إدانة دولية شديدة لاعتداء شرطة الاحتلال الإسرائيلي على جنازة الصحفية شيرين أبو عاقلة
توالت ردود الفعل الدولية التي تستنكر اعتداء الشرطة الإسرائيلية بالضرب على مشيعي جنازة الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة في القدس.
وقال الصليب الأحمر في القدس إن 33 شخصاً أصيبوا في أعمال العنف التي شهدتها جنازة أبو عاقلة، فيما كان هناك ستة اعتقالات.
وقال البيت الأبيض إن صور الشرطة الإسرائيلية وهي تهاجم فلسطينيين يحملون نعش (شيرين أبو عاقلة) مقلقة للغاية وإنه لا يمكنهم تبرير هذه الأفعال.
وفي حديث خلال مؤتمر صحفي، قالت السكرتيرة الصحفية للرئيس بايدن، جين بساكي، إن "العنف شوّه ما كان ينبغي أن يكون حدثاً سلمياً".
كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن شعوره بالصدمة لاستخدام "القوة غير المبررة" في وجه المشيعين.
وقال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق إن المشاهد كانت "صادمة جداً".
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية المصرية الاعتداءات التي تعرضت لها الجنازة، حيث وصف المتحدث باسم الوزارة أحمد حافظ في بيان مثل هذه الاعتداءات بـ"غير المقبولة أو المبررة"، مضيفاً أنها تمثل انتهاكاً لحقوق الشعب الفلسطيني ولحرمة الموتى.
وذكر البيان أنها تؤدي إلى زيادة الاحتقان وعدم الاستقرار في الأراضي الفلسطينية وهو ما يؤثر سلباً على كافة الجهود الرامية لإحلال السلام في المنطقة.
كذلك أدانت قطر وقناة الجزيرة سلوك الشرطة خلال الجنازة.
"إخلال بالنظام العام"
وكانت عناصر الشرطة الإسرائيلية قد استخدمت الهراوات في وجه المشيعين الذين كانوا يحملون نعش أبو عاقلة، كما ألقى عناصر من الخيالة قنابل صوتية في الحشد، واتهمت الشرطة فلسطينيين برشق عناصرها بالحجارة.
واقتحمت قوات إسرائيلية مستشفى خرج منه جثمان الصحفية في طريقه إلى الدفن، بسبب ما وصفته بأنه "إخلال بالنظام العام".
وأظهرت صور بثتها قناة الجزيرة النعش، الذي يحمل جثمان الصحفية القتيلة، يكاد يسقط أرضاً، عندما كانت قوات إسرائيلية تنتزع الأعلام الفلسطينية من أيدي المشيعين.
وقالت الشرطة الإسرائيلية في بيان إنها تحدثت مع عائلة أبو عاقلة من أجل السماح "بموكب جنائزي محترم".
وأضاف البيان: "للأسف أن المئات شرعوا في الإخلال بالنظام العام حتى قبل أن يبدأ تشييع الجنازة، فبمجرد ما برز النعش من المستشفى بدأ رشق الشرطة بالحجارة، فاضطرت إلى استعمال وسائل قمع الشغب".
وبثت الشرطة شريط فيديو يظهر أحد أفرادها يتحدث إلى الحشود في مكبر للصوت، قائلا: "إذا لم تتوقفوا عن هذه الهتافات (الفلسطينية) والأغاني والوطنية سنلجأ إلى القوة لتفريقكم، ولن تجري مراسم الدفن".
وتمنع السلطات الإسرائيلية رفع الأعلام الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة، وتنتزعها من حامليها في المظاهرات والتجمعات.
وفي وقت لاحق تجمع آلاف من المشيعين لتوديع الصحفية التي دفنت في مقبرة صهيون في البلدة القديمة بالقدس.
"تعمد ارتكاب الجريمة"
وأيدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة دعوات لإجراء تحقيق كامل في مقتل أبو عاقلة يوم الأربعاء.
وفيما أكدت النيابة العامة التابعة للسلطة الفلسطينية استمرار اجراءات التحقيق في قتل أبو عاقلة، خلصت التحقيقات الأولية الى أن مصدر إطلاق النار الوحيد في مكان الحادثة كان من القوات الاسرائيلية لحظة إصابة الصحفية.
