راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

«بعد التصديق الرئاسي عليه»..قانون الجمعيات الأهلية الجديد يُثير الجدل..تقرير

تتفاوت النظرة تجاه قانون الجمعيات الأهلية الجديد بمصر, والذي وصفه الحقوقييون والسياسيون إنه تضيق جديد من السلطة على المجتمع المدني, بينما كان وصف الحكومة إنه تنظيم للساحة المدنية, وأصبح القانون مثير للجدل بعد التصديق عليه من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وفيما ترى الخارجية ، أن القانون لا ينطوي على أي تضييق تجاه المؤسسات والجمعيات الأهلية التي تقدر بقرابة 50 ألف مؤسسة وجمعية، يرى خبراء مختصون في تصريحات منفصلة للأناضول العكس، معربين عن قلقهم على مستقبل الحريات في ضوء ذلك التصديق.

وفي 29 مايو الماضي، صادق الرئيس عبد الفتاح السيسي، على قانون ينظّم عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، بعد نحو 6 أشهر من موافقة البرلمان، رغم تواصل الانتقادات الحقوقية المحلية والدولية للتشريع.

قانون يواجه انتقادات متوالية

قبل أن يقرّ البرلمان  تشريع الجمعيات الأهلية، توالت بيانات ناقدة عديدة، أبرزها صادر من منظمة العفو الدولية، التي وصفته في 19 نوفمبر الماضي، بأنه "الأكثر قمعا"، وفق بيان.

وقبلها بأسبوع أعلنت 6 أحزاب بينها "التيار الشعبي (يساري)"، و22 منظمة بينها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، في بيان مشترك أن القانون "يقضي فعليا على المجتمع المدني".

وعقب تصديق السيسي على القانون، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، الخميس الماضي، إن قانون الجمعيات الأهلية "سيزيد من تقييد مجال رصد حقوق الإنسان (..) وسيترك المدافعين عن تلك الحقوق أكثر عرضة للجزاءات والانتقام".

وقبلها بيوم حذر الاتحاد الأوروبي من تأثيرات سلبية للقانون على التعاون المشترك، مؤكدا أنه "يضع عبئا إضافيا على أنشطة المنظمات غير الحكومية" في مصر.

كما انتقد 3 أعضاء جمهوريين بمجلس الشيوخ الأمريكي القانون، ووصفوه بأنه مؤشر على حملة "جائرة" على حقوق الإنسان.

وصرحت مفوضة الحكومة الألمانية لحقوق الإنسان بيربل كوفلر، في 31 مايو الماضي، إنها "تشعر بقلق بالغ حيال قانون الجمعيات الأهلية الذي بدأ العمل به في مصر، حيث أنه يقيد بشدة الحقوق والحريات الخاصة بمنظمات المجتمع المدني وفي الوقت ذاته يزداد بشكل موازٍ تضييق المساحات المتاحة للإعلام".

وأشارت إلى أنه "في الوضع الحالي تحتاج مصر أكثر من أي وقت مضى إلى مجتمع مدني فاعل، بينما يضع القانون الجديد عقبات جساما".

ويمنح القانون الجهة التنفيذية مدة سنة لتوفيق أوضاع الجمعيات، مع إعطاء الوزير سلطة تحديد مبلغ رسوم إشهار الجمعيات بحد لا يزيد على 10 آلاف جنيه ويلزم القانون المؤسسة بتقديم خطاب بالإخطار لقيدها بالجهة الإدارية، لكن يحق للأخيرة خلال 60 يوما أن توقف القيد بقرار مسبب لتصويب الملاحظات على ملفها أو الطعن أمام المحكمة.

وينص على عقوبة السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات، إضافة إلى غرامة تصل إلى مليون جنيه لكل من عاون أو شارك منظمة أجنبية في ممارسة نشاط أهلي في مصر دون الحصول على تصريح.

ونفس العقوبة سارية لكل من شارك في إجراء بحوث ميدانية أو استطلاعات رأي في مجال العمل الأهلي دون الحصول على موافقة أمنية مسبقة، حسب القانون الجديد.

 للتنظيم وليس للتضييق

الخارجية ، ردت على منتقدي القانون مؤكدة في بيان سابق، أن "القانون خرج متسقًا مع الدستور ويهدف إلى إدراج جميع المنظمات غير الحكومية تحت مظلة قانونية واحدة مع وضع ضوابط محددة للتمويل، دون أية نية للتضييق على عملها".

