تقرير: كريم جابر

هل تستطيع أن تتخيل نص هذه المكالمة الهاتفية إذا كنت تعمل كطبيب:«ترن ترن ألو دكتور فلان أو دكتورة فلانة، حضروا نفسكم عندكم تكليف يوم كذا في المستشفى الفلاني والتكليف ده هو مهمة انتحارية لمواجهة أخطر فيروس في العالم، هذا العدو لا نستطيع أن نراه أو نستنشقه!، كيف سيكون رد فعلك حينها؟!، أمر قاسي للغاية أليس كذلك؟!، أعزائي القراء كتبت السطور القادمة بهدف وضع عقولكم ولو لثواني معدودة مكان الأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات وكافة من يعملون في القطاع الصحي المصري من أجل معرفة جزء ولو بسيط من قصص هائلة وتضحيات رائعة يقدمها القطاع لخدمة مرضى الكورونا في مصر حتى تمام شفائهم.

ورغم أن علماء العالم لم يصلوا إلى لقاح لمواجهة كوفيد-19، لا يزال هؤلاء الأبطال يواجهون عدو مجنون غير مرئي لا يرحم أحداً لا يرحم غني أو فقير، مسلم أو مسيحي ، أبيض أو أسود لا يفرق بين أي شخص، وللأسف سقط ضحايا وشهداء منهم، فعلينا تكريمهم وإحياء ذكراهم والامتنان العميق لمجهوداتهم المبذولة، علينا توفير كافة ما يطلبونه من أجل القضاء على هذا الفيروس اللعين.

ورغم أيضاً إصابة بعض أعضاء الأطقم الطبية، نجدهم لا يتراجعون ونجد تصريحاتهم الإعلامية والصحفية أنهم سيعودون للعمل مرة أخرى عقب شفائهم، نعم لديهم إرادة قوية، نعم يمتلكون روح معنوية رائعة، نعم بينهم كوادر تُعد بين الأفضل في العالم

زهرة التحرير قامت بإجراء تقريراً عن تضحيات ومجهودات هؤلاء الأبطال، جيش مصر الأبيض الذي لا يزال صامداً في مواجهة الفيروس الذي انتشر أواخر العام الماضي من بؤرته الرئيسية  بمدينة ووهان الصينية.

في البداية تقول الدكتورة ميرفيت السيد، مديرة المستشفى:« عندما نما إلى علمي أن مستشفى العجمي تحولت إلى عزل، لم أقلق أو استشعر الخوف على الإطلاق، كوني طبيبة طوارىء بالأساس واستقبل أزمات و حالات حرجة من هذا النوع، وتلقيت تدريب قبل انتشار كورونا- حول كيفية مواجهة الأزمات الطارئة، وحصلت على درجة الدكتوراه في كيفية إدارة والتعامل مع الأمراض المعدية، لذلك تلقيت خبر استقبال حالات بهدوء تام للإعداد الجيد لمواجهة الفيروس».

وأضافت:«اجتمعت بالطاقم الطبي، ووضعنا خطة بالتنسيق مع الوزارة، وتم تحويل المستشفى وأسرتها إلى عناية مركزة بكافة أنواعها، وتدربنا بشكل احترافي على كيفية التعامل مع كافة المرضى والمستلزمات الطبية، حول كيفية استخدامها والتخلص الآمن منها».

وأكملت:«عند خروج حالات تعافي، يتحول الأمر إلى فرحة عارمة، دعوات المرضى وذويهم تجعلنا نستكمل رغم الظروف».

وعن كواليس استقبال أول حالة:«الطاقم الطبي تحول إلى خلية نحل، الجميع كان يعلم دوره بشكل جيد، وغادر شعور الخوف قلوب البعض تماماً مع بداية تطبيق التدريب واستقبال أولى الحالات».

ويقول الدكتور وليد مختار: «عندما بدأت الجائحة في الانتشار، ذهبت إلى مديرية الشئون الصحية لطلب الانضمام إلى الأطقم الطبية التي ستواجه فيروس كورونا، أبلغت زوجتي وشقيقي ولكنني لم أبلغ والديا نظراً لأعمارهم وذلك كان سيُؤثر عليهم وحتى الآن لا يعلموا ذلك، وبدأت مُهمتي في 21 مارس الماضي».

وأضاف:«شعور المرضى كان رائعاً تجاه مجهوداتنا، هناك الكثير منهم يتواصل معنا حتى الآن للتعبير عن الامتنان لنا، رغم خروجهم من المستشفى وتمام شفائهم».

وأكمل:«مر علينا بعض المناسبات الدينية والاجتماعية مثل شهر رمضان الكريم وعيد الفطر المبارك بشكل مختلف هذا العام، قضيتهما في المستشفى لمساعدة الزملاء في الأطقم الطبية، ورغم أنني كنت بعيداً عن أسرتي ولكن كان ينتابني شعور الفرحة لمساعدة المرضى و رضاء الله، مشيراً إلى أنه عاد مرة أخرى لمستشفى العزل لإكمال مهمته».

