الدكتور أحمد طقش في حوار خاص لـ«زهرة التحرير»: أبناء آدم 8 مليارات أخ .. وخالقنا العظيم أمرنا بالتوحيد والحب

• غادرت دمشق منذ عقدين لكن بلادي لم ولن تغادرني
• الشعب السوري قادر على العودة مجددا بعد أن حولته التدخلات الخارجية من مجتمع إلى مجرد "تجمع"
• العقل يحمي صاحبه من الوقوع في الأخطاء ولكن القلب الكبير أنفع من العقل الكبير
• المهارات الشخصية أولى وأعلى .. والمؤهلات العلمية في المرتبة الثانية بعد الأسلوب التربوي الرقيق والراقي.
• التنمية البشرية قدر لا مناص منه ومن لا يتطور حتما سيموت وينقرض
• أعمل ليل نهار في تحفيز طاقات الآخرين ونشر الخير
• العالم العربي غير موجود نهائيا في أي خريطة دولية تتعلق بالعلم أو العمل
• مصطفى محمود وإبراهيم الفقي وعمرو خالد ومحمد راتب النابلسي معنيون أكثر من غيرهم بتنمية البشر
• لا يوجد فلاح دنيوي إلا بتطبيق التعاليم الدينية والروحية والتمدن المتوحش حاليا يشهد على صدقية كلامي.
• التنمية البشرية دون نور الهدى هرطقة ولم أعثر في كل علوم التنمية البشرية على أي فائدة غير موجودة في القرآن والسنة .
• المجتمع الكريستالي المتعدد الأوجه هو خلاصنا من داء الأحادية والانفرادية والشمولية
• علم القيم أرقى أنواع العلوم والمبادئ الراقية تنقذ الفرد والمجموعة
• الإعلام العربي محبوس بسلطة رأس المال والسياسة والحل في تمويل نزيه مستقل دون أجندات
كريم جابر
هناك من الناس من يعالج أمور حياته بالروحانيات وهناك من يعالجها بالعقل، والشعراء غالبا ينحازون للروح لأنها جميلة و أصيلة ونبيلة، هكذا قال الدكتور أحمد طقش، الإعلامي والكاتب والشاعر ومدرب التنمية البشرية فـي حواره لـ«زهرة التحرير» .. فتح معنا كل الملفات، استجاب لعصف ذهني قوي، ربما تحتاج البلدان العربية الكثير والكثير منه، لإيجاد كيفية واضحة لتنمية الإنسان العربي، وتقويمه، وإجراء تصالح نادر له، بين العقل والقلب والضمير، لإعادة الشخصية العربية المخترقة من جميع الثقافات إلى مسارها الصحيح .. ولكن في البداية سألناه:
• بداية نريد الا طمئنان على الشقيقة سوريا .. كيف يمكن أن تخبرنا عن الأوضاع عن الأشقاء هناك، نتحدث عن الأوضاع الاجتماعية والإنسانية ؟
الشعب السوري عبارة عن مجموعة من البساتين، وبالتالي فهو حتما إن شاء الله قادر على أن يلتئم مجددا، بعد أن حولته التدخلات الخارجية من مجتمع إلى مجرد : تجمع
• هل تقيم هناك أم غادرت البلاد ؟
غادرت دمشق من عقدين لكنها لم و لن تغادرني
• نلاحظ أنك تضع الجوانب الروحية دائما في عين الاعتبار وهذا مطلوب بالطبع، ولكن كيف تجمع بين العقلي والروحي لمواجهة أزمة مثل جائحة فيروس كورونا التي تجتاح العالم الآن وليس المنطقة العربية وحدها ؟
إنما سمي العقل عقلا لأنه يعقل صاحبه عن الوقوع في الأخطاء ، و بالتالي فهو ضروري جدا لاستمرار الإنسان في الحياة بل ضروري لكينونته أصلا، القلب الكبير أنفع من العقل الكبير
منجزات العقل : اختراعات آلات أجهزة أسلحة
منجزات القلب : حب حنان رقة عذوبة شفقة تعاطف اهتمام احترام
هناك من الناس من يعالج أمور حياته بالروحانيات و هناك من يعالجها بالعقل، الشعراء غالبا ينحازون للروح لأنها جميلة و أصيلة ونبيلة، ليكن قلبك: قلب … ليكن عقلك:عقل
من كان قلبه عقلا : تجمّد، من كان عقله قلبا: ذاب
• بوصفك أحد علامتها الآن في المنطقة .. ضع لنا تعريفا علميًا للتنمية البشرية وما هي مجالاتها وتطبيقاتها على أرض الواقع؟
التنمية البشرية هي مجموعة من المعلومات النظرية و الخبرات العلمية العملية التي تهدف إلى تنمية البشر ، أهم مجالاتها تحسين الذات والعمل على الارتقاء بصلة الإنسان مع نفسه ثم مع الآخرين على الصعيد الفردي أولا ثم على الصعيد المؤسسي، و تتجلى تطبيقاتها على أرض الواقع عبر دورات دورية يعدها و يقدمها مدربون محترفون بهدف الانتقال بالفرد إلى التميز عن طريق التحفيز و الانتقال بالمؤسسة إلى الجودة عن طريق أفضل ممارسات تجويد الأداء الوظيفي.
