اتفاقية "عنتيبي" تنعش فرص مصر لحل أزمة سد النهضة
لا تزال اتفاقية “عنتيبي” محل خلاف بين مصر ودول أفريقية أخرى ترى ضرورة تقليل نسبة مصر من المياه، ما دفع رؤساء الدول المشاركة في اتفاقية حوض النيل لخوض محاولة دبلوماسية لتعديل بنود الاتفاقية، للحؤول دون تنفيذ ذلك ولتعديل خلل بالاتفاقية كان له أثر بالغ ظهر في بناء سد النهضة الأثيوبي دون الرجوع لبقية دول حوض النيل.
فرصة للتفاوض
أعمال القمة الرئاسية لدول حوض النيل المنتظر عقدها الأربعاء والخميس المقبلين في أوغندا، يشارك بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث سيتم طرح وثيقة جديدة تتضمن عددًا من المبادئ لاستخدام مياه النيل بما يحفظ الأمن المائي، وهي فرصة يراها البعض مناسبة للتفاوض بشأن أزمة سد النهضة خاصة مع وجود أطراف دول حوض النيل في محاولة للتوسط وتقريب وجهات النظر للخروج بحلول مرضية، فهل تستغلها القاهرة بشكل إيجابي.
فوضى “عنتيبي”
ويرى الخبير الاستراتيجي في مياه الشرق الأوسط، الدكتور نور عبد المنعم، أن اتفاقية “عنتيبي” خلقت حالة من الفوضى بين دول حوض النيل، ومنحت للدول حق بناء سدود تضر بالدول الأخرى دون أخذ رأيها.
وأردف في تصريحات لـ “إرم نيوز”، أن مصر لا تمانع إقامة المشروعات المائية، ولكن يجب أن تتشاور حول تأثير السد عليها، وهو ما لم تقم به أثيوبيا لذا وجب مسبقًا تنفيذ تعديلات على اتفاقية “عنتيبي”.
وقال إن الاتفاق بين دول حوض النيل سوف يعقد للتوفيق في مبادرة لحل خلاف “عنتيبي”، ومحاولة للعودة لأصل المبادرة حيث تتفق كل من مصر والسودان وأرتيريا والكونغو الديمواقراطية على أن مبادرة “عنتيبي” لا تراعي الحصص التاريخية من المياه لدول حوض النيل.
حصص مصر المائية
وأوضح أن حصة مصر من مياه النيل حاليًا تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويًا، وهي لا تكفيها في الوقت الحالي، إذ تستهدف مصر أن تبلغ نسبتها 74 مليارا تحصل عليهم حاليًا من خلال إعادة تدوير المياه أو المياه الجوفية، في حين تشهد مصر نقصًا حادًا في توفير المياه يحول دون تنفيذ خطتها للتوسع الزراعي متسائلًا: “كيف يمكن أن تسمح بانتزاع من حصتها التاريخية”.
وأكد أن المباحاثات ستتطرق للحديث عن سد النهضة الذي هو أحد نتائج اتفاق “عنتيبي”، حيث تسعى الدول الموجودة في الاتفاقية إلى أن يكون أي قرار مستقبلي يمرر بأغلبية الأصوات وليس بالإجماع.
مناورات إعلامية
وعن ما أشيع عن استعداد أثيوبيا لبدء ملء سد النهضة خلال الشهر الجاري، أوضح عبد المنعم أن الملء مرتبط بموسم الفيضان وتساقط الأمطار الذي يحين موعده في أثيوبيا خلال يونيو/ حزيران الجاري ويوليو/ تموز المقبل، ولكن ما قد يؤخر ذلك هو أن نسبة الإنشاء في سد النهضة حتى الآن 75%، مرجحًا أن تمارس أثيوبيا ما أسماه بـ”مناورات إعلامية” لمحاولة الضغط على الإدارة المصرية.
وقال إن الوقت الأنسب لبدء ملء السد سيكون يونيو/ حزيران العام القادم، حتى تكون أعمال البناء قد انتهت وتكون اللجنة الاستشارية قد انتهت من إعداد التقرير الخاص بتأثير السد على مصر وكل من دول حوض النيل، ولكن الآن لا تزال هناك مشاكل فنية وإدارية تعوق البدء في ذلك.
لا نتائج بعد
عضو بلجنة الخبراء المصرية المعنية بتقييم آثار سد النهضة، والفريق المفاوض مع الجانب الأثيوبي، قال إن مباحثات السد لا تزال مستمرة ولم يتم الإعلان عن أي نتائج حتى الآن.
وعن إمكانية بدء أثيوبيا ملء السد الشهر الجاري، نفى المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، إمكانية حدوث هذا الإجراء، لافتًأ إلى أن مصر لم تخطر رسميًا بذلك وما يتم تداوله هو مجرد أحاديث عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبشأن رد الفعل المصري حال قامت أثيوبيا بالملء فعليًا، قال إن الحديث عن ذلك سابق لأوانه، لأن مكتب الخبراء لا زال يستكمل المسار الفني له.
مصر غاضبة وتحذر
وفي تصريحات غير رسمية خلال لقائه عددًا من رؤساء التحرير والكتاب، أعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري، مؤخرًا عن عدم رضاه عن مسار المباحثات بين مصر وأثيوبيا حول ملف سد النهضة، محذرًا من أن تكون سياسة أديس أبابا تهدف لكسب الوقت.
وقال شكري “إننا نتابع ونقيم الوضع، وإذا شعرنا أن أثيوبيا تسعى لكسب مزيد من الوقت، فسنتخذ مسلكًا آخر”.
وحول طبيعة المباحثات، أكد وزير الخارجية المصري أن الاجتماعات الأخيرة على المستوى الفني كانت صعبة، مشيرًا إلى أنه لا يستطيع أن يقول إنه راض عن نتائجها.
وأردف “نحن لم نضع شرطًا مسبقا لوقف العمل بالسد، وأن يكون هناك مسارٌ وخطى متسارعة للانتهاء من الدراسات حتى نلبي الشروط الواردة بالاتفاق الإطاري، وهذه ملاحظة نبديها بشفافية ولكنها خاضعة للتواصل الذي يتم ثنائيًا”.
يذكر أنه تم توقيع اتفاقية “عنتيبي” بواسطة أثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي في مايو/ أيار 2010، ودعت أوغندا خلال الفترة الماضية باعتبارها رئيسة الدورة الحالية لمبادرة حوض النيل، رؤساء دول الحوض لأهمية الجلوس معًا على مائدة التفاوض لحل الخلافات العالقة فى الاتفاقية الإطارية، وعودة مصر لممارسة أنشطتها في مبادرة حوض النيل.