدهم أبداً».
وأخذ حشمت أيضاً على قادة الجماعة «ندرة المعلومات التي هي سمة التنظيمات التي عملت بعيداً عن العلنية، وكان من العجيب احتكار المعلومات حتى على أعلى المستويات، التي هي صاحبة القرار، ما أدى إلى لغط وغموض حول حقيقة ما يجري في الواقع، من أعمال ميدانية أو لقاءات سياسية أو استعدادات». كما انتقد حشمت التحالف الذي كان جرى مع السلفيين «الذين لم يحدثوا أي مراجعات في فتاويهم التي حرمت العمل السياسي، ودخول الانتخابات ودخول البرلمان، ومارسوا كل ذلك من دون مراجعة، في انتهازية غريبة»، ورأى حشمت في نهاية مقاله أن مراجعاته «تفتح أبواباً أخرى لسلامة الصدور وتنقية النفوس ومعرفة الأخطاء لتداركها، والأخذ بمقتضى الأسباب».
من جانبه، أكد الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد كامل البحيري أن فكرة المراجعات «ليست بجديدة على الإخوان. فمنذ ثلاثة أعوام، وكلا الفريقين يصدر مراجعات، سواء كانت باتجاه الفريق الأول بقيادة محمد كمال باتجاه أكثر راديكالية، فيما فريق محمود عزت يسعى إلى الضغط على النظام من أجل الوصول إلى مرحلة التفاوض»، مؤكداً أن الحرس القديم بقيادة عزت «لا يزال ينتهج مسار عملية التفاوض مع السلطة وهو المسار المرفوض لدى القوى الشبابية وغالبية جيل الوسط»، لكنه يشير إلى أن فريق عزت «لا يصل حتى الآن إلى الاعتراف بشرعية السلطة الحالية وإن كان تنازل عن مسألة عودة الرئيس المعزول محمد مرسي وكذلك أطروحات كانت خرجت بتشكيل مجلس رئاسي لأن تلك المسائل باتت غير واقعية».
وأوضح البحيري أن كلا الفريقين «يمتلك أوراق قوة، ففريق عزت أقوى على المستوى المالي لأنه الأكثر سيطرة على اقتصاد الجماعة، كما أنه الأكثر اتصالاً بالمجتمع الدولي، لكن في المقابل ليست لديه السيطرة الكاملة على القطاعات الشبابية وقطاع من جيل الوسط، بعكس فريق محمد كمال».
ورأى أن مقال جمال حشمت الذي كان يحسب على الجناح الإصلاحي داخل الإخوان، ومن جيل الوسط «يأتي في إطار محاولات لملمة شتات الإخوان والتي تبذل داخل الأروقة في قطر وتركيا، كما أن هذه المحاولات تأتي في إطار أن الطريقة التي كانت تقاد بها الجماعة في السابق خاطئة ويجب إجراء تغييرات في القيادة بالدفع بجيل الوسط إلى الصدارة»، ولفت إلى أن «هناك ملامح لإمكانية حصول حوار بين الجماعة والسلطة في مصر، لكن من منطلق انتصار النظام وتسليم الجماعة بشرعيته والقبول بشروطه».
وبالمثل أكد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية ماهر فرغلي أن حديث حشمت يأتي في إطار «محاولة التوفيق بين الفريقين المتصارعين على زعامة الإخوان»، وقال: «حشمت طوال تاريخه منتمٍ إلى الجناح الإصلاحي، ويسعى دائماً إلى التوفيق بين التيارات داخل الجماعة مع اعتماد خطاب نقدي للسياسات التي أوقعت الجماعة في هذا الأتون».