اعتقال 25 شخصًا متهمين بتدبير انقلاب ألمانيا
في عملية أمنية كبرى، شن آلاف ضباط الشرطة الألمانية مداهمات في أنحاء عدة من البلاد واعتقلوا 25 شخصاً ينتمون إلى مجموعة يمينية متطرفة، يزعم أنهم خططوا لإطاحة الحكومة عبر انقلاب مسلح يستهدف البرلمان الألماني (بوندستاغ).
وفي حين أوقف 22 مواطناً ألمانياً للاشتباه في "عضويتهم بمنظمة إرهابية"، فإن ثلاثة أشخاص آخرين بينهم مواطنة روسية احتجزوا للاشتباه في دعمهم التنظيم.
وفي ساعة مبكرة، صباح اليوم الأربعاء، شارك أكثر من ثلاثة آلاف عنصر من بينهم وحدات النخبة لمكافحة الإرهاب في عمليات الدهم التي نفذتها الشرطة، فتشوا خلالها أكثر من 130 عقاراً في 11 ولاية من أصل 16 ولاية ألمانية، في ما وصفته وسائل إعلام محلية بأنها واحدة من أكبر عمليات الشرطة التي شهدتها البلاد.
حركة "مواطني الرايخ"
واستهدفت العمليات أعضاء مفترضين في حركة "مواطني الرايخ" (رايخسبرغر) يشتبه في "قيامهم باستعدادات ملموسة لاقتحام البرلمان الألماني بعنف مع مجموعة صغيرة مسلحة"، وفق ما جاء في بيان لمدعين فيدراليين.
ووصف وزير العدل ماركو بوشمان المداهمات بأنها "عملية لمكافحة الإرهاب"، مضيفاً أن المشتبه فيهم ربما خططوا لهجوم مسلح على مؤسسات الدولة.
وبحسب وسائل الإعلام الألمانية، أشار مسؤول أمني رفيع إلى أن الجماعة كانت "مدفوعة بأوهام الانقلاب العنيف وأيديولوجيات المؤامرة"، فالمشتبه فيهم على صلة بحركة "مواطني الرايخ" التي يرفض أتباعها دستور ألمانيا الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية ودعوا إلى إسقاط الحكومة.
وأفادت مجلة "دير شبيغل" الألمانية بأن المواقع التي جرت مداهمتها شملت ثكنات وحدة القوات الخاصة الألمانية (كيه أس كيه – KSK) في بلدة كالو الجنوبية الغربية، وهي الوحدة التي خضعت للتدقيق في الماضي على خلفية تورط بعض جنودها في صلات باليمين المتطرف في حين رفض المدعون الفيدراليون تأكيد أو نفي أن الثكنات جرى تفتيشها، بحسب المجلة.
وإلى جانب الاعتقالات في ألمانيا، قال ممثلو الادعاء إن شخصاً أوقف في بلدة كيتزبويهيل النمسوية وآخر في مدينة بيروجيا الإيطالية.
طلب دعم روسي
وحدد المدعون الفيدراليون زعماء العصابة المشتبه فيهم، وهم "هاينريش الثالث عشر بي أر" و"رودريغر في". وذكرت "دير شبيغل" أن الأول كان معروفاً، يبلغ من العمر 71 سنة من أفراد عائلة نبيلة صغيرة ألمانية، في حين أن الأخير كان مظلياً سابقاً يبلغ من العمر 69 سنة. وهاينريش الثالث عشر الذي خططت المجموعة لتنصيبه زعيماً جديداً لألمانيا، اتصل بالمسؤولين الروس بهدف التفاوض على نظام جديد في البلاد بمجرد إطاحة الحكومة الألمانية وأنه حصل على مساعدة امرأة روسية تدعى "فيتاليا ب" في التواصل مع الروس.
لكن بحسب ممثلي الادعاء فإنه "وفقاً للتحقيقات الجارية لا يوجد ما يشير إلى أن الأشخاص الذين جرى الاتصال بهم استجابوا لطلبه".
ونفت السفارة الروسية في برلين أي علاقة مع مجموعات "إرهابية" من اليمين المتطرف في البلاد وقالت في بيان نقلته وكالات أنباء روسية، "تلفت السفارة الروسية في ألمانيا الانتباه إلى حقيقة أن المكاتب الدبلوماسية والقنصلية الروسية في ألمانيا لا تقيم اتصالات مع ممثلي جماعات إرهابية أو كيانات غير شرعية أخرى".