وأكدت "التزام الحكومة المصرية بتعزيز وضعية المجتمع المدني والنهوض به على كافة الأصعدة، في إطار اقتناع بأهمية الدور الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية كشريك فعال في عملية التنمية".

وقالت الخارجية ، إن "بعض الكيانات الأهلية التي اعتادت العمل خارج مظلة القانون، وتتضرر مصالحها من صدور الإطار التشريعي الجديد، تسيء لصورة المجتمع المدني في مصر، الذي يضم قرابة الخمسين ألف جمعية تعمل بحرية وشفافية تامة في إطار القواعد والقوانين السارية".

بدوره أكد النائب محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب المصري المؤيد للنظام الحالي، في تصريحات صحفية سابقة، أن القانون ينحاز لكل منظمات المجتمع المدني ولا يهدف لتقييدها، ولا يتدخل في أنشطتها طالما لم تمارس السياسية أو تضرّ بالأمن القومي.

مخالفة دستورية وتقييد وحاضنة للإرهاب

على الجانب الآخر، يعتبر الحقوقي المصري، محمد زارع أن القانون "نهاية لعمل المجتمع المدني".

ويرجع ذلك، برأيه، إلى مخالفته الدستور لاسيما المادة 75 من دستور 2014 والتي تنص على أن إنشاء الجمعيات الأهلية يكون بمجرد الإخطار وتمارس نشاطها بحرية، ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شؤونها، أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائي.

وعلى مسافة واحدة، يرى الحقوقي المصري أحمد سميح، رئيس مركز أندلس لدراسات مناهضة العنف ، في حديث مع الأناضول أن هذا القانون "يوضح رؤية النظام السياسي لدور المجتمع المدني، ويبرز مدى رفض الدولة لنشاط المجتمع المدني".

ويتفق الأكاديمي المصري، حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مع الرأي السابق قائلًا إن "مستقبل العمل الأهلي في مصر شأنه شأن الأحزاب السياسية، والأول يشهد تضييقا لعدم الإيمان بالعمل السياسي الحر".

ويعتبر نافعة في حديثه لـ "الأناضول" القانون "وسيلة لدحض فرص ممارسة عمل مدني حقيقي خاصة جماعات حقوق الإنسان وكل من يعمل على القضايا السياسية".

ويوضح أنه "يتم النظر لهذه المؤسسات بشك دائم، فيما تشجع الدولة فقط المؤسسات التي تعمل على التنمية".

"التشكيك في عمل الجمعيات الأهلية" هو فلسفة القانون، كما يرى الأكاديمي المصري، مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إنه يتعارض مع ما يقر به الدستور من حق التجمع وحق إقامة الجمعيات ويُدخل قيود على ممارسة المواطنين لهذا الحق.

وفي رأي الكاتب الصحفي المصري، عبد الله السناوي، فإن الضيق بالعمل الأهلى التطوعي في قانون الجمعيات، يفضى إلى تفريغ حيوية المجتمع ويوفر مزيد من الحضانات الاجتماعية للعنف والإرهاب.

ويقول السناوي: "نحن نتحدث عن أكثر من 45 ألف جمعية أهلية أغلبها تساعد في توفير خدمات صحية وتعليمية لمناطق تعجز الدولة عن الوصول إليها (..) من يملأ الفراغ؟، إنها الجماعات التي توصف بالإرهاب".

ولا يزال القضاء ينظر قضية بارزة للجمعيات الأهلية متعلقة بتمويل أجنبي، وصدرت الأشهر الأخيرة قرارات قضائية بالتحفظ على أموال حقوقيين على خلفية تحقيقات بتهمة "تلقيهم تمويلًا أجنبيًا من جهات خارجية بالمخالفة لأحكام القانون، بمبلغ يزيد عن مليون ونصف مليون دولار أمريكي"، وفق أوراق القضية التي اطلعت عليها الأناضول.

وتتعرض مصر لانتقادات من جهات محلية ودولية بسبب الوضع الحقوقي بها، وهو ما اعتادت أن تنفيه السلطات المصرية، مؤكدة أنها "تدعم حرية التعبير عن الرأي، والمؤسسات الحقوقية واستقلال القضاء".

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register