بعد 125 يوما.. فشل جميع محاولات قطر للتحايل على الدول العربية
منذ بدء مقاطة الدول العربية المكافحة للإرهاب، بمقاطعة دولة قطر، قامت الدوحة بالعديد من المحاولات للتحايل على تلك الدول لفك المفاطعة، ويرصد "زهرة التحرير أهم ما تداولته الوكالات العالمية بهذا الصدد.
على مدار 125 يوما، شهدت المنطقة العربية عددا من الأحداث المتلاحقة بالأزمة القطرية، التي تصاعدت وتيرتها بشكل ضخم منذ الأمس وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم، حيث أعلنت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب مصر والسعودية والإمارات والبحرين، إن تصريحات وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الأخيرة، تؤكد رفض الدوحة للحوار، مضيفة أن دولا أخرى لم تعلن موقفها بسبب التغلغل القطري في شأنها، لافتة إلى أن الأزمة في قطر ليست خلافا خليجيا فحسب، وأن الحوار مع قطر بشأن تنفيذ المطالب لا يجب أن تسبقه شروط.
جاء ذلك بعد ساعات قليلة، من المؤتمر المشترك بين أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي صرح فيه الصباح أن قطر مستعدة لبحث المطالب الـ13، التي طرحتها عليها دول المقاطعة، والجلوس إلى طاولة الحوار، معربا عن تفاؤله بأفق حل الأزمة الخليجية، إلا أنه بعد مرور مدة وجيزة رد وزير خارجية قطر، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، قائلا إن جميع المطالب الـ13 تمس سيادة قطر، وأصبحت من الماضي.
وقال الوزير القطري، حسب تغريدات للخارجية القطرية، نقلا عن وسائل إعلام في الدوحة، إن موقف بلاده واضح منذ بداية الأزمة، بقبولها بحث المطالب، شريطة ألا تكون في شكل إملاءات من الطرف الآخر، وإنما الوصول إلى حل من خلال الحوار القائم على أسس لا تمس السيادة ولا تخترق القانون الدولي، بحسب قوله.
وفي 5 يونيو الماضي، أعلنت الدول الأربع مقاطعة قطر، بإغلاق الأجواء أمام حركة الطيران وإقفال الموانئ والمياه الإقليمية أمام الملاحة من وإلى قطر، أيضا إغلاق الحدود البرية السعودية، ومن ثم شهد الشهران الماضيان أحداثا متلاحقة لحل الأزمة، من بيانات رسمية أعلنت فيها الدول المقاطعة مطالبها الـ13، التي تم تقليصها إلى 6 لإعادة العلاقات، بينما ذاعت قطر أن تلك الأحداث بمثابة "حصار" لها وحاولت تسييس الأزمة إلى أن منعت مواطنيها من الحج هذا العام.
وخلال تلك الفترة سعت العديد من الدول للوساطة بين طرفي الأزمة لإنهائها وتهدئة الأوضاع بالمنطقة العربية، وتزعمت الكويت تلك الوساطة حيث سارعت في بادئ الأمر بإرسالة رسالة لأمير قطر تميم بن حمد تدعوه فيها لتهدئة الأوضاع والمطالبة بعدم التصعيد، كما أجرى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت زيارة إلى السعودية ثم لقطر.
بينما كان لأمريكا دور كبير في الوساطة أيضا، ففي 10 يونيو 2017، أكد الرئيس الأمريكي في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، أن قطر لها تاريخ طويل في دعم الإرهاب بالشرق الأوسط، ودعا دول الخليج ودول الجوار لاتخاذ المزيد من الإجراءات لمكافحة الإرهاب، كما أجرى اتصالًا هاتفيًا مع محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، تناول فيه قضايا "قطع الدعم بشكل كامل عن الإرهابيين والمتطرفين، وحل الأزمة القطرية".
كما دعا وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قطر إلى بذل مزيد من الجهود لوقف دعم الإرهاب، وضرورة عمل جميع الأطراف من أجل الوصول إلى حل سلمي ودبلوماسي لهذه الأزمة، وفي يوم الثلاثاء الموافق 11 يوليو الماضي، وقعت قطر والولايات المتحدة مذكرة تفاهم بينهما تحدد الخطوط العريضة للجهود المستقبلية التي يمكن لقطر القيام بها من أجل تعزيز كفاحها ضد الإرهاب والتصدي بنشاط لقضايا تمويل الإرهاب.
