حق الاستضافة
أيمن الجندي
تلقيت هذه الرسالة المؤلمة من (الأب) محمد عبدالرحمن. وأقول (الأب) لأنها الصفة التى أرسل بها هذه الرسالة.
أبعث إليك بمأساتى وكلى أمل أن يجعل الله تعالى النشر سببا فى انجلاء الغمة عنى وعن آلاف الآباء فى بلدنا الغالى مصر.
مأساتنا هى عدم توفير القانون آلية محترمة تمكننا من المشاركة فى تربية أبنائنا بعد الطلاق. بل منعتنا من أبسط حق وهو حقنا فى (رؤية) أبنائنا. أرجو أن يتسع صدرك لمأساتى فيما يسمى بقانون الرؤية. والذى يُنشئ أجيالا من الأطفال بعيدين كل البعد عن آبائهم، محرومين من إحساسهم بوجود الأب، حارمين الطفل أيضا من حقه فى التنشئة ولو بقدر يسير فى كنف والده والمشاركة فى تأديب وتهذيب ابنه. ولتسمح لى أستاذى بسرد المآسى والتى تطبق على أرض الواقع بما يسمى قانون الرؤية.
تتم الرؤية لمدة لا تتجاوز الساعات الثلاث أسبوعيا فى أى مكان ملائم بجوار الأم يُحدد من قبل القاضى. ولكن ما يحدث على أرض الواقع هو امتناع العديد من الأمهات عن الحضور ودون إبداء أى أسباب واقعية اللهم إلا رغبتها فى التشفى فى الأب، خاصة أن القانون ينص على أن الرؤية لا تنفذ قسرا لما فى ذلك من تأثير سلبى على نفسية الطفل!
أى تأثير سيئ يلحق بالطفل لرؤيته أباه لسويعات ثلاث فى الأسبوع! أى ضرر نفسى سيصيب الطفل لو رأى والده وأحس بحبه وحنانه! أى كارثة نفسية ستدمر الطفل لو جلس بكنف والده واطمأن على أحواله!
ينص القانون أيضا على أن الأم إذا امتنعت عن الحضور ثلاث مرات متتالية، يقوم الأب برفع الأمر إلى القاضى فيقوم بسحب الحضانة منها ونقلها إلى من تليها وهى أمها. وهكذا واقعيا يعود إليها الطفل مرة أخرى.
لو رغب الأب أن يقوم بنزهة مع ابنه لا يستطيع، مما يجعل لقاء الطفل والأب كالغرباء. بل إن الابن يرى ويجلس مع بعض رفاقه أكثر مما يجلس مع أبيه. والعديد من الأمهات تمنع الأب من حمل ابنه بحجة أن القانون نص على الرؤية ولم ينص على خلاف ذلك، فإما أن يصمت الأب أو يهيج ويثور ولا يرى منه ابنه إلا الغضب الأعمى. فيخشاه غائبا عنه أن ثورة أبيه هى من أجله فقط.
وهناك من الأمهات ما تدفعها رغبتها فى الكيد للأب إلى تشويه صورته لدى طفله ونعته بكل الصفات السيئة وبالطبع فإن مدة الثلاث ساعات -بفرض حدوثها- لن تكفى لنزع هذه الصورة القبيحة التى تفننّ فى زرعها فى نفس الصغير.
ليس لى إلا طلب واحد فقط تمت مناقشته من قبل مشيخة الأزهر ولم يتم تفعيله لتدخل جمعيات حقوق المرأة، ألا وهو تفعيل «قانون الاستضافة» للأب وجعله حقا أصيلا للابن والأب لما فيه من مصلحتيهما معا. فحضور الصغير لسكن والده سيقوى إحساس الابن بحب أبيه له فحب الأب لابنه هبة من الله تعالى مهما فعل الأبناء. وسيؤدى إلى معرفة الصغير بأقاربه، مما يقوى لديه مفهوم الأسرة ويساعد الأب فى تربية وتنشئة ابنه تنشئة اجتماعية سليمة نظرا لتواجده معه يومين كاملين.
انتهت الرسالة وكلى أمل أن تتغلب دواعى الحرص على مصلحة الصغير على سموم الكراهية التى تسببت فى الطلاق! «وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ».
صدق الله العظيم.