"أنت مطرود من العمل"
بقلم: العميد محمد سمير
منذ عدة عقود التحق شاب أمريكى يدعى "والاس جونسون " بالعمل فى ورشة كبيرة لنشر الأخشاب، وقضى الشاب فى هذه الورشه أحلى سنوات عمره.. حيث كان شابًا قويًا قادرًا على الأعمال الخشنة الصعبة.
وحين بلغ سن الأربعين وكان فى كمال قوته وأصبح ذا شأن فى المكان الذى خدم فيه لسنوات طويلة، فوجىء برئيسه فى العمل يبلغه أن الورشة قد استغنت عن خدماته، وعليه أن يغادرها نهائيًا بلا عودة!.
فى تلك اللحظه خرج الشاب إلى الشارع بلا هدف، وبلا امل.. وتتابعت فى ذهنه صور الجهد الضائع الذى بذله على مدى سنوات عمره كله..
فأحس بالأسف الشديد وأصابه الإحباط واليأس العميق، وأحس -كما قال- وكأن الارض قد ابتلعته فغاص فى أعماقها المظلمة المخيفة.
ولم لا وقد أغلق فى وجهه باب الرزق الوحيد الذى يمتلكه هو وأسرته.
ولم يكن يدري ماذا يفعل!!.
وذهب إلى البيت وأبلغ زوجته بما حدث.. فقالت له: ماذا سنفعل فنحن لا نملك أى رأس مال ؟.
وبعد تفكير عميق قال لها:
سأرهن البيت الصغير الذي نعيش فيه وسأعمل فى مجال البناء.
وبالفعل كان مشروعه الأول هو بناء منزلين صغيرين بذل فيهما جهده وباعهما بمكسب معتدل.
ومع الوقت ازداد عدد المنازل الصغيرة التى يبنيها، إلى أن أصبح متخصصًا في البناء بوجه عام، وذلك بسبب إتقانه للعمل وتفانيه فيه، وبدأ اسمه يشتهر في الحي ومن ثم في البلدة وهكذا إلى أن أصبح يقوم ببناء الفنادق والمراكز الصحية في بلدان مختلفة.
وفى خلال خمسة أعوام من الجهد المتواصل أصبح ثريًا مشهورًا.. إنه "والاس جونسون" الرجل الذي بنى سلسلة فنادق (هوليداي إن) العالمية.
يقول هذا الرجل فى مذكراته الشخصية:
"لو علمت الآن أين يقيم رئيس العمل الذى طردني لتقدمت إليه بالشكر العميق لأجل ما صنعه لي.. فَعندما حدث هذا الموقف الصعب تألمت جدًا حينها ولم افهم لماذا.. أما الآن فقد فهمت أن الله شاء أن يغلق فى وجهى بابًا ليفتح أمامي طريقًا أفضل لى ولأسرتى".
تذكر دائمًا يا صديقى أن أي فشل يمر بحياتك ليس هو النهاية لك.. فقط فكر جيًدا، وتوكل على الله، وتعامل مع معطيات حياتك.. وابدأ من جديد بعد كل موقف متسلحًا بثقتك بالله العلى القدير وحسن ظنك فيه.
وقصة كفاح "والاس جونسون" الواقعية خير دليل على ذلك، فهى تخبرنا بالآتى:
1- قدرة الإنسان على تحقيق حلمه وهدفه مهما كانت إمكانياته بسيطة.. المهم السير بثبات وإيمان بالقدرة على النجاح.
2- يستطيع أي إنسان البدء من جديد مهما كان سنه.
3- لا تعطي لأحد الفرصة لإحباطك والتقليل من شأنك، وإذا ما تم إغلاق باب في وجهك فبإمكانك أن تفتح بابًا آخر، وتصنع منه مدخلًا إلى عالم جديد أجمل وأحسن.
ولا أجد ختامًا أفضل من قول الله تعالى:
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
نقلا عن فيتو