• ما هي المؤهلات الأساسية التي يجب أن يتمتع بها أساتذة التنمية البشرية .. أتحدث عن المؤهلات العلمية المتخصصة والمهارات الشخصية ؟
المهارات الشخصية أولى و أعلى بكثير خاصة في موضوع تعريف الدورة التدريبية، الدورة هي : نقل معارف و خبرات المدرب إلى المتدرب، و بالتالي فهذا النقل يجب أن يكون على أجنحة الذوق و اللطافة و الهدوء ( علموا و لا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف ) أعني أن المؤهلات العلمية المتخصصة كثيرة جدا، و برأي يجب أن تأتي أهميتها في المرتبة الثانية أو الثالثة ، أما المرتبة الأولى فهي محجوزة حصريا للأسلوب التربوي الرقيق و الراقي، وأفضل معلم في البشرية كلها عليه الصلاة والسلام كان أميا، لكنه كان نبعا للأدب و الذوق و الاحترام و التهذيب و اللياقة الروحية
• ومن تحديدًا المعني بدارسة هذا العلم من الشرائح المجتمعية وفي أي مرحلة عمرية ؟
البشر جميعهم معنيون بتنمية ذواتهم ، التنمية البشرية قدر جميل لا مناص منه ، خلق الله تعالى الإنسان كي يركض كي يتطور كي ينمو ، وهذا المعنى المقصود بكلمة : اقرأ .. واقرأ تعني أنجز سابق اقفز تقدم، وهذا السعي يجب أن يشمل المراحل العمرية كلها انطلاقا من الطفولة مرورا باليفاع و الشباب و الكهولة و الشيخوخة، فمن لم يتطور حتما سيموت حتما سينقرض.
• هل هناك أي ارتباط بين التنمية البشرية والسياسة ؟
ارتباط التنمية البشرية بالسياسة منبعه أن السياسة يفترض فيها أن تكون القدرة على تحريك الجماهير نحو الهدف و بالتالي كي يكون هذا الانتقال متزنا و مثمرا نحو الهدف فلا بد من أن تكون الجماهير نامية و ليست نائمة ، و هذا بالذات هو حقل اهتمام التنمية البشرية القويمة.
• ما سر ارتباطك بهذا المجال ومتى انخرطت فيه ؟
أنا إنسان ناهض، أعمل ليل نهار في تحفيز طاقات الآخرين و نشر الخير للغير، وإخراج الكامن من المواهب لدى الأفراد و الجماعات، وقد مضى أكثر من عقد كامل على امتهاني مهنة التدريب بعد مهنة التدريس ومهنة تقديم البرامج التلفزيونية، وحصلت على أول شهادة في التنمية البشرية عام 2009 م .
• أين العالم العربي الآن من الخريطة الدولية في هذا المجال ؟
العالم العربي الآن غير موجود نهائيا في أي خريطة دولية تتعلق بالعلم أو العمل، معظم العرب حاليا مشغولون باللهو و اللغو و السهو، ولذلك فأنا – و بصفتي طالب علم – أعمل ليل نهار في القراءة والكتابة والتدريب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فإن لم أوقف الروم أو زحف التتار/ فحسبي أنني أحدثت ثقبا في الجدار.
• من هم علامات مجال التنمية البشرية العربية حتى الآن منذ ظهوره في المنطقة ؟
الدكتور مصطفى محمود رحمه الله ، الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله، الدكتور عمرو خالد، الدكتور محمد راتب النابلسي، برأيي هؤلاء العلماء هم المعنيون أكثر من غيرهم بتنمية البشر.
• ألا ترى أن خطابك يضع مفاتيح التنمية البشرية في مرمى التعاليم الدينية والروحية على حساب أي تصور آخر ؟
بلى أرى هذا، لا يوجد أي فلاح دنيوي إلا بتطبيق التعاليم الدينية و الروحية، و هاهو التمدن المتوحش حاليا يشهد على صدقية كلامي، التنمية البشرية دون نور الهدى هرطقة، ولم أعثر في كل علوم التنمية البشرية على أي فائدة غير موجودة في القرآن والسنة .
• كيف تعّرف التنمية البشرية التعددية والمجتمع المفتوح بمعايير متطلبات الزمن الحالي ؟
الزمن الماضي والحالي والمقبل كلها بحاجة إلى مفهوم التعايش، شرط أن لا ينقلب التعايش إلى ذوبان، المجتمع الكريستالي المتعدد الأوجه هو خلاصنا من داء الأحادية والانفرادية والشمولية المقيتة.
