راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

باحثة: هذه معايير بناء أسرة «قوية وناضجة» وهكذا نستطيع حماية المجتمع من الإدمان.. حوار

حوار: كريم جابر

موندا وديع:

 90 % من نسب الطلاق بسبب «مشاكل في العلاقة الحميمية» ..

وهناك أفراد غير مؤهلين «نفسيًا» للزواج وتحمُل مسؤولياته الضخمة

 

الأسرة والبيت والآباء والأمهات، أول بداية الطريق لإنشاء مجتمع صحي وسليم فكريًا وذلك عبر تربية وتعليم وتثقيف الأبناء بشكل جيد، وحمايتهم من الأشياء السلبية، وكما قال الشاعر الراحل حافظ إبراهيم: «الأم مدرسة اذا أعددتها، أعددت شعبًا طيب الأعراق»، وعلى الأب دورًا كبيرًا أيضًا فهو قائدًا لسفينة الأسرة، وهو الحماية والقوة التي تنعكس على سلوكيات الأبناء، وفي هذا السياق الأسري، أجرينا حوارًا مع الباحثة الأسرية الشابة، موندا وديع وتطرقنا إلى جوانب عديدة نوقشت عبر سطور هذا الحوار:

 

في البداية سُعداء بإجراء هذا الحوار معكِ .. نود معرفة المُزيد عنكِ؟

تخرجت من كلية تجارة جامعة سوهاج قسم اللغة الإنجليزية، ودرست دبلومة دولية حول علاج الإدمان والسلوكيات الإدمانية، وكانت ذلك محاولة من ذهني لفهم «النفس البشرية» وطرق اتخاذها القرارات الحياتية والتعامل اليومي، إضافة إلى دراستي لدبلومة الإرشاد النفسي والأسري.

الأسرة قوام رئيسي لبناء مجتمعي صحي فكريًا .. في رأيك ما هي معايير تكوين عائلة قوية وناضجة؟

للأسف لا يوجد الآن أسرة بها هذه المعايير، ونحن نفتقد كثيرًا لمثل هذه الصفات في المجتمع، والنقاط تكمُن في التالي:

*الترابط القوي بين جميع أفراد الأسرة شرط إلا يُعيق ذلك، خصوصية كل فرد وآليات استشعار الاستقلالية الكاملة.

*أي أسرة ربما تتعرض لمشاكل كثيرة، الأهم هنا هو وجود وإنشاء حالة «اتحاد و تماسُك» لمواجهة هذه المشاكل حتى لا يحدُث انهيار لهذه الأسرة.

*انتشار حالة حب، ودفء، احترام، ثقة بين أفراد الأسرة.

*نشر الوعي المُستمر بينهم وذلك سيأخذ مجهودات كثيرة ولكن ثماره ستكون جيدة لاحقًا.

 

من خلال رؤيتك، ما هي أبرز مشاكل الأسرة؟

مشاكل كثيرة، وأبرزها المشاكل المالية بسبب ظروف المعيشة والضغوطات الحياتية إضافة إلى مشكلة الحياة «العشوائية أو التلقائية»، للأسف الأسر لا تقوم بالتخطيط  أو العمل على الأشياء التي تحتاج التركيز عليها لتحقيقها، انعدام لغة الحوار بين الزوجين و الأبناء، وأيضًا الأنانية وأن كل شخص يُريد الحصول دون العطاء، وتدخل الأهالي في حيوات وجوانب الزوجين، والخوض في غمار تفاصيل مُفترض أنها تتمتع بأعلى درجات الخصوصية، والزوج دائمًا ما يُحمل زوجته المسؤولية، سيطرة الأب والأم على أبنائهُما بشكل مُبالغ فيه، وهناك مشكلة لها أبعاد خطيرة كونها «حساسة للغاية» وهي العلاقة الجنسية بين الزوجين وأن لقائتهُما الحميمية لا تكون على ما يُرام، والمجتمع دائمًا يتجاهل النقاشات بشأنها، إضافة إلى الإدمان، على سبيل المثال إدمان الزوج أو الزوجة للكحوليات أو المواد المُخدرة، وفي أكثر الحالات يكون الزوج هو المُدمن، مشكلة البطالة مؤثرة بشكل سلبي على نهوض الأسرة، وأيضًا عدم بذل الأب والأم أي مجهود لتربية الأبناء بشكل جيد، ويقومون بتربية أبنائهم بمعايير التربية القديمة، وذلك يخلق «فجوة فكرية» لأن هناك الكثير من التطورات التي طرأت على التربية في الأجواء الحياتية الحالية، وهذه الجزئية تُدعى «اختلاف الأجيال».

