رفع أسعار الفائدة الأمريكية تهز اقتصاديات الأسواق الناشئة
علاء ثابت
كما هو متوقع قام البنك الاحتياطى الفيدرالى برفع أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالى بواقع 25 نقطة أساس خلال اجتماعه الدورى الأخير فى أيلول/ سبتمبر لتصل سعر الفائدة عند 2.25%، كما أكد البنك فى بيانه الختامى أنه سيكون هناك زيادة رابعة فى كانون الأول/ ديسمبر المقبل فى ظل استمرار الاقتصاد الأمريكى فى قوته وتحسن ظروف العمل الأمريكى.
ولكن السؤال هنا كيف كان أداء الدولار الأمريكى فى ضوء هذه الأخبار؟
هذا وقد تابعت مواقع الأخبار الاقتصادية ووسطاء التداول مثل موقع انفستينج وموقع أخبار سوق ايفوركس حيث ارتفع الدولار الأمريكى مقابل أغلبية العملات الرئيسية، أما بالنسبة لعملات الأسواق الناشئة فقد تعزز الدولار الأمريكى بشكل قوى مما يدل على أن أسعار الفائدة المرتفعة فى الولايات المتحدة بدأت تضع بعض الضغوط على عملات الأسواق الناشئة.
فى العام الماضى ساعد ضعف الدولار تلك الاقتصادات الناشئة على نموها، ولكن مع تضييق الفجوة السعرية لأسعار الفائدة بين الدولار الأمريكى وعملات الأسواق الناشئة ستصبح الأخيرة أقل جاذبية للمستثمرين مما يثبطهم من تحمل مخاطر الاستثمار، ومع زيادة تقلبات العملة فى الأسواق الناشئة فإن ذلك يعيد رأس المال إلى الدولار.
هذه الخدعة شكلت تهديد لدول الأسواق الناشئة، حيث أن اقتصادها ينمو من خلال الاستفادة من الأموال الوافدة ومستويات الاقتراض الخارجى المقومة بالدرجة الأولى بالدولار الأمريكى الآخذة فى الارتفاع نتيجة لارتفاع سعر الدولار وارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية.
لتوضيح هذه الظاهرة، منذ بداية هذا العام تراجع البيزو الأرجنتينى بنحو 30% وهبطت الليرة التركية بأكثر من 30% وتراجع الريال البرازيلى بنسبة 11%، كما انخفض أيضًا الراند عملة جنوب افريقيا والروبل الروسى.
من الممكن أن نقول أنه لا تزال عملة واحدة لم تتأثر وهى اليوان الصينى، وذلك مع تجاوز الناتج المحلى الاجمالى للصين الناتج المحلى الاجمالى للولايات المتحدة القوة الاقتصادية الأولى فى العالم، لهذا نستطيع أن نقول أنه يصعب تصنيف الصين كدولة من بلدان الأسواق الناشئة لأن الاقتصاد الصينى لم يتأثر بقدر ما تأثر به الأسواق الناشئة
انخفاض الاستثمار الأجنبى
شهدت العديد من الأسواق الناشئة استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة منذ الأزمة المالية العالمية 2008، ومن بلوغ عائدات السندات الأمريكية والأوروبية أدنى مستوياتها لجأ المستثمرون لأسهم وسندات الأسواق الناشئة ذات العوائد المرتفعة لتعزيز محافظهم الاستثمارية، وبهذا أصبحت اقتصادات الأسواق الناشئة معتمدة على هذه الزيادة المطردة فى الاستثمار الأجنبى لدفع عجلة النمو الاقتصادى وبدا ذلك واضحًا خلال السنوات العديدة الماضية.
يمكن لأسعار الفائدة المرتفعة أن تجذب المزيد من المستثمرين إلى الولايات المتحدة وتؤدى إلى خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، ويمكن لهذا الاستثمار الأجنبى المنخفض أن يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادى فى العديد من الاقتصادات التى تعتمد على مثل هذه الاستثمارات، ولذلك تم اعتبار الاقتصاد الذى يعتمد على ذلك بالاقتصاديات الهشة وهى الأكثر عرضة للانكماش، ومن أبرز تلك الدول تركيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا وإندونسيا، ومن المفترض أن يتم التعامل فى هذه الحالة بطريقة خاصة للغاية.
ومن جهة أخرى استفادت العديد من حكومات الأسواق الناشئة من أسعار الفائدة المنخفضة فى الولايات المتحدة للاقتراض بالدولار الأمريكى، على سبيل المثال: اقترضت جنوب أفريقيا بشدة عندما كان الدولار الأمريكى منخفضًا واستخدمت العائدات للمساعدة فى تمويل نموها واحتياجاتها من الميزانية، ساعدت هذه الديناميكيات العديد من الأسواق الناشئة على التفوق فى الأداء على مدى السنوات العديدة الماضية، لكن تصبح المشكلة كامنة فى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكى حيث ستصبح الديون أكثر تكلفة.
تعتبر جنوب أفريقيا من أكبر دول العالم المتطلبة للتمويل الخارجى مما يعنى أن احتياطاتها من العملات أقل من المبلغ المطلوب لسداد ديونها الخارجية ودفع قيمة الواردات، هذه الديناميكيات يمكن أن تؤدى إلى انخفاض تصنيفها الائتمانى وارتفاع تكلفة الاقتراض إذا ارتفعت قمية الدولار الأمريكى، كما أن ارتفاع تكلفة الاقتراض قد تزيد من صعوبة الحصول على التمويل اللازم للاستثمار.