علاقة العلم والبحث العلمي بالتنمية
بقلم:
أ.د/ كمال محمد عجمى
إن إرتباط البحث العلمي بمتطلبات التنمية في المجتمع في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات وغيرها يعد أحد المرتكزات الأساسية للتنمية والتقدم في عصرنا هذا الذي يحتل فيه البحث العلمي مكانة كبيرة في النواحي المختلفة. ولاشك أن علاقة العلم والبحث العلمي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والنتائج المترتبة على ذلك في رفع معدلات الإنتاج وتحسين نوعيته وإدخال الأساليب والتقنيات الحديثة في النشاطات الإنتاجية والإدارية للمؤسسات التنموية يؤدي إلى تطويرها وزيادة مساهمتها في الدخل القومي للمجتمع .
إن البحث العلمي يعد أحد المداميك الأساسية للتنمية الشاملة وإنه لا يمكن فهم مسألة البحث العلمي إلا بارتباط وثيق وعضوي بمسألتين مهمتين هما العلم والتكنولوجيا، كما يشير أنه نتيجة للإدراك الواعي للدور الحاسم الذي يمكن أن يلعبه البحث العلمي في النهوض بعملية البناء الاجتماعي والاقتصادي، قامت العديد من الجامعات في البلدان المتقدمة بإعادة النظر في بنائها الوظيفي والتنظيمي ليصبح البحث العلمي ليس مجرد إحدى المهام والوظائف الرئيسة، بل الوظيفة المحورية للبحث العلمي.
ومن هذا المنطلق فإن الجامعة لا يمكن أن تسهم في عملية التنمية إلا بتفعيل آليات عملها البحثي، نحوالاهتمام بقضايا ترتبط بالتنمية، عبر دراسات ميدانية لأنشطة المؤسسات في قطاعات الصناعة والزراعة والأسماك وقطاعات الاستخراج وتوليد الطاقة، وقطاعات الصحة والتربية والخدمات وغيرها، وتقديم نتائج الأبحاث العلمية للمؤسسات للاستفادة منها في تطوير أنشطتها الإنتاجية وتحسين آلية العمل والنشاط التنموي. (بهدف ربط الجامعة بالتنمية لجأت العديد من الجامعات الأمريكية والأوروبية إلى توجيه الطاقات العلمية في الجامعات والمؤسسات العلمية من خلال تجمعات علمية صناعية يتوفر فيها المكان المناسب لربط أبحاث الجامعات والمؤسسات العلمية بالتطبيقات الصناعية). وهذا النوع من الارتباطات بين الجامعة ومؤسسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية يعتبر شرطا ضروريا للتقدم الاقتصادي والمعرفي معا.
إن تحقيق أهداف البحث العلمي وتقوية علاقته بالتنمية، يمكن أن يتم من خلال تفعيل نشاط الجامعة البحثي، التي ينبغي أن تعمل على تحويل الأهداف إلى استراتيجيات وخطط بحثية تلبي احتياجات التنمية بما ينسجم مع قانون الجامعات، وما حدده من أهداف بحثية للجامعات ومنها (تطوير المعرفة بإجراء البحوث العلمية في مختلف مجالات المعرفة، سواء على المستوى الفردي أم الجماعي وتوجيهها لخدمة احتياجات المجتمع وخطط التنمية).
وبديهي إن أهم ما يربط البحث العلمي في الجامعات باحتياجات المجتمع والتنمية الاجتماعية والاقتصادية هو ما تتطلبه المصانع والوزارات من دراسات لربط وتحديث تلك المصانع أو الزراعة أو الخدمات باستخدامات التكنولوجيا، هذا هو المجال الخصب الذي يعوّل عليه حين تخضع هذه المنشآت الصناعية للتجديد والاختراع أو الابتكار .
ومن أهم المشاكل الموجودة فى هذا الصدد: – ضعف ارتباط الأبحاث العلمية المنجزة بأهداف وسياسات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية, –غياب الخطة البحثية على مستوى الجامعة والكلية والقسم العلمي واعتماد الباحث على خطته، وبالتالي لم تكن الأبحاث موجهة لدراسة مشكلات تنموية بقدر ما هدفت إلى تحقيق اهتمامات الباحث التخصصية, – ضعف ارتباط الباحثين بالمراكز البحثية والفرق البحثية, –افتقار البحث العلمي إلى مصادر تمويل سواءً من الجامعة أم المؤسسات والمنظمات والمراكز البحثية والشركات واعتماد الباحث على إمكانياته الذاتية في إنجاز أبحاثه وهو مصدر لا يمكن التعويل عليه لإجراء أبحاث ذات صلة بالتنمية.
إن الطريقة المثلى لتنظيم العلاقة المستقبلية بين الجامعات والمؤسسات الإنتاجية والخدمية تمكن في إيجاد مكتب للتنسيق مع المؤسسات وتسويق نتائج البحث العلمي لها, وإنشاء جهاز مؤسسي لتنظيم البحث العلمي على المستوى الوطني, وإصدار قانون ينظم ويرشد أنشطة البحث العلمي وربط موازنة البحث العلمي مع موازنة الدولة واعتماد نسبة مناسبة من الدخل القومي لتمويل أنشطة البحث العلمي وإنشاء صندوق وطني لدعم أنشطة البحث العلمي, ووضع إستراتيجية بحثية وتخطيط البحث العلمي في الجامعات, وتوفير مصادر تمويل النشاط البحثي، وإنشاء صندوق لتمويل البحث العلمي في الجامعة وتحديد آليات عمله. وإعادة هيكلية المراكز البحثية في الجامعات وزيادة عدد الفرق البحثية وتفعيل دورها البحثي لخدمة أغراض التنمية.