إلا أنه الثلاثاء الماضي، تغيير الموقف الأمريكي من دعم الدول المقاطعة إلى تأييد الدوحة، حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكي أن قطر ملتزمة بتعهداتها في إطار مذكرة التفاهم، التي وقعتها معه حول مكافحة الإرهاب وتمويله، مضيفا "إننا نشعر بقلق كبير من هذا الخلاف، لأننا نعتقد أنه يزعزع استقرار منطقة الخليج ويقوض وحدة جهود مكافحة الإرهاب والوحدة في مجلس التعاون الخليجي، الذي نعتبر أنه يقوم بدور مهم في دعم الاستقرار هناك".
وشاركت أيضا بريطانيا في جهود الوساطة، حيث أجرى وزير الخارجية البريطانى، بوريس جونسون، جولة خليجية شملت السعودية والكويت وقطر، لبحث تطورات الخلاف الخليجي وسبل احتوائه، ودعم وساطة دولة الكويت ومساعيها لرأب الصدع فى الخلافات بين قطر من جهة ومصر والسعودية والإمارات والبحرين، مؤكدا أن رئيسة الوزراء، تيريزا ماى، سبق وأكدت أن أمن الخليج من أمن بريطانيا التى ستظل ملتزمة بقوة باستقرار المنطقة، داعيا جميع الأطراف إلى القيام بدور بناء من أجل استعادة وحدة مجلس التعاون الخليجى، إلا أنها لم تثمر بجديد أيضا.
ومن ناحيته، زار أيضا الرئيس رجب طيب أردوغان كل من السعودية والكويت وقطر، يومي 23 و24 يوليو الماضي، في محاولة لتبديد التوتر بين قطر والإمارات والسعودية، بعد رفض الدوحة تنفيذ المطالب الـ13 التي قدمتها لها الدول الأربع، ولكن تلك الزيارة أيضا لم تؤدي إلى حل الأزمة ولاقت نفس مصير سابقيها.
وأثناء زيارة وزيرا لخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل، أمس، للقاهرة، تناول في لقائه مع السفير سامح شكري، وزيرا لخارجية أيضا سبل حل الأزمة لسرعة إنهائها وتهدأة الأوضاع بالمنطقة العربية أيضا.
وفي بادرة، أعلنت بريطانيا، في 31 أغسطس الماضي، عقد أول مؤتمر عربي وعالمي بشأن الأزمة القطرية وتداعيتها السياسية والاقتصادية الواسعة على الخليج والمنطقة والعالم، في 14 سبتمبر المقبل، بمشاركة عدد كبير من الشخصيات السياسية العربية والعالمية، والمهتمين بشؤون المنطقة من أكاديميين وإعلاميين، ومن القطريين، ممن سيتباحثون عن مستقبل قطر في ضوء الأزمة التي مر عليها أكثر من 3 أشهر، في ظل إصرار الدول الداعية لمكافحة الإرهاب على حسم الوضع مع قطر، ووضعها أمام خياري تغيير سياساتها أو القطيعة.
وفي 5 سبتمبر الجاري، اختارت وزارة الخارجية الفرنسية، سفير البلاد السابق إلى السعودية برتران بيزانسنو ليكون مبعوثها الخاص لبحث كيف يمكن أن تدعم باريس جهود الوساطة في الخلاف بين قطر وعدد من جيرانها.
ورغم تعدد دول الوساطة، من الكويتية للأمريكية والبريطانية والتركية، وإبداء دول أخرى استعدادها للتدخل لحل الأزمة، إلا أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل، حيث لم تتراجع قطر عن موقفها لدعم الإرهاب، ويرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية والخبير في شؤون الشرق الأوسط، أن سبل حل الأزمة تكمن في السعودية والكويت وقطر فقط، أي أنها من الأراضي العربية وليس في الدول الغربية، مشيرا إلى أن ذلك هو نفسه رأي أنور قرقاش، وزير الخارجية الإماراتي، الذي سبق أن صرح به.
وأكد فهمي، في تصريح لـ"الوطن"، أن قطر لم تسمح بإنجاح أي من جهود الوساطة، لاعتمادها على سياسة المراوغة وازدواجية الخطاب التي تتبعها دائما في علاقتها مع الغرب، بتصدير فكرة أنها محاصرة وأن المقاطعة تهدف لإفقار الشعب القطري، وأنها ليست داعمة للإرهاب القطري بينما تدعم الإرهاب فعليا بالداخل، لذلك تماطل وترواغ في المواقف والرد على الدول المقاطعة من ناحية، لسعيها إلى إشعال الأزمة وتصعيدها عالميا وإظهارها بشكل الضحية بتصديرها للغرب فكرة أن المقاطعة هدفها إفقار وحصار الشعب وبأخرى.