بقلم : محمد حماد

مسئول الشؤون الثقافية بالقنصلية العامة لدولة فلسطين بالإسكندرية

   يمكن تعريف وقت الفراغ بأنه الوقت الحر الذى لا يقضيه الفرد فى أى نشاط بالعمل والإنتاج , وهو الوقت الذى يقضيه الفرد فى ممارسه هواياته المختلفه .

قديما كان أمثر الناس إستمتاعا بوقت الفراغ هو الأغنياء , والأن أكثر الناس إستمتاعا بوقت الفراغ هم الفقراء , وتفسير ذلك أن معظم وقت الأغنياء ينصرف الى العمل والإنتاج ومعظم وقت الفقرائ ينصرف الى الكسل والإسترخاء . فالفئه الأولى لديها طموح لتصبح أكثر ثراءا والفئه الثانيه ترضى بالقليل .

غير أن مانعيشه الأن من تقدم تكنولوجى و علمى فى مختلف مجالات الحياه , كان من أهم الأسباب الرئيسية لزياده وقت الفراغ حيث يستخدم الإنسان منجزات هذا العصر فى إشباع مطالبه بسهوله ويسر , وينعكس هذا بالطبع على وقته , فيصبح لديه من الفراغ مايمكن أن تعتبره مشكله تحتاج الى دراسة .

من هذا المنطلق رأينا أن نطرح الموضوع للمناقشه من زاوية واحده وهى كيف نعالج مشكلة وقت فراغ الطالبات والطلاب بعد إنتهائهم من الإمتحانات , ولاشك إنها فتره طويله قد تمتد الى أربعه شهور , وذلك يدعونا الى أن نتساءل , هل لدينا إمكانية مدح وإستثمار مواهب وإستعداد عشرات الآلاف من الطلاب خلال العطله الصيفية بما يعود عليهم وعلى المجتمع بالفوائد الجليلة سواء فى المستقبل القريب أم البعيد .

لقد أدركت بعض المجتمعات قيمه الطلاب وإمكانياتهم وطاقاتهم الجباره , وكيف أنها ذات قوة مؤثره فى المجتمع , فوضعت من التشريعات ما تلزم الطلاب فى مثل هذه الفتره بأداء نوع معين من الخدمات العامة أو التدريب العسكرة أو الإشتراك فى هيئات تربوية وإجتماعية ورياضية متعدده .

ولا نجانب الصواب إن قلنا أن الفراغ مشكلة , أن هو زاد أصبح مشكلة  , فقد تؤدى زيادته الى الجريمة وما شابه لاسيما فى أوساط الشباب .

وإن قل أصبح مشكلة أيضا لإن الفرد لا تتاح له فرصه الإستجمام والإسترخاء والتسلية والترفيه عن النفس , وهى لاشك من الأمور الضرورية الهامه فى عصرنا هذا .

مثل هذه المجتمعات الى أشرنا اليها أدركت ذلك تماما ولذلك فهى حريصه على أن يعايش أفرادها من الطلاب مختلف الأمور والقضايا الإجتماعية والسياسية والتربوية والدينية فى جو ديمقراطى سليم وصولا لتحقيق الأهداف التى ينشدها المجتمع .

ونحن لا ننكر جهود وزاره التربية والتعليم فى هذا المجال بفتح العديد من الأندية الصيفية للبنين والبنات وبإشراف معلمين تربوين وأخصائين إجتماعيين فى عده مدارس رسمية وغير رسمية .

غير أن ما نطالب به هو تعاون المجتمع بجميع مؤسساته التربوية والا تربوية , الحكومية والأهلية , فى حل مشكلة قضاء وقت الفراغ بحيث تكون هناك وحده فكر ووحده عمل لتحقيق فلسفة الدولة وأهدافها .

وربما يتحقق ذلك لو عرض فى ندوه يحضرها ويشارك فيها من يهمهم الأمر من مسؤلين وأولياء أمور وطلاب , أو دراسة أكثر عمقا من خلال مؤتمر يبحث الموضوع برمته ومن مختلف زوايه ويشارك فيها مؤسسة الإعلام والثقافة والأوقاف والتعليم والشباب والرياضه وكذلك منظمات حكومية وغير حكومية تهتم بالجانب الإجتماعى والثقافى .

وبالتالى يخرج المؤتمر بتوصيات تتسابق مؤسسات الدولة والقطاع الخاص فى تنفيذها وإستيعاب الطلبه فى كافه المجالات أسوه بالدول المتقدمه , فيستفيد الطلاب بخبرات ومهارات جديده , ويستفيد أصحاب الأعمال أيضا من تلك الجهود والطاقات المتحفزه للعمل والتى كانت أصلا متعطله , هذا فضلا عن ما ستسفر عنه الندوه أو المؤتمر من مقترحات تلفت النظر الى رجال الغد وإمكانيه تعويدهم على تحمل المسؤلية فى وقت مبكر . ومن ثم يمكن وضع برامج مكثفه موجهه تساهم فى تنمية المجتمع بأقل النفقات وبسواعد الشباب وتصقل وطنيتهم وإنتماءهم .

وإذا لم يكن هذا المؤتمر متاح الأن , فإلى مزيد من الدراسات والأفكار حول هذا الموضوع لآ سيما وأن وقت الفراغ ليس وقت اللهو , إنه سلوك جاد وهو ضرورى للراحهوالإستجمام ولا بد من تنظيمه بالأعمال المفيده التى تتمشى مع طبيع العصر الذى نعايش فيه .