اشتقنا والله!
بقلم: محمد سمير
بالتأكيد سعدت للغاية، مثل كل المصريين، بالتوجيهات التى أصدرها السيد رئيس الجمهورية للجهات والأجهزة المعنية فى الدولة للقيام بدورها المنصوص عليه فى القانون لاسترداد جميع الأراضى التى تم الحصول عليها بدون وجه حق سواء بالتواطؤ والفساد أو بوضع اليد والتى يقدرها الخبراء بمليارات الجنيهات، وبالتأكيد أيضاً كانت سعادتى ستكتمل لو صاحبت تلك التوجيهات المحمودة توجيهات أخرى بتصنيف حالات الاسترداد، كل على حدة، للوقوف على الحالات التى يشوبها التواطؤ والفساد لمحاسبة مرتكبيها بالعدل وتطبيق سيف القانون عليهم والذى اشتقنا والله لاستخدام حده الباتر لكى نعيد الأمور إلى نصابها.
فالشىء الوحيد الذى يشكل قوة الردع القاهرة للفسدة والمتواطئين وعديمى الأخلاق والضمائر هو سيف القانون، والحكمة الأزلية منذ فجر التاريخ أن من أمن العقوبة أساء الأدب وعاث فى الأرض فساداً، لأنه بلا وازع من ضمير أو أخلاق، وسيف القانون الذى أعنيه هنا ليس المقصود به نصوصه، فما أكثر وأعظم ما لدينا من نصوص وتشريعات، ولكن الذى أقصده هنا هو الآليات والإجراءات المتكاملة التى توفر القدرة على التنفيذ الموقوت والحاسم لكل ما يصدر من أحكام تتم وفقاً لهذه النصوص، لأن فعالية الآليات والإجراءات ومدى سرعة تطبيقها هما العنصر الحاسم والقول الفصل وقوة الردع التى تجعل الفاسد يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على انتهاك نصوص القانون، وهما اللذان يجعلان أيضاً صاحب الحق متأكداً دوماً من قوة الدولة وواثقاً ومطمئناً فى عدالة وحيادية أجهزتها، فنظرة سريعة حولك تدلك على أهمية هذين العنصرين تحديداً، فلو أن سيف القانون الباتر كان حاضراً فى السنوات العشر الأخيرة مثلاً ما رأينا هذا القبح المعمارى البشع وهذه المخالفات العقارية الفجة التى تطل برأسها علينا من كل مكان، وما رأينا مئات الآلاف من أجود وأخصب الأراضى الزراعية والتى كانت تمثل كنزاً استراتيجياً مهماً لنا جميعاً يتم تبويرها بمنتهى الإهمال والتسيب لتحقيق مكاسب فاسدة خصماً من رصيد حاضرنا ومستقبل الأجيال القادمة، وما رأينا كذلك تفشى الرشوة وتغلغل شبكة الفساد العنكبوتية فى كل شبر على أرض مصر المحروسة، ولم يكن ليظلم كل صاحب حق حصل على حكم نهائى وبات بحقوقه ولكنه لم يجد من ينصفه أو يساعده فى الحصول على حقوقه المسلوبة وتمتلئ وسائل الإعلام بآلاف من المناشدات والاستغاثات الموثقة التى تشهد على ذلك، ولم تكن لتنتشر كذلك بعض الظواهر الاجتماعية السيئة والتى يشكل استفحالها وتناميها وجه خطورة شديدة على المجتمع المصرى ككل مثل التحرش والعنف اللفظى والجسدى وانتشار المخدرات بأنواعها المختلفة، ولم نكن لنرى أيضاً آلاف الحالات من المظالم التى لم يملك أصحابها إلا الشكوى إلى الله سبحانه وتعالى لغياب سيف القانون عن إنصافهم، ولم نكن لنرى أيضاً هذه الحالة من التسيب المرورى والانضباطى التى يعج بها الشارع المصرى والتى لا مثيل لها فى العالم المتحضر وتؤثر سلباً على جميع جوانب حياتنا، وغيرها من الكثير من الظواهر السلبية التى لا تخفى على أحد ولكن لا يتسع المجال لذكرها.
إن مصر العظيمة المتطورة ذات المستقبل الباهر بإذن الله التى ننشدها ونتمناها جميعاً لنا ولأبنائنا، والمتواكبة مع ما تقتضيه مكانتها وقدرها الرفيعين، تحتاج من الأجهزة المسؤولة والمعنية العمل بكل جدية وإخلاص على إيجاد الآليات والإجراءات الموقوتة التى نضمن بها أن يكون سيف القانون الباتر حاضراً دوماً فى الوقت والمكان الصحيحين، وتحتاج من كل المواطنين أن يتعاونوا مع أجهزة ومؤسسات الدولة لتفعيل ذلك.
نقلاً عن جريدة المصري اليوم