وزارة الثقافة المكسيكية تعلن وفاة أرملة الروائي العالمي جابرييل ماركيز
«حزنتُ كثيرًا لنبأ وفاة مرسيدس.. تعازينا الحارة»، أعلنت وزارة الثقافة في المكسيك، وفاة أرملة الروائي الكولومبي، غابرييل غارسيا ماركيز، مرسيدس بارشا، عن 87 عامًا، السبت.
كان جابرييل ماركيز، الكاتب الكولومبي، أو كمّا كان يُناديه أهله وأصدقاؤه «جابيتو»؛ أي «جابرييل الصغير». صبيًا هادئًا لا يشغلُه سوى قصص جدّه وخرافاته. كمّا ذكر كتاب «سيرة حياة جابرييل جارسيا ماركيز»، للكاتب جيرالد مارتن، ويضيف الكاتب إنه عندّما مات جده كان لا يزال «جابريال» في الثانية عشرة من عُمره ونتيجة لذلك ساءت حالة العمى لدى جدته، فذهب ليعيش مع والديه في «سوكر»، حيثُ يعمل والده كصيدلي، وبعد أن وصلَ إلى «سوكر» بفترة وجيزة، قرر والداه أنه قد آن الأوان ليتلقى تعليمه بشكل رسمي، فأرسلا به إلى مدرسة داخلية في «بارانكويللا».
عندما حلّ العام 1940، كان «جابرييل» لا يزال في الثانية عشرة من عُمره، وقتها استطاع أن يحصُل على بعثة دراسية لمدرسة ثانوية للطلبة الموهوبين، فكانت المنحة بمثابة طوق نجاة له، استطاع أن يُنقذه من الظروف الاجتماعية التي كان يُعانى منها والداه، والتى كادت أن تُحرمه من إكمال تعليمه.
وأثناء رحلته إلى مدرسة اليسوعيون المتدنيون، تعرّف «جابرييل» على العاصمة الكولومبية، «بوجوتا»، ولكنه وجدها كئيبة ومُظلمة، لا تمُت لقريته الهادئة بصلة، بعيدة عن دفء الأهل والأصدقاء.
وداخل أسوار المدرسة، اكتشف جابرييل شغفه بالثقافة والتعليم، فكان يقرأ على زملاؤه في السكن كُل ما يقرأه من الكتب، ثُم التحق بجامعة بونيفيرسيداد ناسيونال في «بوجوتا»، كطالب دارس للقانون بدلاً من الصحافة.
ليس بعدد السنين يُقاس عمر الإنسان إنما بنوع مشاعر»، بدأت قصة حب كمّا نقول «من أول نظرة»، فعندما ذهبَ جابرييل ماركيز لزيارة والديه، رأى صبيةٌ أتمت عامها الـ 13 لتوِها، كانت شديدة السُمرة وهادئة، ينسدل شعرها البُنى أسفل ظهرها، فهىّ تنحدر من أصول مصرية، وكان جدها كولومبي الجنسية، ووالده لبناني ووالدته مصرية، كمّا صرحت زوجته لموقع «العربية»، قائلة: «جدي كان مصريا خالصا وكان يحملني على كتفيه لألعب، وكذلك في حضنه. وكان يغني لي بالعربي، ودائما يرتدي القطنيات البيضاء، وكان يملك ساعة من ذهب ويضع قبعة قش على رأسه، وتوفي عندما كان عندي 7 سنوات تقريبا، وهذا كل ما أذكره عنه» وفق تعبيرها.
«أكثر إنسان ممتع قابله في حياته»، هكذا وثقَ جابرييل علاقته بمرسيدس، فأحبها من أول نظرة كمَا وعدها بالزواج عند أول زياة لقريتها بعد تخرُجه من «ليسيو ناسيونال»، وبفرحة طفلٍ صغير ذهب «جابرييل» إلى «مرسيدس» وطلبَ يدها للزواج، وعلى الفور وافقت، فهىّ كانت مُغرمة به ايضًا.
ومع التحضيرات الأولى لخطبة الشابين، وضعت «مرسيدس» شرطها الأول لإكمال تلك حُبها لـ«جابرييل»؛ وهى أن تُنهى دراستها أولاً، وقامت بتأجيل الخطوبة، والتى كُتب لها أن تُأجل لمدة 14 عامًا.
بعد الخِطبة، انطلق جابرييل ماركيز بعيدًا عن موطنه ليبحث عن عملاً، فتجول مُسافراً بين جنيف، وروما، وبولندا، والمجر، واستقر في النهاية في باريس حيثُ وجد نفسه عاطلاً عن العمل، ولكنه وجدَ عمل بعد ذلك في مطابع صحيفة «أيل سبيكتاتور».
لم تظهر الحياة أمام «ماركيز» بلونها الوردي، فبعد التحاقه بالعمل بفترة قصيرة، أغلقت حكومة «بينيللا» مطابع صحيفة «أيل سبيكتاتور»، وعاش «جابرييل» في الحي اللاتيني من المدينة، حيثُ حصلَ هُناك على متطلبات المعيشة في هيئة ديون مؤجلة، بالإضافة إلى بعض العُملات المعدنية التي كانت تمنحها له زُجاجات الإدخار الصغيرة، حسب كتاب سيرة حياة جابرييل جارسيا ماركيز.
وجاءت بدايته الأدبية من وحىّ المعيشة القاسية التي عانىَ منها، كمّا تأثر بكتابات همنجواي، وكتبَ رواية «الكولونيل»، وبعدها سافر إلى لندن، ثم عاد أخيرًا إلى فنزويلا، حيثُ المكان المفضل للاجئين الكولومبيين، وهناك أنهى روايته، «البلدة المكونة من الهراء».
ى العام 1958، عادَ «جابرييل» إلى بلدته وتزوجَ من حبيبته، «مرسيدس»، التي انتظرته 14 عامًا، على ذكرى أول لقاء بينهُما، عاد ووجدها فتاه يافعة، شديدة الجمال والرِقة. ولكن لم يمنع الزواج «ماركيز» أن يُكمل رحلته نحو المتاعب، فعاد مع عروسته إلى «كاراكاس»، عاصمة فنزويلا.
وبعد أن نشرت صحيفة «مومينتو» بعض المقالات عن الخيانة الأمريكية، واستغلال الطغاة، أذعنت للضغط السياسي وأخذت موقفًا مواليًا لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية بعد زيارة «نيكسون» المدمرة في مايو، مشحونين بالغضب من موقف صحيفتهما، قدم كل من جابرييل جارسيا ماركيز، وصديقه ميندوزا استقالتيهما.