المعنى الحقيقي للأمان !
بقلم: محمد سمير
نخطئ كثيرًا إذا كان مفهومنا عن الأمان أنه يتحقق فقط إذا نجحنا فى تأمين حدود الدولة ضد أى اختراق خارجى، أو إذا نجحنا فى السيطرة على جميع مظاهر الجريمة، وحماية البلاد من خطر الإرهاب وكل ما يمكن أن يهدد أمنها القومى.. لأن المعنى الكامل للأمان لا يتحقق بهذه الأبجديات فقط، بل يتعداها إلى معنى أعمق من ذلك بكثير، وهو ما يمكن أن نطلق عليه «الأمان المعنوى»، وهو المعنى الحقيقى للأمان.
وهذا النوع من الأمان هو الأصعب على الإطلاق، لأنه يتعلق بتحقيق الطمأنينة الشاملة للفرد فى كامل الزمان والمكان، وتحقيقه بالطبع لا يتأتى إلا بالعمل الدؤوب المخلص والشجاع، الذى يتسم بتطبيق أعلى معايير العلم والعدل معًا، وبجانبه وعلى نفس الدرجة من الأهمية حسن اختيار المسئولين.
ولكى نجعل الصورة أكثر قربًا أرجو أن نجيب على أنفسنا بمنتهى الصدق والأمانة والتجرد على الأسئلة الآتية :
هل يمكن أن يشعر بالأمان كل موظف أو عامل أو صاحب مهنة لا يكفى دخله قوت أسرته؟
هل يمكن أن يشعر بالأمان كل مريض لا يجد سبيلاً إلى العلاج؟
هل يمكن أن يشعر بالأمان كل عاطل سدت أمامه أبواب العمل وسبل الرزق الحلال؟
هل يمكن أن يشعر بالأمان كل طفل شوارع لا يجد من ينظر إليه بعين العطف والرحمة وينقذه من المصير المظلم المحتوم الذى ينتظره ؟
هل يمكن أن تشعر بالأمان كل أرملة أو مطلقة فقيرة لا تجد ما تسد به رمق أولادها؟
هل يمكن أن يشعر بالأمان كل يتيم يصارع الحياة وحيدًا ولا يجد من يمد له يد العون؟
هل يمكن أن يشعر بالأمان كل مظلوم لا يستطيع أن يحصل على حقه بسبب بطء وتعقيد إجراءات التقاضى، أو بسبب فساد أو تعنت أو عدم كفاءة بعض المسئولين؟
.. إن ما تمر به بلادنا من ظروف صعبة بسبب فيروس "كورونا"، سيؤدى إلى أن تكون الأمور أشد وطأة على الفئات المذكورة بعاليه، وهو ما يتطلب منا أن نتحلى جميعًا بمنتهى روح التكافل والتراحم اللا محدود، حتى لا نترك من تكالبت عليهم الظروف الصعبة وأثقلتهم الهموم، فريسة للخوف والضياع.
يقينى الراسخ أنه بتكافلنا وتراحمنا الذى سيجلب لنا توفيق الله، نستطيع بكل جسارة أن نحقق لجموع الخائفين المعنى الحقيقى للأمان.. لأنه لا يصح ابدًا أن نسمح لأنفسنا بأن يغفو لنا جفن وبيننا من لا يشعر بالأمان.
نقلاً عن فيتو