«الفتاوى الشاذة والإعلام» .. إلى متى يستمر التلاعب بعقول الناس؟!..تقرير
كان إنشاء دار الإفتاء المصرية عام 1895 لتكون هي المرجعية الأساسية للفتوى في مصر والبلاد الإسلامية، ويتخطى عدد الفتاوى التي تصدرها سنويا عشرات الآلاف.
وظهرت فتاوى الشيوخ المنتمين للأزهر والمنتشرين على القنوات الفضائية وبرامج "التوك شو" ويلقون على كاهل المجتمع المصري بفتاوى قد انتشرت خلال الفترة الأخيرة لبعض "رجال الدين" التي أثارت اندهاش وغضب المصريين.
يأتي ذلك بعد أن ركز الشيوخ على جميع الفتاوى التي تخص المرأة فقط والعلاقات الجنسية ما أثار الجدل بين المواطنين في المجتمع والمنظمات النسائية ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحوا "يستهزئون" بالشيوخ وتصريحاتهم الجنسية أو فتاوى تحرض على العنف والفتنة الطائفية.
فصرح من قبل الشيخ سالم عبد الجليل باتهامه للعقيدة المسيحية بأنها فاسدة وأن المسيحيين "كفار"، الأمر الذى بدوره يثير الفتنة والبلبلة في الشارع المصري.
وقبل أن نفيق من الصدمة سئل الشيخ صبري عبد الرؤوف عن "جواز" تصوير العلاقة الزوجية بين الزوجين ونكاح الميتة، فكان رده الاندهاش من فعل ذلك وفى نفس التوقيت لم يصدر فتوى بتحريمها بدعوى أنه لا يوجد نص يحرم ذلك، ما أثار الناس أنه يجوز ذلك.
تلاها قول الدكتورة سعاد صالح وإصدارها فتوى بجواز وطء السبية وإذلالها ،و"نكاح البهائم" أمر طبيعي و"مش حرام"، كما أثارت تصريحات مفتي مصر السابق الشيخ علي جمعة منذ فترة أيضا من قبل غضب منظمات نسوية ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وكان جمعة قال إنه "يحق للرجل النظر إلى المرأة المتبرجة فهي التي أسقطت حقها، حين خلعت الحجاب".
وأضاف جمعة: "المحجبة لديها رخصة، ولا يحق النظر إليها إلا بإذنها"، واشترط، من خلال فتاواه، أنه "يجب أن تكون نظرة الرجل إلى المرأة المتبرجة سريعة، حتى لا يقع على الناظر إثم".
وفي عام 2007 أفتى عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة القاهرة بحق المرأة العاملة بأن "ترضع زميلها" في العمل منعا لوقوع الحرمة بينهم إذا كان وجودهما في غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلا بواسطة أحدهما على أن تتضمن "خمس رضعات "تبيح لهما الخلوة ولا تحرم الزواج"، مع حق المرأة خلع حجابها أمام من "أرضعته" مع توثيق هذا الإرضاع رسميا في عقد يذكر به تلك التفاصيل، وقبل هذا بعام في 2006 قد حرم رشاد حسن خليل عميد كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر في فتواه أنه لا يجوز شرعا للزوجين التجرد التام من ملابسهما أثناء الجماع والمعاشرة لأن هذا حرام شرعا ويبطل عقد الزواج وقد اختلف علماء الأزهر حول رؤية الزوجين لبعضهما وحدود التعري.
الدكتور إبراهيم مجدي حسين استشاري الطب النفسي يقول: "إن الشيوخ الذين يصرحون بتلك الفتاوى على الهواء مباشرة أمام الجماهير يكون شخص مندفع ولا يمتلك ذكاء اجتماعيا بكيفية الرد على تلك الأسئلة من قبل المصلين، أوشخص يبحث ويسعى إلى الشهرة ولكن بشكل خبيث، حيث إن إلقاء تلك الفتاوى يثير الجدل فى الشارع وعلى صفحات الجرائد المختلفة وهو ما يريده بعض الشيوخ بحثا عن الشهرة والترويج، وهؤلاء هم "تجار الدين" لأنهم يستخدمون الفتاوى بشكل تجارى ومروج لهم.
وتابع "إبراهيم"، أغلب "الشيوخ" يتقاضون أجرا مقابل الظهور إعلاميا وإلقاء تلك الفتاوى التى تروج لهم وللقنوات، لافتًا إلى أن الاشخاص الذين يلقون تلك الأسئلة على الشيوخ فهم يقعون فى "فخ وتجربة" للشيوخ أو ان القنوات تتفق وترتب لإجراء تلك الأسئلة بحثا عن الانتشار ومرض الشهرة حتى ولو على حساب الدين.
واختتم: "انشغال فتاوى الشيوخ "بالجنس والمرأة" فقط دليل على وجود "كبت جنسي" وفكر دهائي جاهلي وربما "فكر داعشي" يسيطر عليهم في فتواهم ويؤكد ان الاشخاص الذين يلقون تلك الاسئلة على الشيوخ من حيث نكاح البهائم أو معاشرة الميتة هم أشخاص ليسوا أسوياء نفسيا.
وقالت الدكتورة منال زكريا أستاذ علم النفس إنه لاحياء فى الدين، وقديمًا كانت النساء تسأل أدق التفاصيل الخاصة بعلاقتها مع زوجها، لكن الأمر غير المقبول مسألة إذاعتها بالطرق التجارية والفجائية وبشكل عشوائي دون تنظيم أو تقنين أو تخصيص أشخاص معينة إصدار مثل هذه الفتاوى.
وأشارت إلى أن الفتوى أشبه بالروشتة الطبية لكل شخص، فليس من المقبول إذاعة كل الحالات على العلن، لأنها قد تكون خاصة، ولكن ما يمس الحياة العامة من المفروض أن يتم إعلانها على العلن.، مطالبة أن يكون هناك شكل من أشكال التقنين للفتاوى التى يتم إصدارها وأن تصدر وزارة الأوقاف.
وعن تأثير ذلك على المجتمع قالت "منال": "فى حالة وجود فتاوى يراد لها أن تعلن على الملأ من المفترض أن تعرض على هذه اللجان المقننة لتحديد السياق وطريقة العرض والظروف بالمشاركة مع خبراء علم النفس والاجتماع وتحديد قنوات البث التى يمكن إيصالها للمواطنين".
وتابعت: "طريقة العرض العشوائي "للفتوى" يعمل على تشكيك فى الدين بالأساس وخاصة أننا نهتم بقضايا "نكاح الميتة أو إرضاع الكبير أو زواج المتعة" خاصة أن مسألة تمسك الشعوب بالأديان فى هذه الظروف فى تراجع ووعى دينى غير مؤسس، وكأن اقتصرت الحياة كلها على العلاقات الجنسية فقط".