راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

الرغيف المسموم!.

بقلم: العميد محمد سمير

 

 

فى قديم الزمان كان هناك امرأة تصنع الخبز لأسرتها كل يوم، وكانت يوميًا تصنع رغيف خبز إضافيًا لأي عابر سبيل جائع، وتضع الرغيف على شرفة النافذة لأي مار ليأخذه.

وفي كل يوم يمر رجل فقير أحدب ويأخذ الرغيف وبدلًا من إظهار امتنانه لأهل البيت كان يجهر بالقول:

”الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!”.

كل يوم كان الأحدب يمر فيه.. يأخذ رغيف الخبز ويجهر بنفس الكلمات.

بدأت المرأة بالشعور بالضيق لعدم إظهار الرجل للعرفان بالجميل والمعروف الذي تصنعه، وأخذت تحدث نفسها قائلة:

“كل يوم يمر هذا الأحدب ويردد جملته الغامضة وينصرف، ترى ماذا يقصد؟!.

وفي يوم ما أضمرت في نفسها أمرًا وقررت أنها سوف تتخلص من هذا الأحدب.

فقامت بإضافة بعض السمّ إلى رغيف الخبز الذي صنعته له وكانت على وشك وضعه على النافذة، لكن بدأت يداها في الارتجاف،  ”ما هذا الذي أفعله؟!”.. قالت لنفسها ذلك فورًا وهي تلقي بالرغيف ليحترق في النار، ثم قامت بصنع رغيف خبز آخر ووضعته على النافذة.. وكما هي العادة جاء الأحدب واخذ الرغيف وقال نفس الكلمات:

"الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!”.. وانصرف إلى سبيله وهو غير مدرك للصراع المستعر في عقل المرأة.

كل يوم كانت المرأة تصنع فيه الخبز كانت تقوم بالدعاء لولدها الذي غاب بعيدًا وطويًلا بحثًا عن مستقبله.. ولشهور عديدة لم تصلها أي أنباء عنه وكانت دائمة الدعاء بعودته لها سالمًا.

في ذلك اليوم الذي تخلصت فيه من رغيف الخبز المسموم دق باب البيت مساءً وحينما فتحته وجدت –لدهشتها– ابنها واقفًا بالباب!!.. كان شاحبًا متعبًا وملابسه شبه ممزقة، وكان جائعًا ومرهقًا وبمجرد رؤيته لأمه قال:

”إنها لمعجزة وجودي هنا، على مسافة أميال من البيت كنت مجهدًا ومتعبًا وأشعر بالإعياء لدرجة الانهيار في الطريق، وكدت أن أموت لولا مرور رجل أحدب بي رجوته أن يعطيني أي طعام معه، وكان الرجل طيبًا بالقدر الذي أعطاني فيه رغيف خبز كامل لآكله!! وأثناء إعطاءه لي قال أن هذا هو طعامه كل يوم واليوم سيعطيه لي لأن حاجتي اكبر كثيرًا من حاجته.

بمجرد أن سمعت الأم هذا الكلام شحبت وظهر الرعب على وجهها واتكأت على الباب وتذكرت الرغيف المسموم الذي صنعته اليوم صباحًا!!.. لو لم تقم بالتخلص منه في النار لكان ولدها هو الذي أكله ولكان قد فقد حياته! لحظتها أدركت معنى كلام الأحدب ”الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!”.

نعم يا صديقى.. افعل الخير ولا تتوقف عن فعله حتى لو لم يتم تقديره وقتها، لأنه في يوم من الأيام وحتى لو لم يكن في هذا العالم ثق بأن الله  سبحانه وتعالى سوف يجازيك خير الجزاء عن أفعالك الجميلة التي قمت بها في هذه الدنيا.

وفى نفس الوقت لا تضمر ولا تدبر شرًا لأحد لأن الحكمة الخالدة تقول:

" كل ساق سيسقى بما سقى".. "وافعل ما شئت فكما تدين تدان".

نقلًا عن فيتو 

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register