إذا الشعب يوما أراد الحياة
بقلم : محمد ذكي
أعلنت اللجنة العليا للانتخابات مشاركة أكثر من 20.5 مليون في الاستفتاء على مشروع الدستور بنسبة 38.6% من إجمالي عدد الناخبين المقيدين في الجداول الانتخابية وقد نال الدستور موافقة 19 مليونا و985 ألف ناخب بنسبة 98.1% من إجمالي عدد المشاركين في التصويت لتعبر مصر بخطوات ثابتة نحو أفق أرحب من الديمقراطية مندفعة إلي انتخابات رئاسية يليها انتخابات برلمانية تنفيذا لخارطة الطريق التي ارتضاها الشعب ولتعم السعادة كافة ربوع مصر فرغم علم الجميع المسبق بنتيجة الاستفتاء علي الدستور .
إلا أن لحظة الإعلان الرسمي للنتيجة بالمؤتمر الصحفي حين تلا المستشار نبيل صليب رئيس اللجنة العليا للانتخابات الأرقام انتابتنا حالة من السعادة ذات الشجون وسمعت زغاريد الفرحة وخرج الشباب في السيارات بل والتكاتك مرددين الأغاني والأناشيد الوطنية في يوم رائع له دلالاته علي عظمة الشعب المصري الذي هزم المستحيل وتحدي الصعاب وخرج معانقا آماله مبديا قراراه دون تردد أو خوف لم يرهبه غدر إخوانه في الوطن الذين سلكوا مسلك الهلاك وراهنو علي الجواد الخاسر فنالوا الهزيمة تلو الأخري وراحوا ينشرون الفساد والإرهاب في كل ربوع المحروسة محاولين إحداث الفوضى.
ولكن هيهات فاليوم لايشبه البارحة ففي 25 يناير اجتمعت إرادة الشعب لإزالة نظام جثم علي الصدور ثلاثين عاما قضي فيها علي الأخضر واليابس لكن الشعب الذي سرقت ثورته أعطي في 30 يونيو درسا في الإرادة لكل العالم وخلع نظاما إخوانيا أراد أن يتغلغل إلي كل مفاصل الدولة ليتحكم في مقادير وقوت الشعب أرادت جماعه صغيرة أن تحكم شعبا كبيرا فنالت ماتستحقه ، كان مرور الدستور بهذه النسبة التصويتية الهائلة وغير المسبوقة رسالة للعالم اجمع أن المصريين من الصعب ترويضهم أو ترويعهم رأيت بعيني ذلك العجوز المريض المصاب بالكبد وقد كان يحقن بالبلازما فإذا به يحضر والكالونيا بيده مستأذنا الطابور ليدخل يدلي بصوته في شهادة أمام الله ويعود إلي حيث يرقد علي فراش المرض ورأيت الفلاح الذي لم يمنعه طول الطابور أمام المدرسة الإعدادية بقريته من أن يلتزم ويدخل ويبصم أمام اسمه لقد فاق عدد من خرج للإدلاء بصوته الاستفتاء علي دستور 2012 بكثير رغم أن العدد هذه المرة لم يشمل الإخوان والموالين لهم .
يستعد الشعب للتحديات القادمة إيمانا بضرورة المساهمة في رسم خارطة مستقبل مصر ولاننسي أن المقيدين في قواعد الناخبين 53,423,485 مواطن وهو مايعني أن الكتلة التصويتية الفاعلة لاتتعدي 38 % ممن لهم حق التصويت تلك الفجوة يمكن العمل عليها وهؤلاء الذين يلزمون منازلهم يمكن أن يقلبوا الأمور رأسا علي عقب فهل يمكن أن تنشط الأحزاب الخاملة في العمل علي تحريك الكتلة التصويتية الراكدة لتعبر النتائج تعبيرا صادقا عن اختيارات الشعب .
وهل يمكن الاستفادة من قدرات الشباب وأفكارهم غير المألوفة بدلا من استخدامهم فقط أثناء الثورات ثم إبعادهم عن دوائر صنع القرار نعم اتفق مع الرؤى التي تقول انه لايمكن أن نعطي لكل من هتف منصب رسمي وهو لايملك ما يؤهله لكنني لا أتحدث فقط عن الشباب الثائر الذي خرج وهتف وتحمل وعرض نفسه لأقصي أنواع العنف وما شهدائنا في الثورات إلا شباب خرج للتغيير من اجل مستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة المهم أننا علي الطريق واثبت المصري انه قادر علي التصدي والتحدي وتحقيق ما يصبو إليه وكما قال أبي القاسم الشابي في رائعته إرادة الحياة ..
إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر
وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر