راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليمي وتعزيز التنمية العالمية: الحوار الاستراتيجي بين وزيري الخارجية الصيني والمصري يتوصل إلى توافق مهم

يانغ يي القنصل العام لجمهورية الصين الشعبية بالإسكندرية

ترأس عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية وانغ يي، مع وزير الخارجية المصري عبد العاطي، الحوار الاستراتيجي بين وزيري الخارجية الصيني والمصري في 13 ديسمبر 2024 في بكين، حيث أجرى الجانبان تبادلا معمقا وشاملا لوجهات النظر حول العلاقات الصينية المصرية والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، واستعرضا معا الإنجازات التنموية التي حققها البلدان منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، خاصة في السنوات العشر التي تمت إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة.

يأتي الحوار الاستراتيجي بين وزيري خارجية الصيني والمصري في وقت حرج من التغيرات المعقدة في الوضع الدولي والإقليمي، مع استمرار الصراع في غزة، وتغير الوضع في سوريا بشكل مفاجئ، واستمرار الاضطرابات الإقليمية، وتوالي التحديات العالمية الواحدة تلو الأخرى. وبما أن كلا من الصين ومصر عضوان مهمان في الجنوب العالمي، فقد حقق الحوار على صعيد الثقة السياسية المتبادلة والتعاون العملي والتواصل والتنسيق وحماية الإنصاف والعدالة الدولية وحقوق الدول النامية ومصالحها النتائج المهمة التالية:

أولا، مواصلة تثبيت الدعم المتبادل وتعميق الثقة السياسية المتبادلة. تدعم الصين ومصر بعضهما البعض بحزم في القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية والجوهرية لكل منهما. ثانيا، العمل بنشاط على تعزيز التعاون العملي والمساعدة المتبادلة في عملية التحديث. الصين ومصر شريكان طبيعيان في بناء ”الحزام والطريق“. سيعمل الجانبان على تحقيق المزيد من التكامل بين بناء ”الحزام والطريق“ ورؤية 2030، وتعميق التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والأمنية والعلمية والتكنولوجية والإنسانية وغيرها من المجالات، والقيام بعمل جيد في المشاريع البارزة مثل منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر، والاستكشاف الكامل لإمكانات التعاون في المجالات الناشئة، وذلك لتحقيق البناء المشترك عالي الجودة لـ ”الحزام والطريق“ ودفع جودة التعاون الصيني المصري والارتقاء به. ثالثا، توثيق التعاون والتواصل الاستراتيجي لحماية الإنصاف والعدالة الدولية. ستعمل الصين ومصر على تعزيز التنسيق والتعاون في إطار الأمم المتحدة وبريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون، وستقودان معا التعاون الجماعي الصيني العربي والصيني الإفريقي، وستعارضان معا الهيمنة والأحادية وسياسة القوة، وستحميان معا استقرار سلسلة صناعة وسلسلة الإمداد العالمية، وستعملان معا على تعزيز بناء نظام حوكمة عالمي عادل ومعقول. رابعا، تعزيز المصالحة والحوار والسعي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

منذ اندلاع الصراع في غزة، لم تنته أزمة بعد حتى تنفجر أزمة أخرى في منطقة الشرق الأوسط، حيث تصاعد الوضع المتوتر بين فلسطين وإسرائيل وبين لبنان وإسرائيل وبين إيران وإسرائيل وفي البحر الأحمر بشكل متلاحق، حتى وقوع التغيرات المباغتة للأوضاع السورية في الآونة الأخيرة. إن استمرار الاضطرابات دون النهاية وتكرار الصراعات في الشرق الأوسط قد تركت آثارا خطيرة على السلام والأمن الدوليين. في وجه الوضع الفوضوي في الشرق الأوسط، أجرى وزيرا خارجية البلدين، اللذان يشعران بقلق عميق، تبادلا معمقا للآراء. وأكد وزير الخارجية وانغ يي بما يلي:

أولا، إن الشغل الشاغل في الوقت الراهن هو وقف إطلاق النار ومنع أعمال العنف وتخفيف الأزمة الإنسانية بشكل فوري. يجب الالتزام بكافة القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، ووقف الأعمال التي من شأنها تصعيد الأوضاع الإقليمية، وتجنب وضع عراقيل جديدة أمام وقف إطلاق النار. على المجتمع الدولي أن يفي بواجباته بموجب القانون الدولي الإنساني، ويساعد المنطقة على تحسين الأوضاع الإنسانية، ويخفف معاناة شعوب الشرق الأوسط، ويجنب سورية من ظهور موجة اللاجئين مرة أخرى على وجه الخصوص.

