اختيار المسئولين
- 13 فبراير, 2020
- بواسطة
زهرة التحرير
- التعليقات على اختيار المسئولين مغلقة
- 68
بقلم: محمد سمير
أثناء زيارتى مؤخراً لإحدى الجامعات الحكومية الكبيرة خارج القاهرة، لإلقاء محاضرة فى مجال تطوير الذات، حدثت واقعة ذات دلالات شديدة الخطورة، سيكون لها بالتأكيد تأثيرات وانعكاسات فائقة السلبية على مستقبل الوطن ككل، لو لم نحسن دراسة جذور أسبابها الحقيقية، لكى نعالجها المعالجة الصحيحة العاجلة والمستدامة، خاصة أنها تتعلق بأحد أهم المعايير التى تبنى عليها الشعوب المتقدمة سبل تقدمها وهو معيار الكفاءة.
والواقعة تتلخص باختصار فى أنه بعد انتهائى من المحاضرة، قمت بتلبية دعوة الأستاذ الدكتور نائب رئيس الجامعة، لاستضافتى فى مكتبه وإهدائى درع الجامعة، وخلال المقابلة دار بيننا حديث طويل فى حضور عدد من أعضاء هيئة التدريس الأجلاء تناول العديد من الأمور المهمة فى عدة مجالات، ولقد لفت نظرى بشدة أثناء الحوارات الجماعية الأسلوب الفاتر الذى كان يصل فى بعض الأحيان لحد السخرية الذى يتعامل به أعضاء هيئة التدريس مع آراء نائب الرئيس، وهو ما أثار فضولى بالطبع بعد اللقاء لمعرفة أسباب هذا السلوك غير اللائق، وبالسؤال الدقيق علمت أن جميع أعضاء هيئة التدريس بهذه الجامعة تربطهم علاقة هشة للغاية بهذا المسئول، نظراً لضعف شخصيته، وعدم كفاءته المهنية، على حد قولهم، وأنه ما كان يمكن أبداً أن يتبوأ هذا المنصب الرفيع الذى لا يستحقه، لولا تدخل رئيس الجامعة الذى سعى بكل جهده لاختياره فى هذا المكان حتى لا يشكل أى تهديد وظيفى عليه فى المستقبل، لكى يبقى هو فى منصبه لأطول فترة ممكنة.
وهنا يجب أن نصارح أنفسنا بكل أمانة وموضوعية بأن ما فعله رئيس الجامعة هذا من خيانة لأمانة المسئولية بات يشكل ظاهرة خطيرة متنامية فى مجتمعنا على جميع المستويات منذ فترة طويلة، وتعتبر هذه الظاهرة تحديداً أحد أهم الأسباب الجوهرية التى تجعل خطواتنا بطيئة ومتثاقلة للغاية نحو بلوغ العديد من أهدافنا المرجوة، وهو ما يستوجب من جهات الاختصاص إدراك الأهمية القصوى لضرورة التغيير الجذرى للتشريعات والقوانين واللوائح والآليات التى تحكم منظومة اختيار المسئولين والقيادات وأسلوب تصعيدهم على جميع المستويات فى بلادنا الغالية، وبما يضمن أن يكون لدينا عناصر صالحة وتتمتع بأقصى درجات الكفاءة المهنية والأخلاقية فى قيادات جميع الصفوف بما فيها قيادات الصفوف الثانية والثالثة وما بعدها.
من المهم والواجب أن تدرك الدولة إدراكاً لا لبس فيه أن اختيار مسئولين أسوياء نفسياً وأخلاقياً، ويتمتعون بأقصى درجات الاحترافية المهنية على جميع المستويات من أعلاها إلى أدناها، هو الشرط الأساسى الأول الذى لا غنى عنه لأى مجتمع طموح يرغب بصدق فى تحقيق التقدم المطرد والمستدام، لأن هذا النوع فقط من المسئولين هو الذى يسعى طوال الوقت إلى حسن اختيار نوابه ومرؤوسيه ورفع كفاءتهم بكل السبل الممكنة تحقيقاً للصالح العام، وإيماناً منه بالمسئولية المهنية والأخلاقية التى يحمل شرف رسالتها، والتى لا يفوقها أى شرف.
ومن المهم والواجب أيضاً أن يدرك كل مسئول وكل إنسان يعيش على هذه الأرض الطيبة أن له حقاً مشروعاً فى أن يحقق جميع طموحاته وأحلامه المهنية والاجتماعية غير منقوصة، بشرط أن يتبع فى سبيل تحقيق ذلك السبل الشريفة والمشروعة فقط، وليس على حساب وجثث الآخرين، وفى هذا يحدثنا رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) قائلاً: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، تخيل لو التزم كل مسئول وكل إنسان فى بلادنا بتطبيق هذا المعنى السامى الذى ورد فى هذا الحديث الشريف وحوّله إلى سلوك ملموس فى كل عمل يعمله، بالتأكيد سنصبح حينها من أقوى وأرقى المجتمعات على الإطلاق.
نقلاً عن الوطن