ايران تراهن على الجانب الروسي ..تقرير
بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى موسكو، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وصل علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني خامنئي، روسيا، حاملاً رسالتين من المرشد خامنئي والرئيس حسن روحاني.
وتؤكد مصادر إيرانية أنّ الرسالتين يتمحوران حول تداعيات ومخاطر القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات جديدة موسعة وقاسية على طهران.
وكانت إيران، سيما تواجدها العسكري في جنوب سوريا، والمطالبة بأن يكون هذا التواجد بعيداً عن حدود الجولان المحتل، بمسافة لا تقل عن 60 إلى 80 كلم، تمهيداً لـ "طرد" إيران من سوريا، الموضوع الرئيس لمباحثات نتنياهو –بوتين، في سياقات الصفقة التي تمّ إنجازها بين أمريكا وإسرائيل من جهة ومع روسيا من جهة أخرى، والتي بدأت ترجمتها برفع الغطاء الروسي عن هجمات عسكرية إسرائيلية على القواعد والمليشيات الإيرانية في سوريا، والعروض الإسرائيلية بوقف استهداف نظام الأسد مقابل ذلك، والتمهيد لاستئناف مباحثات السلام السورية الإسرائيلية
زيارة ولايتي الحالية إلى موسكو، تأتي بعد زيارة الرئيس حسن روحاني لأوروبا، وفشل الرهانات الإيرانية على دور أوروبي، يمكن أن يحدث اختراقاً في الموقف الأمريكي الصارم تجاه إيران، عبر سلسلة عقوبات اقتصادية واسعة تشمل الشركات التي تتعامل مع إيران، والدول التي تستورد نفطها البالغ حوالي ثلاثة ملايين برميل يومياً، والاستجابة الدولية من بعض دول شرق آسيا بالاستعداد لوقف استيراد النفط الإيراني؛ كوريا الجنوبية، الهند، واليابان، خاصة بعد التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، واستمرار الأزمة الاقتصادية في إيران وتداعياتها، التي يتم التعبير عنها بمظاهرات شعبية في طهران والمدن الإيرانية، مستمرة منذ أواخر العام الماضي، ويرجح أن تتوسع وتزداد قوتها في ظلّ موقف الإنكار التي تنتهجه القيادة الإيرانية، والإصرار على عدم الاعتراف بأنّ تلك الأزمة نتيجة سياساتها، واتهام المتظاهرين بتنفيذ أجندات خارجية، وعمالة لأجهزة استخبارية أمريكية وإقليمية تكنّ العداء للثورة الإسلامية والنظام الإيراني.
تدرك إيران أنّ علاقاتها الإستراتيجية مع روسيا في سوريا، تتعرض لمساومة، وأصبح وجودها في سوريا مطروحاً على طاولة المفاوضات بين روسيا وأمريكا وإسرائيل، وأنّ هناك الكثير من المؤشرات التي تدل على أنّ مصالح روسيا مع أمريكا أكبر منها مع إيران، وأنّ القاعدة التي حكمت علاقات روسيا بإيران، ومضمونها استخدام كل طرف للآخر كورقة تفاوض مع أمريكا، أصبحت تميل لصالح روسيا.
وفي ظل هذا الإدراك الإيراني، فإنّه من المرجح أن تأتي زيارة ولايتي ورسائل خامنئي وروحاني للقيادة الروسية، في إطار وضعية إيرانية تتسم بالضعف، تستهدف تقديم عروض سخية لروسيا لحمايتها من التهديد الأمريكي من جهة، وإنقاذ اقتصادها بعد العقوبات الاقتصادية الأمريكية "غير المسبوقة"، وفي ظلّ قناعات بأنّ هناك قيادة أمريكية تستهدف إيران فعلاً وقولاً، ولإنقاذ إيران من أزمتها الاقتصادية المتفاقمة على خلفية تلك العقوبات.
ولا يغيب عن القيادة الإيرانية أنّ روسيا "بوتين" التي تمكنت من إنقاذ نظام الرئيس الأسد من السقوط، بإمكانها فعل الكثير لإنقاذ النظام الإيراني، الذي يتعرض لاستهداف من قبل أمريكا، بسيناريو مختلف عن السيناريو الذي تعرضت له سوريا؛ إذ يبدو أنّ أمريكا لا تعول على إسقاط النظام الإيراني عبر عمل عسكري واسع، إنما من خلال تهيئة الظروف لثورة شعبية تشمل كافة الشعب الإيراني، الذي يعاني من التمييز وسياسات نظام دكتاتوري، وانكشاف لعبة المحافظين والإصلاحيين وفشل الرهانات على إمكانية تحقيق تغيير من خلال الإصلاحيين، الذين ثبت أنهم يتبادلون الأدوار مع المتشددين، وهو ما تم التعبير عنه خلال المظاهرات التي تشهدها إيران بتحميل النظام الإيراني مسؤولية الأوضاع الاقتصادية المتردية، في ظلّ حديث واسع عن فساد في مؤسسات النظام، وتساؤلات حول تكاليف سياساته الخارجية بدعم أذرعه في لبنان وغزة وسوريا والعراق، على حساب التنمية ومواجهة الفقر والبطالة والغلاء في ايران.
ومن زاوية أخرى، لا يمكن النظر إلى رسائل "خامنئي روحاني" لبوتين، وما تتضمنه من عروض إيرانية، بمعزل عن تزامنها مع القمة التي ستعقد بين الرئيسين؛ الأمريكي والروسي في هلسنكي غداً، والتي سيكون الملف الإيراني أحد أبرز محاورها، فيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية على إيران، وتدخلها في شؤون المنطقة، وباتجاهات أمريكية ستطالب الرئيس بوتين بممارسة ضغوط على القيادة الإيرانية، فيما لا يتوقع أن يقبل بوتين بدور ناقل الرسائل بين أمريكا وإيران، وسيتعامل مع المطالب الأمريكية والإيرانية، باعتباره صاحب دور فاعل ومؤثر، وسينظر لمصالح روسيا وما يمكن أن يحققه منهما، من خلال هذا الدور.
نقلا عن موقع حفريات