ثانيا، إن المخرج الأساسي هو التمسك بالحل السياسي واستئناف الحوار والمفاوضات. على مجلس الأمن الدولي أن يتحمل مسؤوليته عن صون الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط بشكل جدي، وعلى كافة الأعضاء لمجلس الأمن الدولي أن تقدّم مساهمات إيجابية في هذا الصدد، بدلا من تعكير الأوضاع وزيادة الفوضى. ينبغي وضع رفاهية شعوب دول المنطقة وأمن المنطقة واستقرارها في المقام الأول. كما ينبغي مواصلة الجهود في الحوار والتشاور، والحفاظ على زخم المصالحة في المنطقة الذي أتى به استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، والتمسك بحل الخلافات عبر التسامح، وتعزيز الثقة المتبادلة عبر التعاون، وبناء إطار أمني جديد ومستدام في الشرق الأوسط على أساس التوافق حول مراعاة شواغل الآخرين. وينبغي تفادي تهميش القضية الفلسطينية مرة أخرى، كما ينبغي تجنب تفكك الأوضاع في سورية.

ثالثا، إن المبدأ الأساسي هو التمسك باستقلالية المستقبل وتجنب التدخل الخارجي. إن الشرق الأوسط تملكه شعوبه، وكان ينبغي أن تتحكم شعوب الشرق الأوسط في مستقبل دولها بأيديها بثبات منذ زمن طويل. ظل الشرق الأوسط متضررا للتجاذبات بين الدول الكبرى منذ وقت طويل، وحتى أصبح ضحية للصراعات الجيوسياسية، ولا يجوز استمرار هذا الظلم التاريخي. على المجتمع الدولي احترام سيادة دول المنطقة وسلامة أراضيها بشكل جدي، ومساعدتها على إيجاد حل للخلافات والصراعات انطلاقا من طبيعة الأمر والعدالة والإنصاف الدوليين بالفعل، بدلا من اتخاذ القرارات لها، ولا يمكن تأجيج الوضع باستمرار، ناهيك عن اغتنام حريق للسلب.

رابعا، إن الصين تتابع بكل الاهتمام الاضطرابات الحادة التي وقعت في سورية في الآونة الأخيرة. تلتزم الصين بسياسة الصداقة والتعاون تجاه سورية منذ زمن طويل، ولم تتدخل في الشؤون الداخلية السورية، بل تحترم خيار الشعب السوري. ندعم تحقيق السلام في سورية في أسرع وقت ممكن، وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ودفع العملية السياسية الوطنية وفقا لمبدأ "القيادة والملكية للشعب السوري"، وإيجاد خطة إعادة إعمار البلاد التي تتفق مع إرادة الشعب عبر الحوار الشامل. ينبغي أن ترفض سورية بحزم الإرهاب والقوى المتطرفة في المستقبل مهما كان شكلها. وينبغي للمجتمع الدولي أن يحافظ على سيادة سورية وسلامة أراضيها بشكل جدي، ويحترم التقاليد القومية والدينية في سورية، ويجعل الشعب السوري يتخذ القرار بشكل مستقل. ينبغي لدول العالم أن تمد يد العون إلى سورية بشكل مشترك، وتدفع برفع العقوبات الأحادية وغير الشرعية التي تفرض على سورية منذ سنوات، بغية تخفيف الأوضاع الإنسانية الخطيرة في سورية.

يدعو وزيرا خارجية الصيني والمصري إلى احترام سيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، وضرورة الإسراع في إطلاق عملية سياسية شاملة لمنع القوى الإرهابية والمتطرفة من استغلال الوضع لإثارة الفوضى. يُعد تحقيق وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة نقطة انطلاق مهمة لعودة الاستقرار إلى المنطقة، كما يُعد "حل الدولتين" السبيل الجذري لحل القضية الفلسطينية. لا بد من دعم فلسطين في تعزيز الوحدة الداخلية، وحل القضية الفلسطينية بشكل شامل وعادل ودائم من خلال المفاوضات السياسية وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. ترحب الصين ومصر باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، مع الأمل في تنفيذه بفعالية.

تُعد الصين ومصر دولتين ذواتي حضارة عريقة، وكلاهما قدمتا إسهامات بارزة لتقدم البشرية وتطورها. شهدت علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجابين "العقد الذهبي" المثمر المتمثل في الثقة السياسية العالية والتعاون العملي الوفير والتنسيق الدولي الوثيق الذي يظهر المستوى العالي والاستراتيجي للعلاقات بين البلدين تحت الاهتمام والقيادة المشتركة من قبل الرئيس شي جين بينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي. أظهرت الصداقة التقليدية بين الصين ومصر حيوية متجددة في العصر الجديد، وأصبحت نموذجا للتعاون والتضامن والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك بين الدول النامية. وفي ظل الوضع الجديد، تعمل الصين ومصر معا على الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية لتحقيق هدف بناء مجتمع المستقبل المشترك في العصر الجديد، ودفع الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر إلى آفاق جديدة.

وفي هذا الحوار الاستراتيجي، فإن الصين ومصر، باعتبارهما من الأعضاء المهمة في الجنوب العالمي، يتمسكا بالاستقلال والسعي لتحقيق التنمية والنهضة، والدفاع عن العدالة والإنصاف. وقد توصل البلدان إلى توافقات هامة بشأن السعي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، مما يعكس مساهماتهما المشتركة في تحقيق السلام الإقليمي والاستقرار وتعزيز التنمية العالمية.

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register