ووجه نصيحته كطبيب،قائلاً:« أتمنى تطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية الصادرة من منظمة الصحة العالمية والحكومة المصرية، وأيضاً دعاء الجميع بالتوفيق في إكمال هذه المهمة بسلام وخير».

وقال الدكتور وليد محمد عبد الغني: «جاء لي انتداب للانضمام إلى الأطقم الطبية لمواجهة كورونا، أعمل منذ شهر في مواجهة كوفيد-19، وقمت بتجديد الفترة الثالثة ليّ أعمل بحرية كاملة دون إجبار على ذلك، لأن لدي رغبة عميقة في مساعدة المرضى حتى القضاء على الفيروس».

وأضاف:« في بداية انتشار الوباء في مصر، كنا نستقبل عدد قليل من الحالات، ولكن الآن الوضع مختلف، الأعداد تزداد، ونوعية الحالات تكون ما بين المتوسطة والخطيرة».

وأكمل:«الأجواء رائعة بين الطاقم الطبي، التعاون بيننا على أعلى مستوى، الشعور مختلف عن أيام العمل العادية، ولاسيما الأجواء في شهر رمضان، الله يُلهمنا القوة والصبر، نحتاج الدعم و الدعاء وأيضاً التزام المواطنين».

وقالت الدكتورة شيماء حشيش:«جئت ضمن الدفعة السادسة بمستشفى العجمي لمواجهة كورونا، رغم أنني أعمل في غير تخصصي ولكن معنا زملاء يدعموننا، سعيدة للغاية لخدمة المرضى بشدة ودعم الطاقم الطبي هنا، الأجواء بيننا رائعة، مشيرة إلى أن الأسبوع الأخير من شهر رمضان الكريم كان الأصعب نظراً لارتفاع حرارة الطقس مع ارتداء البدلة الواقية».

وأكدت حشيش أن ضميرنا لا يسمح لنا بالتأخر عن تلبية أي نداء يخدم المرضى ويواجه المرض، متمنية توفير كافة ما يطلبه الطاقم الطبي للحفاظ على سلامة الجميع.

وأشادت بالتجربة على المستوى العلمي والطبي والإنساني، قائلة: «حصدت خبرات اكتسبتها خلال مواجهة الفيروس والتي أتت بالنفع عليّ في مجالي كطبيبة، مناشدة الجميع بتطبيق الإجراءات الاحترازية».

وقالت دكتورة هدير علي: «أتخذت قرار بعدم التردد عن تلبية النداء إذا ما تم تكليفي بالانضمام إلى الأطقم الطبية التي تخوض مواجهة كورونا، وبالفعل تلقيت مكالمة هاتفية مفادها أنني سأكون ضمن الطاقم الطبي بمستشفى العجمي، أبلغت أسرتي وأصدقائي بذلك والجميع كان قلقاً عليّ للغاية، وبالفعل قررت الذهاب عقب دعم العامل الإلهي».

وأضافت:«رغم أنني أتخصص في طب النساء والتوليد وكنت أتولى خدمة ورعاية السيدات الحوامل المُصابات بكورونا، ألا أنني كنت أساعد أيضاً زملائي وزميلاتي في الحالات الأخرى لتخفيف الضغط الواقع عليهم».

وأكملت:«استشعرت بقيمة عملي كطبيبة، عند دخولي غرفة المرضى للمرة الأولى، انتابني هذا الشعور: أن الله لا يعطي أصعب المعارك ألا لأقوى جنوده، لم أخاف على الإطلاق، لقد اتخذت الإجراءات كاملة، فالمرضى يحتاجون شعور الأمان والدعم، كنت أقترب من المرضى لدعمهم، وأجمل اللحظات التي مرت علي هي سماع زغاريد  من أهالي المرضى الذين تم شفائهم».

وأشادت بإدارة المستشفى برئاسة د.ميرفيت السيد نظراً لمجهوداتها الكبيرة في تأمين الطاقم الطبي والعاملين وأفراد الأمن، ورغم إصابتها في القدم إلا إنها لاتزال تُكمل عملها بكل قوة، مطالبة بتكريمها نظير ما تقدمه من تضحيات».

ونفت كافة الشائعات المنتشرة على السوشيال ميديا بإن الأطباء سيتركون عملهم ووأخرى بتوجيه اتهامات لهم بالانضمام لجماعة الاخوان الإرهابية، قائلة: «شائعات لا أساس لها من الصحة، نحن مستمرون في خدمة المرضى في كافة الظروف، لا أهتم بأي شىء غير تمام شفائهم، نحن الآن نحتاج إلى دعم الجميع بالدعاء، أتمنى من المواطنين تطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية وارتداء الكمامات لأن مواجهة الفيروس يتطلب العامل النفسي المرتفع لدعم جهاز المناعة».