المجتمع الشرقى ما بين الوهم والواقع
غادة عبده
نحن نعيش في مجتمع مليء بالمتناقضات فهو كل شيء وعكسه، فتجده يحدثك عن القدر والمقدرات، وأنه يجب عليك الاستسلام لقدرك لأنه كتب عليك من قبل أن تولد.
نعم هذا ما أؤمن به وأفعله في حياتي، ولكن أين أنت يا مجتمعي العزيز من هذا الواقع الإيماني، وأنت تحدثني عن المرأة وحقوقها في الإسلام ولكن تمارس عليها الضغوط النفسية والاستفزاز اليومي.
وسأختار نقطة واحدة منهم لتوضيح مدى التناقض ما بين نصح الآخر بالإيمان بالقدر والتطبيق الفعلي للإيمان بالقدر المنعدم لدي المجتمع فايطلق على المرأة لقب عانس لأنها تمارس ابسط حقوقها فى الحياة وهى إختيار شريك حياة يليق بها فكرا وثقافة واهتمامات مشتركة وتفاهما، وتلاقي ارواح.
فديننا الإسلامي اشترط ذلك للزواج الصحيح فالقبول أول شروط الزواج، فإذا لم تتح للمرأة الفرصة بلقاء الشخص المناسب لها من وجهة نظرها هى وما يناسبها، ماالذى يجبرها ان تؤسس بيتا هشا ضعيفا، لايملئه الحب والمودة والرحمة والتفاهم، لمجرد ان تهرب من ضغوط المجتمع عليها.
وهنا أتسأل أين حديثكم عن القضاء والقدر وقوة الإيمان به وأنتم لا تطبقونه على أفعالكم، عزيزى المجتمع صاحب النظرة الضيقة لمقدراتنا، لقب عانس كان ايام ابائنا يطلق على البنت قليلة الجمال لكن حاليا تطلقونه على جميلات، مثقفات، صاحبات فكر ورسالة، يضفن للمجتمع ما لا يضيفه الذكور.
تطلقون هذا اللقب لمجرد تاخر زواجها وتطالبونها كلما تقدم عمرها بتقديم التنازلات فى صفات شريك حياتها، فتختزلون كل صفاتها الجميلة وتمحوها كأنها لم تكن مقابل عنصر السن، وتطالبونها ان تتزوج من يكبرها كثيرا لانها لم تصبح فى العشرين والرجال من حقهم ان يتزوجون صغيرات السن مهما زادت أعمارهم لأنهم رجال، لكن المرأة ليس من حقها الاختيار فهى أمرأة!! قرر مجتمعها الحكم عليها بالإعدام كلما زاد رقم عمرها بالبطاقة.
عزيزتي، مهما بلغ جمالك وثقافتك وأخلاقك وتدينك، ومستواكى الإجتماعى، كل ذلك يتلاشى ويصبح صفرا أمام رقم فى بطاقتك الشخصية.
عذرا ايها المجتمع لاتحدثنى بعد اليوم عن الإيمان والمقدرات، لأنك لا تؤمن فعليا بها، فلوآمنت لعلمت ان كل شئ خلقا بقدر، وان الله تعالى فعال لمايريد، وان الله لم يخلقك لتصدر الأحكام والألقاب على خلقه، ولم يخلفك للعبث بمقدرات البشر وحياتهم.