القضاء الأمريكي ينتصر للمهاجرين ويرفض قرارات تعسفية لترامب
أصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة حكما يبطل مساعي الرئيس دونالد ترامب لإلغاء برنامج يوفر حماية لصغار المهاجرين من الترحيل.
وأيد القضاة حكما أصدرته محكمة أدنى خلصت إلى أن مساعي ترامب الرامية إلى إلغاء برنامج "الإجراء المؤجل للواصلين أطفالا"، المعروف اختصارا بـ"داكا"، كانت "غير قانونية".
ويوفر البرنامج حماية لمن يُطلق عليهم "الحالمون"، وهم نحو 650 ألف شخص دخلوا الولايات المتحدة بدون وثائق وهم أطفال.
ومنذ عام 2017، سعت إدارة ترامب إلى إلغاء البرنامج الذي بدأ العمل به إبان عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
وبحثت المحكمة العليا القضية بعد أن قضت محكمة أدنى بأن إدارة ترامب لم تفسر على نحو كاف سبب إلغاء البرنامج. وانتقدت المحكمة تفسيرات البيت الأبيض ووصفتها بأنها "تعسفية".
وصوّت قضاة المحكمة العليا، بأغلبية خمسة أصوات مقابل أربعة، يوم الخميس لصالح النتائج التي توصلت إليها المحكمة الأدنى بأن قرار الإدارة الأمريكية ينتهك قانون الإجراءات الإدارية، الذي ينص على أن إجراءات الحكومة لا يمكن أن تكون سياسة "تعسفية أو متقلبة أو إساءة للتقدير أو غير متوافقة مع القانون" أو "غير مدعومة بأدلة قوية".
كيف جاءت ردود الفعل؟
انتقد ترامب الحكم في عدد من التغريدات بموقع تويتر.
وكتب الرئيس الأمريكي: "هذه القرارات المروعة والمدفوعة سياسيا التي تصدرها المحكمة العليا تصوب نيرانها في وجه الذين يتفاخرون بوصف أنفسهم بالجمهوريين أو بالمحافظين".
ودعا ترامب الناخبين إلى إعادة انتخابه في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل لوضع المزيد من القضاة المحافظين في المحكمة، إن كان ثمة وظائف شاغرة.
كما أشار إلى تجديد الجهود المبذولة بغية إلغاء البرنامج، مضيفا "سأبدأ العملية برمتها من جديد".
وقال ترامب: "هل لديكم الانطباع بأن المحكمة العليا لا تحبني؟".
أما الرئيس السابق باراك أوباما، فقد أشاد بالحُكم، وحث الناخبين على انتخاب رئيس ديمقراطي وكذا أعضاء ديمقراطيين في البرلمان (الكونغرس) في نوفمبر لضمان "نظام جدير حقا بهذه الأمة من المهاجرين".
وقال جو بايدن، المرشح الديمقراطي في سباق انتخابات الرئاسة المقبلة، إنه سيسعى إلى أن يجعل البرنامج دائما إذا هزم ترامب في الانتخابات.
ماذا حدث في المحكمة العليا؟
انحاز جون روبرتس، رئيس القضاة، الذي يُوصف غالبا بأنه محافظ، إلى أربعة من الليبراليين في المحكمة في الحكم الصادر يوم الخميس بأغلبية الأصوات.
وهذه المرة الثانية التي يحكم فيها رئيس القضاة روبرتس ضد ترامب هذا الأسبوع.
فقد أصدرت المحكمة العليا يوم الاثنين الماضي حكما يقضي بحماية العمال المثليين والعابرين جنسيا بمقتضى قانون العمل الفيدرالي، وهو انتصار كبير لنشطاء حملات المثليين.
وصاغ القرار القاضي نيل غورسوش، الذي عينه ترامب.
وخلال فترة رئاسته، عيّن ترامب قاضيا آخر هو بريت كافانو. وتُوصف تشكيلة المحكمة العليا حاليا على نطاق واسع بالأكثر تحفظا في التاريخ الحديث.
وعلى الرغم من ذلك، انضم رئيس القضاة روبرتس العام الماضي مرة أخرى إلى نظرائه من أصحاب الميول الليبرالية في منع إدارة ترامب من إضافة سؤال بشأن المواطنة إلى استبيان الإحصاء السكاني الخاص بعام 2020، والذي قال معارضون إنه سيقمع استجابة المهاجرين والأقليات العرقية.
بيد أن المحكمة انحازت إلى إدارة ترامب في قضيتين رئيسيتين أخريين.
فقد دافعت المحكمة عن حظر السفر الذي فرضه البيت الأبيض على دول إسلامية، وسمحت بتطبيق حظر فرضه ترامب يمنع التحاق العابرين جنسيا بصفوف الجيش.
ما هو برنامج "داكا"؟
ينتمي معظم الأطفال الذين يحميهم برنامج "داكا" إلى المكسيك ودول أخرى بأمريكا اللاتينية.
ويحمي البرنامج، الذي بدأ العمل به في عام 2012 بموجب أمر تنفيذي من الرئيس السابق باراك أوباما، من يُطلق عليهم "الحالمون" من الترحيل، كما يوفر لهم فرصا للعمل والدراسة.
ووقع أوباما على الأمر التنفيذي بعد فشل مفاوضات بشأن إصلاحات بمجال الهجرة.
ومن أجل الاستفادة من البرنامج، يتعين على المتقدمين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما إمداد وزارة الأمن الداخلي بمعلومات شخصية، بما في ذلك العناوين وأرقام الهواتف.
كما يجب أن يخضعوا لتحريات عن تاريخهم بواسطة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي اي)، وأن تكون سجلاتهم الجنائية نظيفة، وأن يكونوا في مدرسة أو من حديثي التخرج أو أنهوا خدمة عسكرية بحسن سلوك.
ومن جهتها، توافق الحكومة الأمريكية على "تأجيل" أي إجراء بشأن وضعهم كمهاجرين لمدة عامين.
ويُطبق هذا الإجراء فقط على الأفراد المقيمين في الولايات المتحدة منذ عام 2007.
وقال مستفيدون من برنامج "داكا" لبي بي سي إنهم شعروا بارتياح وفوجئوا بالحكم الصادر يوم الخميس، وأضاف كثيرون أنهم سيواصلون الدفاع عن إصلاح الهجرة.
وقالت جوانا غوزمان (28 سنة)، وهي من تكساس: "إنه انتصار مطلوب للغاية، يمنحنا الوقود الذي نحتاجه لمواصلة المضي قدما، ومواصلة النضال لصالح بقية عائلاتنا والمجتمع الذي ليس لديه برنامج داكا".
وقال ميتزلي سانشيز (23 سنة): "على الرغم من هذا الانتصار الكبير، علينا أن نواصل الضغط، وأن نواصل النضال من أجل أشخاص آخرين قادرين ولكن ليس لديهم هذه الحماية".