في ذكرى رحيله .. تعرف أبرز روايات نجيب محفوظ
تعد رواية "المرايا"، للأديب العالمى نجيب محفوظ الصادرة في عام 1971 محاولة من الكاتب لرسم صور فنية -من منظوره الخاص -لبعض الشخصيات التي قد تكون واقعية في حياته وذلك بإلقاء الضوء على الجوانب الخفية والمعلومة لهذه الشخصيات مع رابط دقيق بين سيرهم وبين الأحداث المتعاقبة عليهم وتأثير تلك الأحداث على مجريات حياتهم ومصائرهم كما لم يخل المؤلف من انطبعات الكاتب الشخصية حول ابطال العمل والحقب السياسية التي عاصروها تحت بصره وسمعه.
هذا العمل الأدبى الرائع أقرب للصور الفنية من كونه مجموعة قصص قصيره وهو كفيل بنقل القارى إلى حيث يشاهد بعينه الآن ما شاهده المؤلف في بدايات القرن المنصرم، يستعرض فيها "محفوظ" ــ عبر خمس وخمسين شخصية ــ صورا فنية تنبض بالحياة والروعة، مجموعة من اللقطات تعبر عن شخصيات حقيقية مع بعض التصرف عاشت فى حياة نجيب محفوظ الوظيفية والعامة، ويعكس من خلالها رؤيته لمجريات الأحداث فى مصر؛ سياسيا واجتماعيا وثقافيا، بالتحديد خلال الفترة من 1930 وحتى 1970.
وبحسب الكاتب إيهاب الملاح، فى «المرايا» ستجد كل ما تبحث عنه من أنماط وأشكال ونماذج! معرض بشرى غاية فى الثراء وتشريح فى منتهى الذكاء لنماذج وأنماط من المثقفين المصريين؛ إذا تجولت فى هذا المعرض الزاخر فإنك سترى المثقف المثالى المتعالى، والواقعى الدنىء، ومدعى الثقافة، والانتهازى الرخيص، والمدعى المتسلق، وعديم الأخلاق، سيمر بك المثقف الفاسد والمتحول والاستغلالى.
ويرى "الملاح" ان براعة ما صاغه نجيب محفوظ فى «المرايا» تتجلى ــ ضمن عناصر كثيرة ــ فى تلك الشخصيات التى هى فى واقع أمرها، تعبير عن رؤى إبداعية وإنسانية تتشكل خصائصها فى نهر الزمن: الماضى والحاضر والمستقبل. ولذا فإنها نماذج حية، ليست مقصورة على زمانها ووقتها، فهى موجودة ما وجدت الشروط التى تجعلها كذلك!.
ولربما كان «محفوظ» واعيا تماما بأنه يقدم لونا من الكتابة سيتطور فيما بعد إلى ما سماه البعض بـ«كتابة النميمة» أو «أدب التلسين»، لكن ولأنه كاتب استثنائى فقد عبر بحمولاته المعرفية والأسلوبية والفنية من تلك الدائرة الضيقة المباشرة الحادة، إلى أدب إنسانى حقيقى وافر المتعة والتأمل والحضور.
واستطاع محفوظ بعبقريته الفذة أن يستخلص تجريدات هذه الشخصيات، وأن يخرجها من إطارها المحدد باسم متعين وتاريخ مرجعى إلى «نموذج إنسانى» عام، يمكن أن تقابله الآن، وتتعرف عليه وجها لوجه!.