• تركز دائما على الجانب الأخلاقي في إرشادتك لحل الأزمات .. ماذا عن الجانب المادي والعملي ؟
نهائيا، لم يحل أستاذنا العظيم عليه الصلاة والسلام أي مشكلة بالجانب المادي، لا المادة ولا العمل يستطيعان حل الأزمات ، الأزمة بحاجة إلى علم، وأرقى أنواع العلوم هو علم القيم، المبادئ الراقية حتما ستنقذ الفرد، حتما ستنقذ المجموعة.
• هل خطابك موجه للمسلمين فقط أم لكل أتباع الديانات الآخرى والمواقف المختلفة من الحياة والله؟
لا يوجد ديانات أخرى إلا عند غير المتعلمين، عند أهل العلم ( إن الدين عند الله الإسلام )، لم تذكر كلمة ( الديانات ) و لا مرة في القرآن، لأنه لا يوجد ديانات، نحن 8 مليارات أخ ، أبناء سيدنا آدم عليه السلام، أمرنا خالقنا العظيم أن نوحده ثم أن نحب بعضنا، وأي انحراف عن التوحيد، أو أي انحراف عن الحب سيؤدي قطعا إلى الحرب، وخطابي موجه لأحبابي كلهم أبناء والدي آدم عليه السلام.
• كيف تلخص مشكلات الإعلام العربي من وجهة نظرك ؟
الارتهان هو مشكلة المشاكل، الإعلام العربي محبوس إما بسلطة رأس المال ( القنوات الخاصة ) ، أو بسلطة السياسي ( القنوات الحكومية ).
• ما هي الحلول الواجبة من وجهة نظرك ؟
العثور على تمويل نزيه مستقل دون أجندات، و هذا صعب لكنه ليس مستحيلا
• ما هي حدود ثقافة إحترام الأنثى التي تتحدث عنها دائما ؟
التقديس وليس التقدير ، كما أن الذكر يطالب بسلطة مطلقة، و يدّعي أنه ( رب البيت ) كذلك يجب أن تطالب الأنثى بقداسة تحيط بحقوقها المنتظرة، مثلما يفرض عليها الذكر واجبات مقدسة غير قابلة للمس أو التقصير.
• كيف تجعل كل من يعرفك يحبك .. عنوان كتاب لك .. ماذا يمكن أن تخبرنا بشأنه ؟
ولو كنت سهلا رقيق القلب لالتفوا من حولك، من هو الشخص اللطيف المحبوب الذي لا تحلو الحياة إلا به ؟ أين هو الشخص الممتاز المميز الذي نشدته كل الديانات و الفلسفات؟ ما الخلطة السحرية السرية التي تجعلنا متلهفين للقاء إنسان ما ؟
لقد عاش رجل عظيم بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى منذ 1441 سنة في بادية العرب، كان يتيما حنونا صبورا كريما لطيفا قريبا أنيسا شجاعا وفيا خلوقا ، أحبه كل من عرفه ، بل كل من سمع عنه … إذا ما السر ؟ ما هي خارطة الطريق كي تصبح أنت محبوبا من قبل الجميع … كن محمديا .
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ماهرا بتحويل الأعداء إلى أصدقاء، و كان أعتى العتاة يقولون: كنا نبارزه وعيوننا في الأرض لأننا إذا نظرنا في وجهه الجميل البسام المشرق فإننا سوف نسلم مباشرة .
ـ• لخص لنا مشكلات المجتمع العربي على المستويين الروحي والمادي ؟
لا يوجد مشكلات في المجتمع العربي، يوجد مشكلة واحدة فقط، هي عدم الالتزام بتطبيق أوامر الصانع، الخالق العظيم رسم خطة السعادة وانعدام المشاكل من آلاف السنين: الطائع سعيد، العاصي ضائع وهذا النهج رباني للغاية وليس وضعيا البنة، و هو يضمن استواء المستويين الروحي والمادي.
• ضع لنا مفهوما للسعادة يناسب جميع أبناء المجتمع الإنساني ؟
السعادة هي الإسعاد، أسعد الآخرين يسعدك رب العالمين، السعادة هي أنت عندما تقرر أن تعطي الآخرين من جيب روحك الرحيمة، السعادة ميثاق شرف بينك وبين القدر، أنت تشكر في السراء و تصبر في الضراء، والقدر يمنحك السكينة والبهجة والتناغم مع الكون، كثر الحديث عن المسرات، لكنني لا أرها إلا ههنا:( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ ) هود 108، أما المباهج التي يشعر بها المرء بين الفينة والأخرى فهي مجرد: أفراح.
فرح النجاح، فرح الزواج ، فرح العثور على عمل جيد ، فرح المسكن الجديد ، فرح الشفاء ، فرح لقاء الأحباب، وهذا كله جيد وطيب ولذيذ ، لكن المشكلة أنه مؤقت !
وهكذا فالسعادة الدائمة هناك، في كنف الغفار الغافر الغفور سبحانه حيث لا تعب و لا نصب ولا وصب، هناك حيث تلبى كل الرغائب و تقضى كل الحاجات: سعادة مطلقة، سعادة فقط لاغير ، سعادة محض ، سعادة صرف .