تصريحات طارق عامر تدفع سعر الدولار للارتفاع
في الوقت الذي يرى فيه خبراء ومحللون أن تلميحات طارق عامر، محافظ البنك المركزي، قبل إجازة عيد الفطر، توحي بخفض قيمة الجنيه أمام الدولار إلى مستوى يقرب من 10 جنيهات خلال الأسابيع المقبلة، إلا أن محافظ «المركزي» أكد، الأربعاء الماضي، أنه لا يمكن الحديث عن تعويم الجنيه حاليا.
وأعطى طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، ضوءً أخضرًا بأنه سيتحرك لخفض سعر صرف الجنيه، وفقا لحديثه في مقابلات مع 3 صحف مصرية، قبل إجازة عيد الفطر، قائلا: «لن أفرح باستقرار سعر الصرف والمصانع متوقفة، واستهداف سعر العملة بغرض الحفاظ عليه كان خطأ فادحا، وكلف الدولة مليارات الدولارات في السنوات الخمس الماضية».
وارتفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء مجدداً، الخميس، ليكسر حاجز 12 جنيهاً لأول مرة محلياً، وتراوح سعره بين 12 و12.10 جنيه، مدفوعاً بقلة المعروض من العملة الأمريكية، وتزايد الطلب، وسط توقعات باستمرار انهيار الجنيه، فيما واصل السعر استقراره في البنوك عند 8.88 جنيه.
وربط متعاملون في السوق بين الزيادات السريعة للعملة وتلميحات طارق عامر، محافظ البنك المركزي، بخفض جديد في قيمة الجنيه، أثناء لقائه أعضاء لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، كما سبق أن صرح بأن محاولات البنك السابقة للحفاظ على قيمة الجنيه كانت خطأ فادحا، ما تسبب في زيادة احتمالات خفض قيمة الجنيه.
وتوقع الدكتور محسن خضير، الخبير المصرفي، أن الحكومة ستتجه بشكل مباشر نحو تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار إلى مستوى يقرب من 10 جنيهات خلال الأسابيع المقبلة، وذلك لتوفير سيولة دولارية، وجذب الاستثمارات الأجنبية التي هربت بعد ثورة 25 يناير.
ويرى «خضير»، في تصريحات صحفية، أن تلميحات محافظ البنك المركزي الأخيرة توحي بتحريك سعر الصرف بتحديد سعر محدد، قائلا: إن «العجز عن تخفيض قيمة الجنيه من شأنه تنفير الاستثمار الأجنبي، وسوف يؤدي هذا على المدى القصير إلى زيادة الضغط على السوق السوداء، وعلى المدى المتوسط سوف يؤدي ذلك، مع استمرار هبوط قيمة العملة، إلى زيادة تكلفة الواردات بشكل مطرد، وهذا ليس في صالح مصر، نظرًا إلى أن قسمًا كبيرًا من سلعنا الاستهلاكية مستورد».
وبلغ إجمالي الواردات المصرية نحو 80 مليار دولار في عام 2015، وهو ما يمثل عبئا كبيرا على البنك المركزي لتوفير الدولار اللازم لتمويل عمليات الاستيراد وسط شح العملة الصعبة للبلاد.
ويضيف «خضير»: «سنجد أن انخفاض قيمة العملة من شأنه زيادة الإقبال على تصدير المنتجات المصرية، لأنها ستكون أرخص، لكن مصر لن تستطيع الاستفادة من هذا الأمر بشكل كامل إلا إذا خففت ضوابط العملة أو أسقطتها بالكامل، وإلا سترتفع أسعار السلع الأساسية، وتزداد تكلفة الحصول على العملات الصعبة».
وقال متعاملون بالسوق السوداء، في تصريحات سابقة صحفية، إن «تلميحات طارق عامر، محافظ البنك المركزي مؤخرا، بخفض جديد للجنيه، تسببت في تحقيق طفرات سعرية للعملة الأمريكية، حيث ارتفعت إلى 11.30 جنيه، عقب انتهاء إجازة عيد الفطر المبارك، مقابل 11.05 جنيه قبل العيد، بارتفاع قدره 25 قرشًا».
وأرجع المتعاملون ارتفاع سعر الدولار بالسوق السوداء إلى الإقبال الملحوظ على شرائه لتلبية احتياجات المستوردين، لاسيما مع توقعات بقيام البنك المركزي بإجراء خفض جديد للجنيه بسوق الصرف، مشيرين إلى ضعف المعروض من الدولار.
في المقابل، استبعد مصدر مصرفي مطلع، إجراء البنك المركزي خفض جديد للجنيه، قائلا: إن «الظروف غير مواتية حاليا في ظل ارتفاع التضخم لأعلى مستوى له في 6 أعوام ببلوغه 14% في يونيو الماضي»، مؤكدا أن هذا التطور قد يجعل صانع السياسة النقدية يتراجع عن قراره لحين تحسن الأوضاع الاقتصادية.
وقال المصدر، في تصريحات صحفية، إن «إجراء تخفيض جديد لسعر الجنيه في ظل الظروف الحالية، قد يرفع التضخم إلى نحو19%، حسب قوله، لاسيما أن الخفض قد يدور حول سعر 9.30 إلى 10 جنيهات».
ويصف هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، تلميحات طارق عامر، محافظ البنك المركزي، بنيته تبني سياسة أكثر مرونة نحو تعويم الجنيه، بأنها «خطوة موفقة، وفي الاتجاه الصحيح، وإن كانت متأخرة إلى حد ما».
ويشير «توفيق» إلى أن تغيير سياسة سعر الصرف وحدها لن تكفي، مطالبا بحزمة إجراءات أخرى بالتنسيق مع الحكومة، أهمها رفع سعر الفائدة، لتحجيم الاتجاه للدولرة، وممارسة البنوك التجارية أعمال الصيرفة ومنحها المرونة اللازمة لذلك، إلى جانب فرض ضريبة القيمة المضافة.
وكان البنك المركزي خفض سعر العملة إلى 8.85 جنيه مقابل الدولار من 7.73 جنيه، في مارس الماضي، وأعلن أنه سينتهج سياسة سعر صرف أكثر مرونة.
ويسمح البنك المركزي رسميا لمكاتب الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشا فوق أو دون سعر البيع الرسمي، لكن من المعروف أن مكاتب الصرافة تطلب سعرا أعلى للدولار عندما يكون «شحيحا».