بعد زيادة الدعم قبل العيد …"أنبوبة البوتجاز" ترتفع في مصر بنسبة 100%
ارتفعت أسعار البنزين في مصر للمرة الثانية منذ تعويم الجنيه في نوفمبر, لتصل إلى 6.60 جنيه للتر الواحد لبنزين طراز 95 أوكتان، أي بارتفاع 5.6%. كما ارتفع سعر السولار إلى 3 جنيهات و5 قروش، أي بزيادة 55%، وارتفع سعر غاز السيارات إلى جنيهين للمتر المكعب، غير أن الزيادة الأكبر كانت من نصيب أسطوانة البوتاجاز التي تم مضاعفة سعرها.
وصرّح وزير البترول المصري طارق الملا أن إجمالي حجم دعم المواد البترولية في موازنة 2017-2018 سينخفض من 145 مليارا إلى 110 مليارات جنيه، لكنه قال "حجم الوفر في دعم الطاقة قد يتغير في أي وقت تبعا للأسعار العالمية".
وذكر الملا أن الحكومة رفعت سعر بنزين 92 أوكتين إلى 5 جنيهات، ما يعادل 0.28 دولار للتر من 3.5 جنيه بزيادة نحو 43%، كما رفعت سعر بنزين 80 أوكتين إلى 3.65 جنيه من 2.35 جنيه بزيادة 55%.
يذكر أن رفع أسعار الوقود يأتي في إطار خطة ترشيد الدعم، وسيحقق وفرا في فاتورة دعم الطاقة بنحو 35 مليار جنيه.
يعتبر الدعم في مصر من أبرز مشاكل الاقتصاد المصري، بل السبب الرئيسي وراء تفاقم عجز الموازنة عاما بعد الآخر.
وتحول التخلص من الدعم منذ الثمانينات إلى عنصر رئيسي فى النصائح التي توجهها المؤسسات الدولية لمصر في سبيل تحقيق برامج الإصلاح الاقتصادي.
ولكن إلغاء الدعم في مصر، الذي بدأ تطبيقه في فترة الحرب العالمية الثانية ومنذ عام 1941، لا تحكمه الاعتبارات الاقتصادية فقط بل الوزن الأكبر للاعتبارات السياسية، خاصة أن معدلات الفقر في مصر مرتفعة كما أن أي ارتفاع في أسعار المحروقات يؤدي تلقائيا إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع.
وكان القلق السياسي دائما عائقا دون إلغاء الدعم خاصة بعد انتفاضة 1977 حيث قررت الحكومات المتتالية العمل على استراتيجية طويلة المدى متدرجة في خفض الدعم، بافتراض أن التغيير التدريجي لن يجعل المواطنين يشعرون بالتغير الحاد في مستوى المعيشة.
غير أن ذلك تسبب في تفاقم عجز الموازنة مع ارتفاع قيمة الدعم خاصة الموجه للمحروقات والكهرباء سنويا لأسباب عديدة، أهمها ارتفاع عدد السكان إلى 93 مليون مواطن في الداخل، إضافة إلى ارتفاع أسعار السلع عالميا خاصة البترول.
ورغم أن الحكومة أعلنت برنامجا للإصلاح الاقتصادى يستهدف التخلص من الدعم خلال 3 سنوات، إلا أن رئيس الوزراء أعلن في الأيام القليلة الماضية عن توقعات برفع دعم المواد البترولية المتوقع في موازنة 2017-2018 بنحو 34.85 مليار جنيه، ودعم الكهرباء بنحو 50 مليار جنيه.
وقال رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، إن دعم المواد البترولية قد يتجاوز 145 مليار جنيه في السنة المالية 2017-2018، في حين قد يبلغ دعم الكهرباء 80 مليار جنيه، لتبلغ القيمة الإجمالية نحو 225 مليار جنيه.
توقعات بارتفاع أسعار المحروقات
ويتوقع المصريون ارتفاعاً في أسعار المحروقات خلال الربع الأول من العام المالي الجديد 2017/2018 أي اعتبارا من يوليو القادم.
