محمد العريان يكتب: لماذا ينبغي ألا يخفض الفيدرالي الفائدة بقدر كبير؟
- 22 يوليو, 2019
- بواسطة
زهرة التحرير
- التعليقات على محمد العريان يكتب: لماذا ينبغي ألا يخفض الفيدرالي الفائدة بقدر كبير؟ مغلقة
- 67
أنا أدعم قيام البنوك المركزية بكل ما في وسعها لدعم النمو العالي والمستدام والشمولي..لكن هذا لا يعني استخدام جميع الأدوات عندما يكون أداء الاقتصاد جيدا إلى حد ما، والأسواق المالية منتعشة، والذخيرة السياسية محدودة.
وتعد الضغوط على “الاحتياطي الفيدرالي” لخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، الشهر الحالي، غير مبررة.
وفي حالة استسلام “الفيدرالي” لها، فإنه سيخدم المصالح قصيرة الأجل لحاملي الأصول المالية ولكن على حساب مصاعب أكبر في المستقبل.
وتتبع توقعات التحركات السياسية في الفيدرالي نهجا مألوفا: فلا يهم بأي قدر ووتيرة تحصل الأسواق المالية على ما تريد لأنهم دائما يطلبون المزيد، وواصلت التوقعات سباق الفيدرالي رغم التحول الكبير في موقفه في السبعة أشهر الماضي، وفي ديسمبر الماضي، أشارت التوقعات إلى رفع الفائدة مرتين في 2019، وبحلول مارس، كانت تميل نحو عدم الرفع، وفي يونيو، أكدت التوقعات حدوث خفض في الفائدة في أقرب وقت الشهر الجاري.
ولا تترك الأسواق مجالا بأن تلتقي التوجيهات السياسية للفيدرالي تلقائيا ، مع ما استعدت له الأسواق، وإنما تضغط لخفض الفائدة ثلاث مرات في الشهور المقبلة، مع خفض بمقدار 50 نقطة أساس في يوليو.
وتطورت أيضا مبررات خفض الفائدة، فبعدما كانت كـ”تأمين” ضد الضعف الاقتصادي بالخارج وعدم اليقين في السياسة التجارية، ينظر إليها الآن على أنها نهج الصدمة والترويع (وهي استراتيجية عسكرية تعتمد علي المفاجئة والاستعراض المذهل للقوة بما يشل إدراك العدو ويدمر نيته علي القتال) للحفاظ على قوة الاقتصاد، رغم أنه بالفعل وفقا لوصف رئيس “الفيدرالي” جيروم باول، “في وضع جيد”.
ورغبة الأسواق في خفض الفائد مفهومة، فقد استفاد المستثمرون استفادة هائلة على مدار السنوات القليلة الماضية من الاجتماع النادر لارتفاع التقييمات، والتقلبات المنخفضة، والارتباطات عير المعتادة التي ارتفعت فيها تقريبا جميع فئات الأصول سواء الخطرة أو الآمنة.
ويرجع هذا الخليط المربح بقدر كبير، للسيولة الوفيرة من البنوك المركزية، والثقة في أن السياسة النقدية سوف تتدخل كلما يشعر المستثمرون بأنهم مهددون.
ومع ذلك من الصعب صنع حجة قوية لخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس باستخدام المعايير التقليدية، فالزخم الاقتصادي في الولايات المتحدة قد يصبح أضعف مما كان عليه العام الماضي.. ولكنه لا يزال قويا مع انخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوى في خمسة عقود، واستقرار التضخم عند مستوى ليس بعيدا عن المستهدف من قبل الفيدرالي، والاحوال المالية الفضفاضة للغاية.
وعلاوة على ذلك، ليس مضمونا أن يكون للمزيد من التيسير النقدي تأثير مادي على الأداء الاقتصادي (مقابل أداء السوق).
وفي نفس الوقت، هناك تكاليف ومخاطر في الذهاب إلى ما وراء خفض تأميني في هذه المرحلة، فأسعار الأصول قد تنفصل أكثر عن الأسس الاقتصادية، وتصبح الأسواق أكثر اعتيادا وراحة للسيولة الوفيرة، وسيكون لدى الساسة سبب آخر للتراجع عن السياسات الداعمة للنمو، وقد يُرى “الفيدرالي” قريبا على أنه يستسلم للضغوط السياسية وهو ما يضعف مصداقية المؤسسات التي لها اهمية كبيرة في فاعلية السياسة، وقد تتقلص ذخيرة الادوات السياسية لمكافحة فترات الركود المستقبلية، وقد تتشجع الشركات على حمل مزيد من الديون، والمستثمرون على حمل المخاطر أكثر بحثا عن العائد، وستستمر شهية السوق النهمة للدعم المتواصل من البنوك المركزية.
وفي الوقت نفسه، قد تفسر بعض الدول درجة التحفيز النقدي غير المعتادة من قبل “الفيدرالي” على أنها باب خلفي لإضعاف الدولار أمام عملاتها، وهو ما سيزيد احتمالات حرب عملات في الاقتصاد العالمي الذي يفقد زخمه.
وبالفعل، انخفضت قيمة عملات معومة للعديد من الاقتصادات المتفتحة استجابة للنزاع التجاري بين الصين وأمريكا، وبالتالي، فإن أي محاولات لإضعاف الدولار ستخلق ازمة للدول التي تحاول عزل نفسها عن ضغوط العملة الأجنبية، وسوف ترتد التحركات الوقائية من قبل هذه الدول – مثل التخفيض الضمني لقيم عملاتهم او التدخل الصريح في السوق – على الولايات المتحدة.
ودعونا لا ننسى أن السياسة النقدية تشبه السباق الطويل وليس العدو السريع لمسافة قصيرة، وخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس من قبل “الفيدرالي” في الاجتماع المقرر عقده نهاية يوليو، لن يهدد فقط باستنزاف الأدوات الهامة لصناعة السياسة ، وإنما أيضا صحة الاقتصاد الأمريكي.
بقلم/ محمد العريان، المستشار الاقتصادي لمجموعة “أليانز”.
إعداد: رحمة عبدالعزيز.
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”.