كما أشارت التحقيقات الى تعمد القوات الاسرائيلية "ارتكاب جريمتهم" بحسب وصف النيابة.
وتبين من خلال إجراءات الكشف والمعاينة لمسرح الجريمة وجود آثار وعلامات حديثة ومتقاربة على الشجرة التي أصيبت قربها شيرين، ناتجةً عن إطلاق النار بشكلٍ مباشر باتجاه موقع الجريمة.
وكانت قوة اسرائيلية تبعد عن شيرين أبو عاقلة عند إصابتها حوالي 150 متر.
وكانت أبو عاقلة ترتدي الزي الصحفي والخوذة الواقية، كما وجد التحقيق أن اطلاق النار تجاه المكان استمر إلى ما بعد إصابتها ما أعاق محاولات الوصول إليها لإسعافها من قبل زملائها والمواطنين.
وأكدت النيابة العامة أن نتائج التقرير الأولي للطب العدلي تشير الى أن سبب الوفاة المباشر هو تهتك الدماغ الناجم عن الاصابة بمقذوف ناري ذي سرعة عالية نافذ الى داخل تجويف الجمجمة.
وأمرت النيابة بإحالة جثمان أبو عاقلة على المختبر الجنائي لإعداد تقرير فني مفصل بالشأن، على أن تعلن النيابة العامة عبر مؤتمر صحفي كافة النتائج النهائية لتحقيقاتها فور الانتهاء منها.
من جهتها، قالت السلطات الإسرائيلية إنها لم تستطع، في تحقيق أولي، تأكيد من أطلق الرصاصة التي قتلت مراسلة قناة الجزيرة في الضفة الغربية.
وأضاف البيان أن تحقيق الجيش خلص إلى أنه "من غير الممكن تحديد مصدر الرصاصة التي قتلت الصحفية، وأن التحقيق يرجح احتمالين".
وذكر بيان الجيش الإسرائيلي أن الاحتمال الأول هو "إطلاق نار كثيف من المسلحين الفلسطينيين على الجنود الإسرائيليين، نتجت عنه مئات الرصاصات من مختلف الجهات".
أما الاحتمال الثاني، حسب البيان، فهو أنه "أثناء الاشتباك أطلق أحد الجنود النار من عربته على إرهابي كان يطلق النار على عربته".
وكانت إسرائيل قد دعت إلى تحقيق مشترك وطلبت من السلطات الفلسطينية تسليمها الرصاصة التي أودت بحياة شيرين، من أجل معاينتها.
ورفضت السلطة الفلسطينية التحقيق المشترك مع إسرائيل، محملة إياها "المسؤولية الكاملة" في مقتل الصحفية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه "سيواصل التحقيق في الحادثة بالوسائل المتوفرة، متأسفا على غياب الدليل الأساسي الذي قد يفصل فيما إذا كانت قاتل شيرين جندي إسرائيلي أو مسلح فلسطيني".
اشتباكات جديدة في جنين
وكانت اشتباكات بين مسلحين فلسطينيين وقوات إسرائيلية قد اندلعت صباح اليوم خلال اقتحامها للمخيم الذي يقع في شمالي الضفة الغربية.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بإصابة 13 شخصا من بينهم إصابات خطيرة في البطن والصدر خلال الاشتباكات، كما أعلنت إسرائيل مقتل أحد جنودها.
واتهمت قناة الجزيرة القوات الإسرائيلية بقتل مراسلتها عمدا. ووصفت ما حدث بأنه "جريمة بشعة متعمدة". وتعهدت بملاحقة مرتكبيها.
وأثار مقتل شيرين تضامنا واسعا في الأوساط الصحفية العربية ولدى منظمات صحفية دولية، فيما نظم صحفيون ونشطاء في تونس والأردن والعراق ولبنان احتجاجات واعتصامات تنديدا بقتلها.
وأبو عاقلة فلسطينية تحمل الجنسية الأمريكية وتبلغ من العمر 51 عاما، كانت من أبرز المراسلين في المنطقة.