راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

اعتباراً من يوم الثلاثاء!

بقلم: محمد سمير

سعدت كثيراً بالقرار الذى أصدره الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، بإحالة جرائم الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة «البلطجة» من النيابة العامة إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، اعتباراً من يوم الثلاثاء الموافق 28 أبريل الحالى، وذلك وفقاً لما نُشر بالجريدة الرسمية أمس.

 

وسر سعادتى بذلك أن الدولة تعامت منذ وقت طويل عن ظهور تباشير التأسيس لمظاهر دولة البلطجة، ولم تتعامل معها بالجدية الواجبة، بل على العكس وفّرت لها، بتراخيها وتكاسلها وفى بعض الأحيان بالتواطؤ معها (كما كان يحدث قديماً أثناء فترة انتخابات مجلس النواب)، البيئة الخصبة التى جعلتها تنمو وتترعرع وتزداد وتيرة توحّشها يوماً بعد يوم، حتى أصبحت هذه الظاهرة البغيضة كابوساً كريهاً يجثم بقبح أنفاسه على صدور جموع المواطنين الشرفاء.

 

وقد بدأت ظاهرة البلطجة فى مصر خلال العصر الحديث فى صورة «فتوة الحارة»، والتى رصدها الأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ فى عدد من رواياته الشهيرة التى تحوّلت إلى سلسلة أفلام تستعرض درامياً بالتفصيل نشوء وتطور هذه الظاهرة فى بلادنا، حيث كان الفتوات يفرضون الإتاوات على السكان والتجار، مقابل حمايتهم وعدم التعرّض لهم أو لتجارتهم، ومن كان يظهر منهم إشارات الاعتراض أو عدم الدفع، كان يجد النبوت معالجاً لجسده، فيضطر لأن يدفع الإتاوة صاغراً، دفعاً للضرر والإيذاء الذى يمكن أن يلحق به، ومع الأسف استمرت ظاهرة البلطجة فى التطور والاستفحال حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من درجة عنف مخيفة تكاد تعصف بالأخضر واليابس فى بلادنا المحروسة إذا استمر التعامل معها بتراخٍ وإهمال.

 

وحتى نكون أكثر دقة فى توصيف ملامح هذه الظاهرة الخطيرة، فدعنا نستعرض معاً أبرز مظاهرها التى من المؤكد أنك تعرّضت لأحدها على الأقل، وهى على النحو التالى:

 

1 – بلطجة المقاهى والكافيتريات والمطاعم (المرخّصة وغير المرخصة) التى تعج بها معظم شوارعنا، والتى تستولى دون وجه حق على مساحات كبيرة من تلك الشوارع، وتسبّب طوال الوقت إزعاجاً وضرراً وتلوثاً للسكان المنكوبين بمجاورة تلك المنشآت.

 

2 – بلطجة بعض سائقى (دولة الميكروباص والتكاتك)، التى لا يوجد أى نظير لها فى العالم المتقدّم، من حيث التسيّب وعدم الوعى وارتكاب المآسى اليومية التى يشهد عليها جموع المواطنين.

 

3 – بلطجة كارتة المواقف التى يعانى منها السائقون الشرفاء.

 

4 – بلطجة سايس الشارع غير المرخّص، الذى يجبرك على دفع الإتاوة وإلا فخدش وتجريح سيارتك أو كسر جزء منها سيكون فى انتظارك.

 

5 – بلطجة التثبيت وتجريدك من سيارتك أو أموالك، وجميعنا بالتأكيد يطالع ما تزخر به الصحف من حوادث بشعة فى هذا الشأن.

 

6 – بلطجة بعض الشواطئ العامة.

 

7 – بلطجة استعادة الحقوق بالقوة (مثل بعض الشقق المغتصبة من أصحابها الأصليين)، والتى أصبح يلجأ إليها الكثير من الناس كنتيجة مباشرة لطول وبطء إجراءات التقاضى، وأيضاً ضعف إجراءات تنفيذ الأحكام.

 

8 – بلطجة الخطف والتنكيل بالخصوم أو المنافسين، والتعدى على أملاك الغير لتأديبهم، والتى يلجأ إليها بعض الفاسدين باستئجار البلطجية لهذا الغرض، وهو ما يجد سوقاً رائجة نتيجة غياب الرادع الحقيقى فى هذا الشأن.

 

9 – بلطجة تجارة المخدرات، والبؤر الإجرامية، التى تحوى تفاصيل مؤلمة يندى لها الجبين.

 

10 – بلطجة مقاومة السلطات والتعدى على قوات إنفاذ القانون حال محاولة استعادة أملاك الدولة من بعض الفاسدين.

 

لا شك أن ما تم ذكره بعاليه من بعض مظاهر البلطجة، يمثل فقط عناوين من التفاصيل الدقيقة التى يحويها هذا الملف الشائك والصعب، والذى بالتأكيد يملك مركز البحوث الجنائية والاجتماعية دراسة متكاملة عن خريطته الكاملة.

 

إن أسوأ ما فى دولة البلطجة أنها تدفع الشرفاء للكفر بدولة القانون، وهو ما يتطلب أن تتحلى جهات الاختصاص بالإرادة والحسم اللازمين للتعامل مع هذا الملف الحيوى، الذى أصبح يتطلب تغييراً واسعاً وعميقاً فى المفاهيم والأدوات والآليات التى يمكن القضاء بها تماماً فى مدى زمنى منطقى، على هذه الظاهرة التى تؤثر بالسلب على حياة كل مواطن منضبط وشريف.

 

حفظ الله بلادنا الغالية من كل مكروه وسوء.

 

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register