أمريكا والاسلام السياسى
تشكلت لدى كتيرين فى الغرب وخاصة أمريكا , نظرة عامة تجاه الحركات السياسية الاسلامية فتعتبرها متطرفة ارهابية تتعارض فى اساسها مع القيم الديموقراطية وتهدد الاستقرار أينما و جدت ومهما تنوعت سياساتها وتباينت مواقفها , فهناك بعض الأسس التى يجب أن تقوم عليها الاستراتيجية الامريكيه والغرب بصفه عامة تجاه الاسلام السياسى مثل أن يتفهموا أن قوى التطرف تزدهر فى ظل الظروف الاقتصاديه الصعبه كتلك التى تمر بها غالبية دول الشرق الاوسط بصفه عامه وبعض دول الربيع العربى خاصة من بطاله وفقر وتهميش , وبالتالى فان فكرة نشر الليبراليه ومزاياها وحرية السوق قد يصطدموا بالطبع مع هذا الحال الراهن , وتصر الولايات المتحدة على نشر الديموقراطيه باعتبار أن ذلك سيقضى على الارهاب او يجفف منابعه وبالتالى يلغى خطره , وتنسى الولايات المتحدة بأنها هى أول من ساعد عليه وذلك براعيتها لاسامه بن لادن وامداده بالمعلومات المخابراتيه وتزويده بالسلاح فى مواجة السوفييت ولم تفق من غفوتها إلا على أحداث سبتمبر 2001وبعدها حتى أعلنت الحرب على الارهاب وحظر نشاط التيارات الاسلاميه ففى غياب الشروط الاساسيه ومن أهمها وجود مجتمع مدنى ونشر واسع لثقافة التسامح فان الانتخابات بواسطه صناديق الاقتراع فقط سوف تمكن الزعامات التى تدغدغ مشاعر الجماهير بعيداً عن الحوار المنطقى ما سوف يمكن المتطرفيين الدينين من الوصول إلى الحكم ،كما أن تنامى حركات الاسلام السياسى فى العالم العربى يرجع فى معظمه إلى أزمة السلطه فى الدول العربية التى فشلت تجاربها الوحدوية وفشلت برامجها التنموية ومناهجها السياسة وخسرت حروباً مع اسرائيل , حيث أن الدول العربية خاصة الانظمة الرئاسيه فيها , يكون فى الغالب الاعم رئيس الدولة هو رئيس الحزب الواحد الحاكم مثل سوريا والعراق ومصر وتونس والسودان فتتكاتف جميع اجهزة الدولة وامكانياتها لخدمة هذا الحزب .
فجاء الاسلام السياسى بديلاً يملأ الفراغ السياسى الايدلوجى فى العالم العربى ولقد بدأ التحول فى نظرة الغرب خصوصاً أمريكا إلى الاسلام السياسى بعد فشل إدارة كل من الرئيس كلينتون والرئيس بوش الابن فى نشر الديمقراطيه وفق النموذج الغربى , وعندها بدأت الدوائر الامريكيه تبعث برسائل واشارات إيجابيه للتعاون مع حركات الاسلام السياسى فى العالم الاسلامى لتصبح هذه أداة الغرب القادمه لنشر الديمقراطيه الغربية ولكن بنكهه إسلامية وقد وجدت تلك الرسائل قبولاً من قيادات في الاسلام السياسى في العالم العربي وتوج هذا التعاون بزيارة قياديين في الحركات الاسلامية السياسية لأمريكا ولقائهم بمسئولين حكوميين وعقد لقاءات في مراكز للابحاث ومن أشهر الزائرين راشد الغنوشى بعد قيام الثورة التونسيه وطورت الاداره الامريكيه صياغه معلنه لسياستها الخارجيه تجاه الاسلام السياسى اعتمدت فى عهدى الرئيس كلنتون وبوش الأبن ويقول السفير السابق لدى سوريا واسرائيل (( إدوارد برجيان )) أن هذه السياسة المطورة تعتمد وجهات نظر يقدمها أكاديميون متخصصون فى شئون الاسلام ، وتتلخص هذه السياسة فى أن أمريكا تحترم الاسلام وتعتبره واحداً من أعظم الاديان وليس أيدلوجيا مواجهة للغرب ، أما اللذين يلجأون إلى العنف ويخالفون حقوق الانسان ويرفضون التعدديه السياسية فان الولايات المتحده تعارضهم دون النظر إلى إنتمائهم كما تدعو إلى ضرورة التمييز بين التيار الرئيسى في الاسلام وبين المنظمات التى تحارب المصالح الأمريكية. لقد حظى تعامل الغرب مع الاسلام السياسى باهتمام كبير فى الوسط الفكرى المتخصص لصنع السياسة الغربية والامريكيه على وجه الخصوص وزاد الاهتمام وأصبح اكثر عمقاً بعدما سمى بالربيع العربى وظهرت مؤشرات تدل على أن صانع السياسيه المتعلقه بالاسلام السياسى يستأنس بالتحليل الأكاديمى وتوصياته فى المدى البعيد ومع ذلك ففى الازمات وكما حدث فى مصر بعد الإطاحة ((بالاخوان المسلمين)) يهمش سياسيو الغرب وفى مقدمتهم أمريكا تلك الدراسات والآراء لمصلحة السياسة القائمة على المصالح وأمن اسرائيل