الحالة المصرية
بقلم محمد فاروق
عضو المجلس المصرى للشئون الاقتصادي
mfyassin4@yahoo.com
كنت فى حوار طويل مع صديق عزيز يتمتع بُخلقٍ فريد ومهنية متميزة فى علم البرمجيات، وقد دفع حريته وما زال ثمناً لمبادئه، وقد تركز حوارنا حول هل كان هناك فرصة لمنع الصدع الذى تعيشه البلاد، وهل هناك ضمانة لمنع تكرار حالة الاستقواء التى اخترعها المصريون والتى تخاف عدوتها الكثير من الدول، وقد انتهى حوارنا الى بارقة أمل يمكن أن تحقق الرضا للجميع والاستقرار للوطن، مع الأخذ فى الاعتبار جميع المستجدات على الساحة والسلوكيات المستحدثة وحالات التخوين والاستقواء الداخلى والخارجى، وعلى أساس أن الشعب مصدر للسلطات فيجب استطلاع رأيه فى القرارات المصيرية والمشكلات الهامة وذات الأثر الجدلى.
وذلك عن طريق استفتاء إلكترونى فورى على الهواء مباشرةً، بإستخدام التليفونات المحمولة (بعد إضافة أرقام خطوط التليفونات المحمولة والتى يزيد عددها عن 90 مليون خط، إلى قاعدة البيانات الرئيسية للرقم القومى بمصلحة الأحوال المدنية) ويستغرق الإستفتاء الواحد من 1 إلى 2 ساعة فقط، بعدها يعرف الرئيس والشعب نسبة المؤيدين والمعارضين الحقيقية لكل قرار أو بديل من البدائل المقترحة المُستفتى عليها، فيتخذ الرئيس القرار الذى يراه مناسباً على ضوء نتائج الإستفتاء .
وبهذا تتوقف المزايدة بإسم الشعب، أو محاولات ايجاد المبررات للتصرفات المزاجية، كذلك فإنه يمكن المساهمة فى صُنع أو توجيه القرار بواسطة استخدام نظام العينات العشوائية سواء كان هذا على المستوى العام أو الفئوى، ويمكن أيضاً قصر تنفيذ الإستفتاء الالكترونى على شرائح مجتمعية محددة، عن طريق عدم قبول رسائل المحمول من الفئات الأخرى، وكذلك عمل برمجيات تقضى على مشاكل تصويت الأموات وأفراد الشرطة والقوات المسلحة بصورة آلية ومستمرة.
ويقوم كل مواطن بإرسال رسالة خالية لرقم التليفون الذى يمثل القرار الذى يؤيده، ويتم تخصيص رقم تليفون خاص لكل استفتاء ثم يتم آلياً حصر عدد الرسائل.. ولضمان النزاهة المطلقة وعدم التزوير أو احتمال الخطأ، يؤخذ فى الاعتبار أن قاعدة بيانات الرقم القومى هى قاعدة البيانات الرئيسية لتخزين نتيجة التصويت لضمان عـدم قيـام شركات الإتصالات أو أى جهة أخرى بتـخـلـيـق أرقـام قـومـيـة غير حقيقية لإضافة أصوات مزورة، وأن كل مواطن يقوم بالتصويت يتسلم رسالة عكسية لتأكيد إفادته وإتمام تصويته وبالقرار الذى إختاره، وبالتوازى فإنه يتم عمل موقع على شبكة الإنترنت يسمح لأى مواطن أن يراجع بنفسه نتيجة تصويته بعد إدخال بياناته.
على أن يتم ذلك تحت اشراف اللجنة العليا للإنتخابات وما تتمتع به من استقلالية وصلاحيات كاملة تُمكنها من اضافة أى ضمانان أوترتيبات تراها مثل الاستعانة بمتخصصين فى الإتصالات والحاسبات لمراجعة ومراقبة برمجيات ومعدات الإتصال بشركات المحمول التى تقوم بتخصيص الأرقام المستخدمة فى التصويت، وكذا برمجيات إستقبال وحصر الرسائل التليفونية الواردة للتصويت لكل قرار بمصلحة الأحوال المدنية، والتأكد من قدرتها على العمل بطريقة صحيحة، بالإضافة إلى مراجعة النتائج النهائية للتصويت وعملية نشرها على شبكة الإنترنت.
مما يمثل أكبر حوار وطنى مجتمعى حقيقى يشارك فيه الشعب كله مع الرئيس وليس فصيل سياسى معين أو فِرقة تَدعى أنها تُمثل الأغلبية وتفرض ارادتها وتوجهاتها على الشعب، ويحد من استخدام أدواتها المختلفة والمتنوعة والمدعومة ومنها الاستقواء، والتى لا نجنى منها إلا الإستقطاب والفُرقة والاحتقان السياسى.
كما إنه يُكرث مبادئ حضارية لديمقراطية الشعوب المتقدمة مما يُقلص من أشكال التدخلات الخارجية بجميع أشكالها، وعلاوة على ذلك فإن إسلوب الإستفتاء الإلكترونى يُدر دخل مالى بالملايين للدولة فى كل عملية تصويت سواء عن طريق ثمن الرسائل أو ثمن مقابل البث من القنوات التى سوف تقوم بإعلان النتائج، على أن يُنشئ صندوق خاص تُوجه حصيلته لمشروعات تنموية وليس لسد عجز الموازنة العامة للدولة.
كذلك فإنه يُعظم من المشاركة المجتمعية عن طريق القضاء على مشكلة عدم القدرة للذهاب للجان الإنتخابية، ويوفر الكثير من الوقت والجهد لجميع الأطراف المعنية، بخلاف سهولة عملية التأمين، وبالنسبة للشريحة المجتمعية التى لن تشارك بسبب ظروفها المادية، فيتم تنظيم اجرائى من خلاله تتحمل الدولة تكلفة الرسائل لهم، وبالنسبة للمشكلة الناشئة من زيادة الضغط على خطوط التليفون المستخدمة فى التصويت وعدم قدرتها على إستقبال الرسائل، والمعروفة فنياً بإسم Throughput فإن شركات الإتصالات بإمكانها رفع كفاءة قنوات الإتصال الخاصة بتلك الخطوط بحيث تلبى الإحتياجات الفعلية.
أما بالنسبة للشريحة المجتمعية التى تسمح بشراء أصواتها فهى موجودة فعلا بصرف النظر عن الاسلوب المستخدم فى التصويت، وعلاجها ليس هذا موضعه لأنها مشكلة تحتاج الكثير من الوقت والجهد وإن كان أهمها تحقيق العدالة الاجتماعية فيشعر ذلك المواطن بأدميتهِ، مع العلم بأن الاستفتاء الالكترونى مطبق فى الكثير من الدول المتقدمة حتى إنه مُطبق فى انتخابات عمدة الولاية فى الولايات المتحدة الأمريكية، مع التركيز على أهمية ألا نظل مقلدين للدول الغربية، وأن نؤمن بقدرتنا على إبتكار الأفكار الجديدة التى تقوم بتطويع التكنولوجيا المتوفرة لدينا لما يتناسب مع إحتياجاتنا.