الريف المصري يجبر سيدة ألمانية علي الإقامة في مصر.. معقول؟
رصدت وكالات الأنباء العالمية، قصة حياة سيدة ألمانية، زارت مصر، وسحرها الريف المصري، لذلك قررت البقاء في مصر، والمساهمة في تنمية المجتمعات البسيطة في الريف المصري، وننقل لكم في التقرير التالي أهم ما تداولته وكالات الأنباء بهذا الصدد.
خلف بوابة خشبية ملونة، مرسوم عليها نهر النيل تجرى فيه مراكب محاطة بالزهور والطيور، تقع "مدرسة نهر النيل" لتعليم أطفال قرية مصرية صغيرة اللغات إلى جانب مهارات وقيمة الحياة.
ديانا ساندور المعروفة باسم ديدي، وهي سيدة مجرية المولد، تربت في ألمانيا، قطعت كل هذه المسافة من الغرب إلى الشرق قبل ست سنوات لتفتح "مدرسة نهر النيل"، وهي بمثابة حضانة ومركز لتعليم أطفال "عزبة البحاروة" بمركز العياط على أطراف محافظة الجيزة، حوالي 100 كيلو متر من العاصمة القاهرة.
وقالت ديدي ، إنها قامت ببناء هذا المركز "طوبة طوبة" عبر تبرعات ضئيلة من أصدقائها ومتطوعين حول العالم، مشيرة إلى أنها مهتمة بتعليم الأطفال "الحياة" وليس فقط اللغات والمهارات.
"في البداية أردنا أن نعرف ما هي مشاكل واحتياجات أهل العزبة، وقالوا إنهم يحتاجون إلى مدرسة لأن قريتهم ليس بها مدرسة، ولأني أيضا مهتمة بمجال التعليم، ففكرت في بناء مدرسة كما فعلت في أماكن أخرى في العالم"، أضافت ديدي.
محاط بالخضرة ومطل على ضفة نهر النيل في قرية ذات نسبة أمية عالية وخدمات وفرص تعليمية محدودة، يتألف مركز ديدي من جزءين، الأول عبارة عن فناء مكشوف، والآخر هو حجرة دراسة تحوى بيانو وألعاب أطفال وكتبا مصورة ومقاعد دراسية.
ويعلم المركز الأطفال حروف الهجاء العربية والانجليزية، والرسم، والغناء، وعزف البيانو، والتشكيل بالصلصال، والحياكة، والطهي، والنجارة وغيرها.
" أنا تعلمت هنا الانجليزية وعرفت كيف أغني بهذه اللغة، وكل ما تعلمته هنا ساعدني في دراستي بالمدرسة، والكثير من الأباء والامهات يأتون هنا ليشكروا ديدي على تعليمها لأطفالهم"، قالت منة محمود (12 عاما).
وبينما كانت فرحة موسى (11 عاما) تشكل الصلصال في يدها على صورة طائر، قالت إنها تعلمت في مركز ديدي كيف ترسم وتغني وتصنع الورود الورقية، بالإضافة إلى تعلم القراءة والكتابة بالعربية والانجليزية.
المجئ إلى هذه القرية الصغيرة في مصر لا يعتبر فكرة غريبة بالنسبة الى ديدي، التي تركت حياتها الاجتماعية الطبيعية في ألمانيا عندما كان عمرها 22 عاما لتذهب إلى الهند، حيث تعلمت التأمل واليوجا، ومنها إلى عدة دول آسيوية قضت فيها 16 عاما كاملة في تقديم خدمات خيرية، لتستقر أخيرا في مصر، التي تعتبرها "ثقافة جديدة وتحديا جديدا".
وعلقت ديدي على هذه الرحلة الطويلة قائلة "أردت أن أجد نفسي، وأحقق ذاتي بعد أن تساءلت عن هدفي ومهمتي في الحياة، لذلك كرست حياتي لتطوير حياة الاخرين".
وتابعت " لقد عشت في عدة دول لذلك أشعر أنني في بيتي أينما كنت، اعتبر العالم كله أسرتي".
وتم فتح مركز ديدي بعد عام من وصولها إلى مصر في 2011، ويجذب المركز من 60 إلى 120 طفلا في العام، وبعض الأطفال يصبحون مدرسين به مع الوقت، ويساعدون ديدي في الأنشطة التعليمية والعناية بالمركز.
"درست هنا لمدة أربع سنوات، وأنا الآن طالبة في الصف الثالث الإعدادي، وأشعر أنه من واجبي أن آتي إلى هنا لمساعدة ديدي في تعليم الأطفال كما ساعدتني"، قالت أحلام غانم (16 عاما).
ولا يشترط أن يكون مساعدو ديدي من الكبار، فيمكن لبعض الأطفال أن يعلموا أقرانهم طالما كانوا أذكياء ومجتهدين في العمل مثل هذا الطفل الذي يُدرس لأقرانه حروف الهجاء العربية.
"أنا أعلم الأطفال حروف الهجاء العربية حتى يتقنوها، واستطيع أيضا الغناء وأمور اخرى كثيرة"، هكذا قال الطفل الخجول زياد محمد (8 سنوات).
وفي البداية كانت ديدي تفكر أن تقيم مشروعها الخيري في القاهرة، لكن عندما رأت هذه الطبيعة التي تبعث على السكينة في عزبة البحاروة وجدت أنها ستكون أكثر جذبا للمتطوعين والتلاميذ.
ياسمين رفعت متطوعة من القاهرة في أواخر العشرينات من عمرها، قضت اليومين السابقين في مركز ديدي في قراءة القصص المصورة للأطفال وتدريبهم على أداء أدوارهم في إحدى المسرحيات.
"اعتقد أن المتطوعين يحدثون فرقا لدى الأطفال، الذين يشعرون بالشغف لرؤية زوار في المركز، ومن الضروري للأطفال أن يروا أناسا جددا يأتون من خارج قريتهم لمساعدتهم وتعليمهم"، ختمت رفعت.