نرى خلال الفترة الحالية ارتفاع كبير في نسب الطلاق، في وجهة نظرك ما الأسباب وما هي الحلول القابلة للتطبيق واقعيًا للحد من ذلك؟

إحدى الوسائل الرئيسية التي تؤدي إلى الطلاق هي عدم التعلُم من تجارب الأخرين، ولا نبذل أي مجهودات لتفادي واستبعاد الأسباب التي تؤدي للانفصال، وأيضًا أساس الزواج لا يكون صحيًا سليم بمعنى أننا عند الاختيار قمنا بإعلاء المشاعر والعاطفة أكثر من العقل، وحذفنا أي تقييم «عقلاني»، إضافة إلى الزواج الذي يحدُث تحت ما يُسمي «بالضغوطات الأسرية أو المنزلية»، وأيضًا فترة التعارف قصيرة الأمد، وأُكرر مرة أخرى أن وجود خلل في العلاقة الجنسية بين الزوجين يؤدي للطلاق، وأن 90 % من حالات الانفصال حدثت بسبب هذه المُشكلة التي يتجاهل الزوجين نقاشها  بشكل علمي وثقافي من أجل علاجها والوصول لحلول صحية، وذلك يعود كونها «حساسة» كما ذكرت في إجابة السؤال السابق، ومشكلة عدم القدرة على الإنجاب بكافة تفاصيلها وأيضًا الخيانة الزوجية مشكلة كبيرة، والشك والاعتداء الجسدي أو اللفظي، والحل يكمُن في الوعي والاستزادة منه وعدم إجبار الفتاة على الزواج تحت الضغط، وعلينا تنظيم دورات تدريبية توعوية وتثقيفية حول الزواج وكيفية تفادي طرق الانفصال، ويجب علينا الذهاب إلى المُتخصصين لعلاج المشاكل التي نتعرض لها، وهذا ليس «عيبًا» على الإطلاق، الأمر أشبه بالذهاب للطبيب في حالة التعرض لوعكة صحية.

أرغب هنا في تدوين ملحوظة هامة للغاية وهي :

ليس كل الأشخاص مؤهلين «نفسيًا»، للزواج ودور الإعلام في نقاش هذه النقطة هام للغاية.

في رأيك .. كيف نختار شريك حياة مُناسب؟

في البداية علينا معرفة أنفُسنا وما يُناسبنا، الأمر يخضع لعدة معايير أهمها «توافُق» الجوانب الفكرية، الثقافية، العلمية، الاقتصادية، النفسية، والعطاء أيضًا لأن الأنانية عامل هدم رئيسي، وهناك شخص يكون طموحًا وآخر غير ذلك وهنا يحدث «عدم توازن» في الزواج.

 

لماذا يرى المجتمع جزئية «تأخُّر الزواج» شيئًا سيئًا و كيف نفهم العنوسة في رأيك وهل هي «سُبّة في جبين» العازبين والعازبات؟

للأسف، المجتمع دائمًا في حالة «خوف» وذلك أدى لآثار سلبية للغاية، علي سبيل المثال نجد أن حالة الخوف دفعت المجتمع لختان الفتيات حتى لا «تنحرف» عند البلوغ، وهذه الحالة من الخوف داخل العقل الجمعي أفرزت طرق غير صحية للمواجهة، وأيضًا الضغط على الفتاة من أجل الزواج، أما كلمة عانس إذا قمنا بالبحث عنها عبر الإنترنت سنجدها أن تُطلق على الجنسين وليس على الإناث فقط، وأضافت ضاحكة: «مينفعش في الثقافة بتاعتنا نقول على الراجل عانس».