اعتقال نائبة برلمانية سابقة
كما تعرف المدعون إلى شخص آخر اعتقلته الشرطة، وهي بيرجيت مالزاك وينكمان التي ذكرت "دير شبيغل" أنها قاضية ونائبة سابقة في حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي، وهو حزب ممثل في البرلمان الألماني.
ويخضع الحزب المعروف باسمه الألماني المختصر AfD، لمزيد من التدقيق من قبل أجهزة الأمن الألمانية بسبب علاقاته مع المتطرفين، مما دفع قادة الحزب تينو تشروبالا وأليس فايدل إلى شجب خطط الانقلاب، اللذين قالا، في بيان، "لدينا ثقة كاملة بالسلطات المعنية، ونطالب بإجراء تحقيق سريع وشامل".
واستطاع حزب "البديل من أجل ألمانيا" دخول البرلمان الألماني بعد فوزه بنسبة 12.6 في المئة من أصوات الناخبين في الانتخابات الألمانية 2017. وينظر عدد من المراقبين المحليين إلى الحزب اليميني الشعبوي الذي تأسس عام 2013 وركز سياساته على رفض سياسات الهجرة التي سمحت بقبول مئات آلاف اللاجئين، على أنه حزب ليبرالي محافظ يتبنى بعض الأفكار اليمينية والعنصرية، بحسب الإذاعة الألمانية.
ووفق بيان الادعاء الألماني، فإن المعتقلين متهمون بتشكيل "مجموعة إرهابية بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 على أبعد تقدير التي كانت حددت لنفسها هدف التغلب على نظام الدولة القائم في ألمانيا واستبداله بشكل من دولة خاصة بها".
نظرية "الدولة العميقة" وترمب
وتضم حركة "رايخسبرغر" أفراداً من النازيين الجدد وأصحاب نظريات المؤامرة ومؤيدين للسلاح ممن يرفضون شرعية الجمهورية الألمانية الحديثة، ويعتقد بأن جنوداً سابقين هم من بين أعضاء المجموعة الإرهابية التي تشكلت حديثاً، بحسب المدعين.
كما أشار البيان إلى أن أفراد المجموعة يؤمنون أيضاً بأيديولوجيا "كيو أنون" التي تتعلق باليمين المتطرف في الولايات المتحدة وتعتقد بوجود دولة عميقة، كما يؤمنون أيضاً بأن ألمانيا تحكمها "الدولة العميقة"، وهي الادعاءات التي رددها قبلاً الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، مما يوحي بأن سيناريو مماثل للذي وقع في الـ 6 من يناير (كانون الثاني) 2021، عندما اقتحم مؤيدون لترمب مبنى الكونغرس الأميركي احتجاجاً على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية وسط مزاعم بالتزوير، كاد يحدث في برلين، مما يشير إلى مزيد من التهديدات للديمقراطية الغربية.
ووفق البيان الألماني فإن "المتهمين يجمعهم رفض عميق لمؤسسات الدولة والنظام الأساسي الحر والديمقراطي لجمهورية ألمانيا الفيدرالية"، كما أن المشتبه فيهم كانوا مدركين بأن خطتهم "لا يمكن تحقيقها إلا من خلال استخدام وسائل عسكرية والعنف ضد ممثلي الدولة"، بحيث قاموا "باستعدادات ملموسة" لاقتحام البرلمان الفيدرالي الألماني، لكن "تفاصيل هذه الخطة لا تزال بحاجة إلى التحقيق" لتحديد ما إذا كان يمكن اتهام أي من المشتبه فيهم بالخيانة.
ومراراً، حذر المسؤولون في ألمانيا من أن المتطرفين اليمينيين يشكلون أكبر تهديد للأمن الداخلي للبلاد. وتم تسليط الضوء على هذا التهديد من خلال مقتل سياسي ألماني والهجوم المميت على كنيس يهودي عام 2019. وبعد ذلك بعام، حاول المتطرفون اليمينيون، المشاركون في احتجاج ضد قيود الوباء في البلاد، اقتحام مبنى "بوندستاغ" في برلين لكنهم فشلوا.