إسقاط 25 يناير.. واللعب بالنار
بقلم– عماد عنان
من يتابع المشهد السياسي منذ الإطاحة بالدكتور محمد مرسي في 3 يوليه وحتى الآن ، يلاحظ أن هناك مخطط واضح لاستئصال شأفة ثورة 25يناير واقتلاعها من جذورها بصورة تمحي من الذاكرة تلك الأحداث التي راح ضحيتها المئات من الشهداء والآلاف من المصابين . ومن يترجم لغة الجسد ويحلل تصريحات أحد أبرز فلول نظام مبارك وأطولها لسانا وهو مرتضى منصور يجد بما لايدع مجالا للشك أن هناك مؤامرة على الشعب المصري بأكمله تستهدف لإسقاط عامين ونصف من تاريخ المصريين ، وإعادة إنتاج نظام مبارك من جديد بصورته الجديدة لكن بممارسات أكثر قمعا ووحشية .
أصبح منصور كالاراجوز المتنقل من فضائية لأخرى يجعجع ويولول ويهدد وينذر ويحذر كل من اشترك في ثورة 25 يناير ، ويؤكد بمنتهى التبجح أن تلك الثورة انتهت للأبد ولن تعود وأنها كانت (غلطة ) في تاريخ مصر والمصريين ، واعتقد أن مرتضى لن يجرؤ على البوح بما يبوح به عبر الفضائيات دون سند ودعم وتأييد من السلطة الحاكمة الآن ، وإلا أين كان المرتضى طيلة العامين والنصف الماضيين ؟!! يقع الوطن والمواطن على حد سواء تلك الأيام أسير حالة من الاستقطاب والإقصاء ، فمن ليس معي فهو ضدي ، في مشهد يذكرنا بمفهوم " الدول المارقة " الذي استحدثته الإدارة الأمريكية لمحاربة كل الدول التي تشذ عن المخطط الأمريكي وترفض سياساته الدولية ، ونظامنا الحالي يمارس هذا المفهوم بصورة فاقت ممارسات واشنطن منذ عام 2001 .
ففي الوقت الذي قام فيه المتنطعون من المدافعين عن الحريات والديمقراطيات وقبول الآخر برفض الاستقطاب والدعوة للم الشمل ، هاهم أنفسهم الآن يمارسون الإقصاء بصورة غير مسبوقة ، فمن ليس معهم على خطهم السياسي فهو ضدهم ومنتمي لتيار الإسلام السياسي ويجب استئصال شأفته واقتلاعه من جذوره بصفته غير مرغوب فيه . وانقسم المشهد السياسي الآن إلى قسمين ، الأول قسم يمجد ويهلل ويركع ويسجد للجيش والشرطة ، وقسم يعتمر أمام كعبة الإخوان مهما كانت ذلاتهم ، ومابين القسمين يجلس المواطن المصري أسيرا أمام فضائيات تلعب بعقله وفكره كما يلعب الأطفال . وتمادى الانقسام إلى الحد الذي بدا للجميع أننا نحيا في دولتين وليست دولة واحدة ، فهناك دولة ترفع علم رابعة ودولة أخرى ترفع صورة السيسي …والوطن وحده هو من يئن ويدفع الثمن غاليا جدا . وكالعادة إعلامنا يمارس عربدة لامثيل لها ، بلا مهنية أو حرفية في الأداء وهو مايفقده بريقه ويتسبب في تراجعه على المستوى الإقليمي والدولي نتيجة افتقاده للموضوعية في الطرح والحيادية في الأداء .
فالإعلام الذي أقام الدنيا ولم يقعدها لمشاكل هشة في عهد مرسي من انقطاع للكهرباء والمياه وعدم توافر البنزين والجاز ، الآن يرى أن تلك المشاكل تافهة وغير جديرة بالتناول طالما أن هذا على هوى الخط السياسي العام المؤتمر بتعليمات الجهات السيادية العليا ، وكأننا نعود للخلف بصورة أسرع مما كنا نتوقع أن نسير بها للأمام. نحن ضد الاستقطاب كما أننا ضد الإقصاء ، مصر للجميع ، ليست ملكا للسيسي ولا ملكا للإخوان ، مصر لكل المصريين رغم انف الجميع ، ومن يعزف على وتر إسقاط الوطنية من على المنتمين للتيار الإسلامي يلعبون بالنار ، فاليوم تلك الأحزاب المنتمية للتيار الإسلامي تمارس دورها على الملآ وتحت أعين الجميع ، غدا إن تم إقصاؤها ستمارس دورها في الخفاء ، ووقتها لا يلومن احد إلا نفسه …..نقولها الآن وليس الغد ..مصر للجميع ولا تجعلوا السفهاء يلعبون بالنار…