في اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين .. متى ستُحل القضية الأطول زمنياً ؟
خبير قانونى: على المنظمة الأممية التضامن مع نفسها أولا لتتجاوز عجزها
تحتفل الأمم المتحدة، اليوم الخميس، باليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى، والذى يصادف الـ 29 من نوفمبر من كل عام، وهو اليوم الذى صدر فيه قرار التقسيم الظالم لأرض فلسطين التاريخية عام 1947.
ويكتسب احتفال هذا العام أهمية خاصة كونه يصادف ذكرى مرور 50 عامًا على حرب عام 1967، والتى أفضت الى احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.
فى مثل هذا اليوم من عام 1947، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 181 الذى عرف لاحقًا باسم قرار التقسيم، وقد نص على أن تُنشأ فى فلسطين "دولة يهودية" و"دولة عربية فلسطينية"، مع إخضاع القدس لنظام دولى خاص، ومن بين الدولتين اللتين نص القرار على إنشائهما، لم تظهر إلى الوجود إلا الدولة اليهودية وهى إسرائيل، بينما ظلت الدولة الفلسطينية حبرًا على ورق لعدة عقود.
واستجابة لدعوة موجهة من الأمم المتحدة، تقوم الحكومات والمجتمع المدنى سنويًا بأنشطة شتى احتفالاً بالمناسبة، وتشمل هذه الأنشطة إصدار رسائل خاصة تضامنًا مع الشعب الفلسطينى، وتنظيم وعقد اجتماعات، وتوزيع مطبوعات ومواد إعلامية خاصة بالقضية والحقوق الفلسطينية.
وفى رسالة أصدرها بهذه المناسبة، نشرتها وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو أنطونيو جوتيريس: "يقام اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى هذا العام فى وقت يشهد مزيدا من الاضطراب والقلاقل والمعاناة الشديدة. ويواجه الكفاح الفلسطينى المستمر منذ عقود من أجل تقرير المصير والاستقلال وحياة كريمة عقبات عديدة، منها: استمرار الاحتلال العسكرى للأراضى الفلسطينية، والعنف المستمر والتحريض، واستمرار بناء المستوطنات وتوسيعها، والغموض الشديد بشأن عملية السلام، وتدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية، لا سيما فى غزة".
وقال المسئول الأممى: "توفر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) خدمات لا غنى عنها وتحتاج إلى دعمنا الكامل"، مضيفا: "إننى أحث إسرائيل وفلسطين وجميع الدول الأخرى التى لها نفوذ على الوفاء بوعد حل الدولتين واستعادة جدواه على أساس قيام دولتين تعيشان جنبًا إلى جنب فى سلام ووئام داخل حدود آمنة ومعترف بها وتكون القدس عاصمة لكليهما".
وختم رسالته: "نجدد التأكيد على التزامنا بدعم حقوق الشعب الفلسطينى وبناء مستقبل من السلام والعدالة والأمن والكرامة للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء".
ويشكل اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى فرصة لتذكير العالم أجمع بالمآسى والظلم الذى تعرض له شعبنا الفلسطيني، من قتل وتهجير وسلب للحقوق، وحقه فى تقرير المصير، والاستقلال والسيادة، وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم التى هجروا منها.
وما زالت القضية الفلسطينية تراوح مكانها دون أى حل، على الرغم من المبادرات والمساعى والجهود التى قام بها المئات من المسؤولين والوفود، الأمر الذى يعكس حقيقة واحدة هى أن إسرائيل لا تريد سلامًا حقيقيًا، وأن كل ما تريده وتخطط له هو تهويد المزيد من الأراضى الفلسطينية، وزرعها بالمستوطنات، وفرض أمر واقع يقطع الطريق على حل الدولتين، ويجعل من المستحيل قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. وما زال الاحتلال الإسرائيلى يضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات ويخالف كل القوانين والشرائع الدولية والانسانية، ويواصل جرائمه وانتهاكاته بحق أبناء الشعب الفلسطينى فى كافة أماكن تواجدهم.