وفي هذا السياق، يشير رئيس قطاع البحوث في بلتون فاينانشال، هاني جنينة، إلى أن أسعار المنتجات في مصر تتراوح ما بين 2 و3.5 جنيه للتر، موضحا أنه بحسابات محددة نستطيع تقدير الإيرادات المتوقعة للهيئة العامة للبترول من بيع المنتجات البترولية بالأسعار الحالية في 2017، كالآتي: بوتاجاز 4 مليارات جنيه – بنزين 80 نحو 7.5 مليار جنيه – بنزين 92 نحو 15 مليار جنيه – بنزين 95 نحو 3 مليارات جنيه – سولار 41 مليار جنيه – مازوت 32 مليار جنيه – كيروسين عادى 750 مليون جنيه – وقود طائرات 9 مليارات جنيه.
ليكون بذلك إجمالي الإيرادات 112.250 مليار جنيه وصافي الإيرادات بعد خصم هامش ربح محطات البنزين (حوالي 2%) يقارب 110 مليارات جنيه.
وأوضح أنه بحساب التكاليف تنتج مصر حوالي 250 مليون برميل خام ومتكثفات سنويا، ولكن نصف الإنتاج تقريباً يمتلكه الشركاء الأجانب كنصيبهم مقابل عمليات التنقيب والإنتاج.
وبالتالى يبلغ نصيب مصر حوالي 125 مليون برميل سنوياً، وتشتري الدولة باقي احتياجاتها من حصة الشريك الأجنبي بسعر السوق العالمي والاستيراد من دول الخليج، وهذا يعني أن نصيب مصر يغطي فقط 40% من الاستهلاك عند معدله الحالي مقارنة بنسبة 100% في منتصف التسعينات.
وبما أن مصر تشتري مزيجا من الخام والمكرر، فإن متوسط سعر الشراء يفوق الـ55 دولارا للبرميل، وهو سعر البرميل المستخدم في إعداد الموازنة للعام المالي القادم. فإذا استخدمنا متوسط 65 دولارا مع الوضع في الاعتبار تكاليف النولون البحري والتخزين في المستودعات والتكرير والتوزيع ستكون تكلفه الـ185 مليون برميل حوالي 216 مليار جنيه.
وبناءً علي ما سبق، يرى جنينة أن إجمالي الخساره التي سوف تتكبدها الهيئه العامه للبترول، بدون النظر إلى أي تكاليف أخرى كتكاليف عمالة وسداد ديون وتكاليف إحلال وتجديد معامل التكرير المتهالكة، تساوي 106 مليارات جنيه وهو رقم مقارب جداً للرقم المستخدم في موازنة 2017/2018 والبالغ 110 مليارات جنيه للمواد البتروليه فقط ومقارب لرقم الدعم في العام المالي الحالي والمقدر بحوالي 101 مليار جنيه.
إيرادات بيع المواد البترولية
وبالتالى إيرادات بيع المواد البترولية بهذه الأسعار لا يغطّي أكثر من حوالي 50% من التكاليف، وهو رقم قريب أيضاً من الأرقام المعلنة من مصادر رسمية. لذا فإن إعادة التوازن المالي للهيئة العامة للبترول يحتاج إلى مضاعفة سعر البيع على الأقل لكل المنتجات وفي حالة غاز البوتجاز- البيوتان إلى رفع السعر حوالي 5 أضعاف السعر الحالي.
وانتهى جنينة إلى أن الأسعار العادلة للمواد البترولية الرئيسية في مصر كالآتي: بنزين 92 من 6 إلى 7 جنيهات للتر، والسولار نحو 6 جنيهات والبوتاجاز نحو 3 جنيهات للتر، أي 75 جنيها للأنبوبة وزن 12.5 كيلو.
وإذا تم حساب تكلفة نصيب مصر من الخام الـ125 مليون برميل بطريقة الفرصة البديلة أي أن تجني منه عائدا عند بيعه في السوق المحلي مساويا للعائد من بيعه في السوق العالمي سوف تكون الأسعار التعادلية للبنزين والسولار أقرب إلى 9 جنيهات للتر.