للأسف، هذا الوصف «عانس» مُهين، وهناك أشخاص رفضوا فكرة الزواج لأنهم غير مؤهلين لتحمُل المسؤولية وترى أنها عبء ضخم عليها، وهؤلاء الأفراد لم يرضخوا للثقافة المجتمعية السائدة أو يلتفتوا للقب مثل «عانس».

هل الباحثة «موندا وديع» مؤيدة لبعض الأصوات التي طالبت بتدريب المُقبلين على الزواج واختبار جانبهُما الفكري والثقافي؟

بالقطع، أتمنى تفعيل ذلك هنا في مصر ويكون الأمر بشكل عميق لأنه سيُقدم زوجين في حالة نفسية رائعة المستوى سوف تُساعدهُما على تحمل المسؤولية بشكل سوي.

 

ما هي العوامل الهامة لتربية الأطفال لتقديم «طفل سوي» للمُجتمع في المُستقبل؟

*الحب والقبول بشكل غير مشروط بأشياء أخرى، ويتم التعبير عن ذلك عبر الاحتضان الجسدي والاهتمام وأحاديث، وعلينا أن نتقبلُه نفسيًا.

*وجود الوالدين هام للغاية، لأن أحيانا يُسافر الأب خارج البلاد، وذلك يلقي العبء على الأم بشكل كامل، وهنا عليها دور كبير أن تخلق حالة توازن بين مهام الأب والأم.

*الاهتمام الغير مُبالغ فيه، وتعليمه تَحمُل المسؤوليات وأن يكون قادرًا على اتخاذ قرارات، وأن أكون قدوة له في كل شئ لأنني بمثابة مرآة ستعكس كافة أفعاله، ولا نقوم بتعنيفه جسديًا.

*خلق حالة «آمان» للطفل لزرع الثقة بداخله والعمل باستمرار على النهوض بها.

ظاهرة التنمر انتشرت بشدة خلال الفترة الماضية، كيف نواجه ذلك ولاسيما أنها تُسبب تراكم نفسي سيئ ؟

ظاهرة التنمر متواجدة في مُجتمعنا «من زمان»، ولكن كان هناك حالة مجتمعية تقول : «هزار بين الأطفال»، وللأسف هذه الظاهرة لها آثار نفسية سيئة للغاية رُبما تدفع الطفل للانتقام أو الانتحار، لأنها تضغط على نفسيته، ونحتاج إلى عقد وتنظيم دورات تدريبية في المدارس والعمل بشكل مستمر على مراقبة سلوك المُتنمر، إضافة إلى خلق حالة «تشجيعية» من أسرة المُتنمر به من خلال دعمه نفسيًا وإخباره أن ذلك الواقعة حدثت بسبب أنه أفضل من المُتنمر سلوكيًا وعلميًا وغرس ثقافة ممارسة رياضة بعينها لاستعادة ثقته في نفسه، وأن نجعله قائدًا لنفسه بمعنى أنه يذهب للمُتنمر ويُخبره بأن مثل هذه الأفعال سيئة ولا تُناسب التعامل معه، وأن يقوم بتصعيد الأمر للمدير إن لم يجد استجابة من المُتنمر.

ملحوظة هامة: لابد من البحث بعمق شديد في أسباب التنمر والطفل الذي يتنمر على الآخرين، وأن نسأل أنفُسنا كـ والدين هذا السؤال: هل نحن مُتنمرون على أبنائنا بداعى الهزار فجعل منهم أشخاص غير أسوياء نفسيًا وفكريًا؟!

 في رأيك .. كيف نحمي الفرد من الدخول لعالم الأدمان؟

لابد أن نعلم و نتعرف على أسباب وصول الفرد إلى عالم الإدمان، والأسباب الأكثر شيوعًا هي الهروب من مشاكل حياتية وضغوطات، وأحيانا يُصبح الأمر مجرد فضول، والحل يكمُن في مواجهة هذه المشاكل ولاستبعاد أي طريق ربما يؤدي إلى هذا الأمر، وهام للغاية معرفة أصدقاء الابن، وأن يكون الوالدين أشخاص ليسوا مُدمنين، وعدم استخدام آلية «الرفاهية» في تربية الأبناء.

 

تصوير فوتوغرافي: «عبقرينو»

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register