المحكمة الدستورية المصرية تقضي بسريان اتفاق «تيران وصنافير»
قضت المحكمة الدستورية العليا، أعلى سلطة قضائية في مصر أمس، بعدم الاعتداد بأحكام القضاء الإداري وأحكام القضاء المستعجل الصادرة في وقت سابق ببطلان «اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، وأمرت بسريان «الاتفاق وتبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية». وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي صادق على الاتفاق في 24 يونيو الماضي إيذاناً بدخولها حيز التنفيذ، بعدما أقرته الحكومة في 29 ديسمبر 2016، ووافق عليه البرلمان في 14 يونيو الماضي.
وقالت «الدستورية» في أسباب حكمها إن الأحكام الصادرة من قضاء مجلس الدولة (القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا) مثلت عدواناً على اختصاص السلطة التشريعية، فضلاً عن أن توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاق تعيين الحدود البحرية أمر من الأعمال السياسية، موضحاً أن العبرة في تحديد التكييف القانوني لأي عمل تجريه السلطة التنفيذية لمعرفة ما إذا كان من أعمال السياسة أم لا، هو أن يتعلق العمل بعلاقات سياسية بين الدولة وغيرها من أشخاص القانون الدولي العام، أو دخل في نطاق التعاون والرقابة الدستورية المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأصبح عملاً من أعمال السياسة.
وأوضحت المحكمة أنه بناء على هذا النظر، فإن إبرام المعاهدات والتوقيع عليها يعد من أبرز أمثلة هذه الأعمال، وذلك من وجهين: الأول «تعلقها بعلاقة بين السلطة التنفيذية، ممثلة للدولة، وبين سائر أشخاص القانون الدولي العام، من دول ومنظمات دولية، وذلك في مراحل التفاوض والتوقيع والتنفيذ»، والثاني «وقوعها في مجال الاختصاص المشترك، والرقابة المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فبمقتضى الدستور المصري يراقب مجلس النواب السلطة التنفيذية في ما تبرمه من معاهدات، وله أن يوافق أو يرفض ما يدخل منها في اختصاصه.
وأكدت المحكمة أن سلطة البرلمان في ذلك سلطة حصرية لا يشاركه فيها غيره، فإذا ما استنفد مجلس النواب سلطاته يعود مرة أخرى لرئيس الجمهورية وحده، بما له من سلطة، فإن شاء صادق على المعاهدة، وإن شاء رفضها، وفقاً لتقديراته السياسية وما يتطلبه صون المصالح العليا للبلاد.
وذكرت المحكمة أن توقيع ممثل مصر على اتفاق تعيين الحدود البحرية مع السعودية يعد «لا ريب» من الأعمال السياسية، مؤكداً أن الحكم الصادر من القضاء الإداري والمؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن على الاتفاق قد خالف هذا المبدأ، بأن قضى باختصاص القضاء الإداري بنظر صحة توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاق تعيين الحدود البحرية بين حكومتي مصر والسعودية، حال كونه ممنوعاً وعدواناً على اختصاص السلطة التشريعية، فإنه يكون خليقاً بعدم الاعتداد.
وأمر رئيس «الدستورية» المستشار عبدالوهاب عبدالرازق بوقف تنفيذ أحكام القضاء الإداري وأحكام القضاء المستعجل الصادرة بخصوص اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية في ٢٢ يونيو الماضي، خصوصاً أن قانون المحكمة الدستورية «يسمح لرئيس المحكمة بإصدار قرارات بإيقاف تنفيذ الأحكام المتناقضة التي تكون موضوعاً لدعوى تنازع تنفيذ أمامها».