الرئيس الأمريكي يشن هجومًا حادًا ضد ترامب ويصف أنصاره بالمتطرفين وأعداء الديمقراطية
يؤشر الهجوم الحاد الذي شنه الرئيس الأميركي، جو بايدن، ضد سلفه دونالد ترامب، كيف أن الانتخابات النصفية المقبلة المقررة في نوفمبر باتت المرحلة الأهم في المشهد السياسي الأميركي، في ظل تصاعد حدة الاستقطاب بين الحزبيين الرئيسيين، وفقا لمراقبين.
ويمثل الخطاب الذي ألقاه بايدن الخميس في فيلادلفيا، مهد الديمقراطية الأميركية، منعطفا حادا بالنسبة للرئيس الديمقراطي وحربه، مع اقتراب انتخابات الكونغرس النصفية.
يقول مساعدون للرئيس الأميركي إن بايدن يشعر بقلق متزايد بشأن الاتجاهات المناهضة للديمقراطية في الحزب الجمهوري، ويرى أن هناك حاجة للدخول في المعركة الانتخابية هذا العام وإعادة صياغة المخاطر في محاولته لإعادة انتخابه في عام 2024.
في خطابه حمل بايدن بعنف على دونالد ترامب وأنصاره الذين وصفهم بـ"المتطرفين"، معتبرا أنهم أعداء الديموقراطية الأميركية. وكذلك ركز هجومه غير العادي على الجمهوريين الذين يتبنون عقيدة ترامب "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" – "ماغا".
أثار الخطاب حفيظة الجمهوريين، واعتبروا أنه يزيد من حالة الانقسام في بلد يعاني منذ عدة سنوات من استقطاب سياسي حاد بين مؤيدي الحزبيين.
في قراءة لما ورد في خطاب بايدن يشير المحلل السياسي الجمهوري توم حرب إلى أن "خطاب بايدن كان استفزازيا وانقساميا تجاه المجتمع الأميركي".
ويضيف حرب أن "بايدن اعتبر شعار جعل أميركا عظيمة مجددا الذي يتبناه ترامب بمثابة تحدي للمجتمع والديمقراطية الأميركية".
من هنا يرى حرب أن هذه الخطوة تشير إلى أن بايدن "يتجه بالولايات المتحدة إلى العولمة الدولية الاشتراكية التي لا تتماشى مع المجتمع الأميركي".
كذلك انتقد حرب مضمون الخطاب الذي وصفه بأنه "سياسي انتخابي".
ويتابع حرب أنه "لم يكن من مصلحة الحزب الديمقراطي ظهور مثل هكذا خطاب، لإن المستقلين يرون أن بايدن كان يجب أن يكون رئيسا توافقيا وليس انقساميا".
كذلك يشير حرب إلى أن "الخطاب لم يطرح أو يتجرأ على مناقشة ملفات مثل الوضع الاقتصادي والهجرة غير القانونية والتحديات الخارجية المتمثلة بالصين وروسيا والاتفاق النووي وملابساته وتداعياته على الشرق الأوسط".
ويرى حرب أن الديمقراطيون متخوفين من "تأثير ترامب ليس على الديمقراطية، وانما على الحزب الجمهوري وملايين الناخبين الذين يؤيدونه".
"نحن اليوم مقبلون على انتخابات نصفية، و95 في المئة من المرشحين الفائزين في انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية كانوا ممن دعمهم ترامب" يقول حرب.
ويتابع أن "هذا هو ما يخيف الديمقراطيين، خاصة أن معظم المرشحين الجمهوريين الفائزين هم من الجيل الجديد، جيل الذين شاركوا في حرب العراق وأفغانستان".
على العكس من ذلك يقول أستاذ علاقات دولية في جامعة واشنطن وليام لورانس، وهو ديمقراطي، أن "خطاب بايدن كان خطابا سياسيا طال انتظاره لمناقشة التهديدات الوجودية للديمقراطية الأميركية التي يشكلها دونالد ترامب وأتباعه المناهضون للديمقراطية".
ويضيف لورانس أن "بايدن تأخر في إلقاء هذا الخطاب لعدة أشهر لعدة أسباب، من بينها أنه أراد مناخا أفضل في الكونغرس لتمرير التشريعات".
وتابع :"الآن ومع اقتراب الانتخابات النصفية فإنه يطرح رسائل جديدة أقوى حول كيف يشكل ترامب وأتباعه خطرا على الديمقراطية الأميركية".
وقال لورانس أن بايدن انتهز فرصة تحقيق الديمقراطيين العديد من الانتصارات التشريعية الأخيرة في الكونغرس، والتعبئة الجديدة ضد الجمهوريين بسبب قرار حقوق المرأة في الإجهاض وقضية الوثائق في منزل ترامب لشن الهجوم".
ويعتقد لورانس أن "الديمقراطيين يشعرون اليوم أن الأمور بدأت تنقلب لصالحهم في انتخابات التجديد النصفي، والتي كان من المفترض أن يخسروها بشدة".
ويبين لورانس أن استطلاعات الرأي معظمها تتوقع حلفاء ترامب بالأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، وبالتالي يحاول بايدن عكس ذلك"، مضيفا أنه "حتى في حالة خسارة أحد مجلسي الكونغرس أو كليهما، فإنه يحاول تقليل حجم تلك الخسارة".
ويختتم لورانس بالقول "سيكون من الصعب جدا على ترامب الفوز في انتخابات 2024، لأنه فقد دعم المستقلين الأميركيين، وهي الفئة السياسية الأكبر في الولايات المتحدة".
وقال حسن منيمنة، الأستاذ في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، "أعتقد أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، في موقف حرج بعد خطابه أمس،" مضيفا أن "الخطاب يشكل إقرارا بالفشل في المهمة التي أعلنها في بداية ولايته الرئاسية وهي توحيد الأميركيين".
وتابع منيمنة حديثه لموقع "الحرة" قوله "يبدو أن بايدن استبدل مهمة توحيد الأميركيين بمهمة استقطاب أكبر عدد من الجمهوريين، وإن كان ذلك على حساب خلق استعداء من الجمهوريين".
وأضاف أن "بايدن لم يعطَ الفرصة من قبل الجمهوريين المؤيدين لترامب والذين هاجموه وتهكموا عليه بل وحتى على أسرته".
وحاول بايدن الجمعة التخفيف من حدة انتقاداته للناخبين الجمهوريين على الأقل، وقال "إنني لا أعتبر كل مؤيدي ترامب تهديد للبلد".
وأضاف في رد على سؤال من أحد المراسلين في البيت الأبيض "أعتقد أن أي شخص يدعو إلى استخدام العنف، ولا يدين العنف عند استخدامه، ويرفض الاعتراف بالفوز في الانتخابات، ويصر على تغيير الطريقة التي يتم بها عد الأصوات، فهو يمثل تهديدا للديمقراطية ".