تقرير: المليادير الروسي رومان أبراموفيتش خسر نصف ثروته بسبب العقوبات الأمريكية الأوروبية على بلاده
عندما تُوّج نادي "تشيلسي" ببطولة "كأس العالم للأندية، كان صاحبه رومان أبراموفيتش في أسعد أيامه.
نزل الملياردير إلى أرض الملعب في أبوظبي، واحتفل بالفوز مع اللاعبين والمدرب توماس توخيل.
لكن، منذ ذاك المساء بطقسه المعتدل في فبراير، لم تعد الأمور تسير كما هو مخطط لها.
بعد أسابيع قليلة، أُجبر أبراموفيتش (56 عاماً) على عرض ممتلكاته الثمينة في لندن للبيع بعد غزو روسيا لأوكرانيا. إذ شرع المشرعون البريطانيون – بعد عقود من الاستثمار والمشاركة الروسية في الأعمال والعقارات والرياضة – في الضغط على أولئك الذين يُعتقد بأنهم على صلة بالرئيس الروسيفلاديمير بوتين. لم تكن هناك في بريطانيا شخصية روسية مرموقة تتمتع بالمكانة التي كان يتمتع بها أبراموفيتش.
سباق اليخوت الضخمة عبر المحيطات يُظهر يأس الأوليغارشية
تبدد نصف الثروة
ازداد الأمر سوءاً بالنسبة إلى الملياردير، الذي جنى ثروته الضخمة من النفط والمعادن. في مارس، عانى من أعراض تسمم مشبوه بعد مشاركته في محادثات سلام عقيمة بين أوكرانيا وروسيا. (لم يتضح من يقف وراء الحادث أو نوع السم الذي ربما تم استخدامه، بحسب ما قاله في ذلك الوقت أشخاص مطلعون على الأمر).
فرض الاتحاد الأوروبي على أبراموفيتش عقوبات، وتم تجميد 6 مليارات دولار من استثماراته في صناديق التحوّط التي قامت بها شركة "كونكورد مانجمنت" (Concord Management) التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها. كذلك، قالت كندا الشهر الماضي، إنها تعتزم مصادرة أصول بقيمة 26 مليون دولار من "غرانيت كابيتال هولدنغز" (Granite Capital Holdings) للمساعدة في تمويل إعادة إعمار أوكرانيا.
وفقاً لـ"مؤشر بلومبرغ للمليارديرات"، تراجعت ثروة أبراموفيتش بأكثر من 50% لتصل إلى 7.8 مليار دولار في 2022، وبعضها لم يعد بإمكانه اليوم تسييله. يكاد يكون من المؤكد أنه لن يرى أي عائدات من بيع نادي "تشيلسي" للمستثمرين الأميركيين. علاوة على ذلك، تُفرض عليه قيود تحدّ من قدرته على التنقل حول العالم، سواء بالطائرة الخاصة أو اليخوت الفاخرة، بالإضافة إلى تقليص ممتلكاته البارزة.
لم يردّ ممثل عن أبراموفيتش على طلب الحصول على تعليقه.
الحرب وتأثير الدومينو على المليارديرات الروس
بات أبراموفيتش أكبر الخاسرين من بين ما يقرب من عشرين مليارديراً روسياً تتبع ثرواتهم "بلومبرغ"، الذين جنوا في غالبهم ثرواتهم الأولية عندما خصخصت روسيا الصناعات التي تديرها الدولة في التسعينيات. في المجموع، انخفض صافي ثرواتهم بنحو 95 مليار دولار هذا العام، أو أكثر من 330 مليون دولار على أساس يومي منذ غزو أوكرانيا.
يحتفظ المتأثرون بالعقوبات مثل مؤسسي شركة "ليتر ون" (LetterOne)، ميخائيل فريدمان وبيتر أفين، بحصة كبيرة من ثرواتهم خارج روسيا، بما في ذلك أسهم الملكية الخاصة والعقارات. لذلك، فإن انخفاض الثروة، يتجاوز مسألة خسارة المال.
تقول ليانا سيمتشاك، محللة استخبارات تكتل أوراسيا لدى شركة "سيبيللين" للاستشارات (Sibylline)، ومقرها لندن: "إن النفوذ الذي كانت تتمتع به هذه النخب في الخارج يتضاءل، وأصبحت خياراتهم في ما يتعلق بمكان تخزين ثرواتهم، محدودة بشكل متزايد".
تضيف سيمتشاك: "الملاذ الذي قدمته ولايات قضائية أوروبية عديدة، لم يعد موجوداً بالطريقة ذاتها، وفي المحصلة هذا يعني أن ثرواتهم لم تعد آمنة خارج روسيا – حيث كانت دائماً وبشكل كبير، تحت رحمة الكرملين".
يُظهر تراجع ثروات النخبة الروسية الضغط الذي واجهته إلى حد كبير من الدول الغربية وحلفائها.
لكن الواقع يتسم بالتعقيد، إذ أن بعض تلك الخسائر أقل من تلك التي تكبدها أثرياء التكنولوجيا خلال 2022، بمن فيهم إيلون ماسك أو مارك زوكربيرغ.
أضرار متفاوتة
في عام 2022، وسّع أغنى شخص في روسيا، فلاديمير بوتانين – وهو أكبر مساهم في الشركة العملاقة في مجال التعدين "إم إم سي نوريلسك نيكل" (MMC Norilsk Nickel) – إمبراطوريته، مستحوذاً على "روس بنك" (Rosbank) من "سوسيتيه جنرال".
على مدار العام، لم تسجل ثروة بوتانين تراجعاً يذكر. فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه في ديسمبر، لكن وزارة الخزانة لم تضع قيوداً على شركة "نورنيكل" (Nornickel) – أكبر شركة في العالم لتكرير النيكل والبلاديوم – في محاولة منها للمحافظة على استقرار سوق المعادن.