وقال الخبير القانونى الفلسطينى حنا عيسى إن اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى هو مناسبة يؤكد فيها المجتمع الدولى كل عام على مركزية قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وعلى حق اللاجئين فى العودة انطلاقًا من قرار الجمعية العامة 194 لسنة 1948 فى نطاق الحل الشامل والدائم المنشود للصراع العربى الاسرائيلي، والذى يتطلب انسحاب اسرائيل من كل الأراضى العربية المحتلة، وذلك بالاستناد الى أحكام القانون الدولى وقرارات مجلس الأمن ومرجعية مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية وخطة خريطة الطريق.
وأضاف فى حديث لوكالة الأنباء الفلسطينية: "بعد مرور عشرات السنين على قرار التقسيم ما زالت العقبات تحول دون بلوغ هذا الحل الشامل والدائم، وفى مقدمته تمكين الشعب العربى الفلسطينى من ممارسة حقه فى تقرير المصير. وفى انتهاك صارخ من قبل اسرائيل لميثاق هيئة الأمم المتحدة الذى يحرّم اللجوء الى العدوان واستخدام القوة فى حل النزاعات، كما أن قرار الجمعية العامة 2625 لسنة 1970 الخاص بإعلان مبادئ القانون الدولى المتصلة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول "يحظر الاحتلال العسكرى الناجم عن استخدام القوة، وكذلك الاعتراف بشرعية اكتساب أية اراضٍ بهذه الطريقة".
وتابع: "الواقع أن اسرائيل، وفى تحدٍ لهذه المبادئ وتجاهل واضح لأحكام قرار مجلس الأمن 242 لسنة 1967 تواصل منذ 48 سنة احتلالها الناتج من العدوان المسلح للأراضى العربية الفلسطينية، لا بل أنها أصدرت تشريعات لضم القدس الشرقية لها. كما أن الفقرة الثانية من المادة الأولى من ميثاق هيئة الأمم المتحدة تنص على احترام حق الشعوب فى تقرير المصير، وكذلك هو حال المادة الأولى لكل من العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966".
وأوضح: "بديهى أن العقبة الكبرى التى تحول دون امكان ممارسة الشعب الفلسطينى حقه فى تقرير المصير هو استمرار اخضاعه، كما أرضه، لسلطة الاحتلال الاسرائيلي".
وأشار عيسى إلى أن هذا اليوم العالمى للتضامن مع شعبنا يأتى فى وقت تواصل فيه إسرائيل تمردها على قرارات المجتمع الدولى الخاصة بالقضية الفلسطينية وعلى إرادة المجتمع الدولى وترفض الانصياع لمتطلبات عملية السلام، لافتًا إلى أن هذه المناسبة فرصة لأن نجدد دعوتنا للمجتمع الدولى لمناصرة ومساندة ودعم شعبنا، والتحرك العاجل لوضع حد للانتهاكات الاسرائيلية اللاإنسانية، وتوفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين، وتمكين شعبنا فى ممارسة حقه فى تقرير مصيره بإرادته الحرة.
وقال: إن أفضل صيغة للتضامن مع شعبنا هى أن تتضامن الأمم المتحدة مع نفسها، لتتجاوز عجزها وتقصيرها، فتفرض تطبيق القرارات الصادرة عن هيئاتها المختلفة.
وفى مقر الأمم المتحدة بنيويورك، تعقد اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطينى لحقوقه غير القابلة للتصرف جلسة خاصة، كما تفتتح اللجنة وبعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة معرضًا للصور الفوتوغرافية بعنوان "حقوق لم تؤدَّ، وعود لم تنفّذ..70 عاما على الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ونكبة الشعب الفلسطيني" فى البهو الرئيسى لزوار مقر الأمانة العامة للأمم المتحدة.a